لا ألوم أسرة تخشى من الإرهاب فتهجر دارها ومالها. إنما ألوم دولة تسمح بالتهجير والنزوح. دعك مبدئيا من مسألة الدولة، التى تستقبل النازحين فى الإسماعيلية. اسأل عن الدولة، التى تم تهجيرها من العريش. كيف تقبل الدولة نزوح أهلنا من العريش؟
جدير بالدولة الآن إيقاف أى موجة نزوح جديدة وإعادة من نزحوا إلى بيوتهم ومدينتهم آمنين. النزوح والتهجير يعنى شيئا واحدا لاغيره أنه لادولة فى العريش. لادولة قادرة على السيطرة فى العريش.
لايمكنك الاعتماد بالمرة على تفسيرات بائسة من نوع أن الإرهاب يعكس يأسه ومحاصرته باستهداف أهلنا فى العريش أو أن الأجهزة المسؤولة لم تنصح الأهالى بالنزوح. مسؤوليتك تتحدد فى شىء واحد لاغيره. فرض سيطرة الدولة كاملة فى العريش. مادون هذا يدخلنا فى بيئة الإقليم التى ليس فيها إلا تهجير ونزوح وكل مايجلب احتلالا وسيادة معدومة.
لك أن تفهم بوضوح أن الإرهاب القابع فى العريش وبقية أنحاء شمال سيناء ليس سوى ذيل الكلب الذى يأتى بالتدخل الأجنبى والاحتلال. لا أظنك غافلا عن تصريحات نتانياهو الأخيرة بعد صواريخ أطلقها الإرهابيون على إيلات. قال نتانياهو إن إسرائيل سترد على المهاجمين.
تعرف كما نعرف جيدا أنه عندما تفشل دولة فى منع استخدام أراضيها لشن هجمات على أخرى تكتسب الأخيرة الحق فى منع مثل هذه الهجمات.
ماذا نكون فى مثل هذه الحالة؟ وفِى أى وضع؟ لا أقول إنك لاتحارب الإرهاب إنما أقول بوضوح تام إن القضية الرئيسية الآن هى فرض سيطرة الدولة.
هذه مسألة تحتاج أولا إلى إعادة النظر إلى مجمل أوضاع أهلنا فى سيناء والعريش. يتطلب الوضع بإلحاح ضرورة إعادة الاعتبار للعائلات الكبيرة فى العريش خصوصا وبقية أنحاء سيناء. هذه العائلات صاحبة أفضال وطنية عديدة دون أدوارها لم يكن ممكنا لنا التخلص من الاحتلال الإسرائيلى. إنما للأسف ساهمت الدولة كثيرا فى تهميش دور مثل هذه العائلات وإضعافها بعد تحرير سيناء. يتطلب الوضع أيضا نظرة منصفة لوضع القبائل البدوية فى سيناء خاصة على صعيد مطالبتهم الحقة بتمليكهم أراضيهم داخل سيناء. إلى جانب احترام أوضاعهم الخاصة وحرية ممارساتهم لأعرافهم وتقاليدهم المتوارثة، كذلك تحتاج العريش وسيناء إلى إدارة محلية خبيرة بأوضاعها الذاتية. لا أظن أن الإدارة الحالية التى تضاعف فشلها حتى وصلنا إلى درجة النزوح والتهجير جديرة بالبقاء فى مناصبها الحالية.
أخيرا هل يكفى الجيش وحده فى محاربة الإرهاب؟ بالطبع لا.
ارجع إلى تجاربنا السابقة مع الاحتلال الإسرائيلى. قارنها بتجربتنا الحالية مع ذيل الاحتلال المسمى بالإرهاب. لم يكن ممكنا التخلص من احتلال إسرائيل دون جهود أهلنا فى سيناء الذين انخرطوا فى المقاومة والفداء. ليس ممكنا الآن التخلص من ذيل الاحتلال المسمى بالإرهاب دون تنظيم وتسليح مجموعات من أهلنا فى العريش وسيناء دفاعا عن أنفسهم والبلد.
هذه قضية وطنية من الدرجة الأولى وليست فقط مجرد مواجهة إرهاب. تسليح الأهالى فى العريش وسيناء ليس خطرا. سبق لهذه الدولة تسليح وتنظيم مجموعات من الأهالى فى أشكال من المقاومة الشعبية تصدت للعدوان الثلاثى فى بورسعيد وللعدوان الإسرائيلى على السويس.
ولو كان من أهلنا من يحمل السلاح وتدرب عليه لما تمكن الإرهابيون من قتل وذبح البعض داخل العريش وغيرها من مناطق سيناء ولبقى الكل يقاوم لا يهاجر أو ينزح. ولو كانت الدولة حاضرة بقوة الدولة والأهالى فى العريش وبقية سيناء لما كان سؤال ولا خطر. ولاعشنا يوما نرى ذيلا لكلب احتلال وتدخل أجنبى يسمى إرهابا.
ولا كان سؤالا عن الدولة، التى تم تهجيرها من العريش.
عن المصري اليوم