تكثر في فترات التراجع والضعف والهوان والانحسار– كما هو حالنا في فلسطين اليوم - تفسيرات وحكايات كثيرة عن أسباب الهزائم، تماما كما حصل بعد هزيمة حزيران 1967، حيث انبرى الشيوخ ورجال الدين في حينه بتفسير وتبرير ذلك ببعدنا عن الدين؟ وها هم يطلون علينا اليوم من على بعض المنابر ويقولون لنا شيئا مماثلا ولكنه يحمل في طياته إساءات بالغة لصبايا ونساء فلسطين الماجدات. فحينما يتفوه خطيب بكلمات أقل ما يقال فيها بأنها ليس فقط غير صحيحة، وإنما تحمل تجنيا وقدحا وذما على أخواتنا وبناتنا وأمهاتنا وزوجاتنا. فحينما يقرر من على المنبر بأن سبب هزائمنا هن" الكاسيات والعاريات والمتمايلات من الفتيات والنساء "!!هكذا إذن وبدون مقدمات قرر خطيب يوم الجمعة 17 شباط وبأعلى صوته وبحماسة منقطعة النظير وبصوت جهوري بدون تلعثم ما يعتقد بأنه سبب الهزائم.
من المؤكد أن الخطيب ليس له علاقة أو معرفة بوطنية نساء ولا صبايا فلسطين وغير مطل على قدرتهن ودورهن في كل مراحل النضال الوطني الفلسطيني ضد كل الاحتلالات المتتالية العثمانية والبريطانية والإسرائيلية. لذا فمن الأهمية بمكان الرد على الخطيب بنقاط لتفنيد كل ما جاء في خطبته غير الموفقة والظالمة والتي تجاوزت الحدود بإساءته لفتيات ونساء ومناضلات شعب فلسطين وتحميلهن سبب الهزائم، لذا وحتى لا تسول له نفسه بتكرار هذه الأقاويل المتشددة فسنرد عليه ردا مختصرا وموضوعيا.
١-كاتب المقال ومئات معه على استعداد لمرافقة الشيخ ملقي الخطبة من شمال فلسطين إلى جنوبها ومن غربها إلى شرقها بمرافقة جهاز تصوير إعلامي متخصص ليصور ويوثق أين هن النساء والفتيات العاريات الكاسيات المتمايلات فإن وجدنا فله الحق فيما ادعاه وإن لم نجد فعليه ومن نفس المنبر أن يعتذر لنساء فلسطين علنا ويكف نهائيا هو وبقية أقرانه عن تكرار هذه المعزوفة الداعشية الدخيلة على مجتمعنا الفلسطيني.
٢- وما سبق ينطبق تماما على كل بنات ونساء فلسطين في دول اللجوء والشتات والمخيمات بمعنى أن الزيارة ستكون في الداخل والخارج على حد سواء.
٣- الكاسيات العاريات والمتمايلات موجودات في الشواطئ والمدن التركية حيث «سلطان الإسلام» اردوغان يحكم ويدير شؤون الدولة. فلماذا لا تتم الإشارة إلى الدولة العثمانية العلية.!!
٤- نساء فلسطين منذ قرون وهن يناضلن جنبا إلى جنب مع رجالهن وإخوانهن وأبناء مدنهن وقراهن ومخيماتهن صابرات مجاهدات، مؤمنات متصديات بإيمان وثقة وببسالة وشجاعة للمحتلين من كل الجنسيات الذين وطأت أقدامهم الهمجية أرض فلسطين.
٥- نساء فلسطين من أمثال سميحة خليل وعصام عبد الهادي وزليخة الشهابي وفدوى طوقان ومئات غيرهن، كن قدوة ومثالا يحتذى بهن في الشجاعة والصبر والمواجهة والعطاء والتحمل اللامحدود وبناء المجتمع وتربية الأجيال في ذات الوقت. فعندما تراخى الرجال عن حماية الأقصى أسرعن للتصدي لقطعان المستوطنين والدفاع عنه بكل صلابة وتحدي شهد له العالم كله.
٦- نساء وفتيات فلسطين في أرض الإسراء والمعراج وخارجها وبكافة مناطق الشتات قدمن وما زلن عشرات الشهيدات والمعتقلات والأسيرات في سبيل الدفاع عن فلسطين والاقصى وتعرضن مرات عدة للضرب والاهانة والاعتقال من قبل قوات الاحتلال على مرأى من الرجال بما فيهم بعض الخطباء، الذين وقفوا عاجزين عن حمايتهن من جنود الاحتلال ومستوطنيه.
٧- نساء فلسطين وفتياتها لم يكنَّ يوما غير مناضلات عزيزات ماجدات رائعات قويات شجاعات مؤدبات يملكن عزيمة لا تلين ولا يعرفن عبارات «العاريات الكاسيات المتمايلات»، فهذه الكلمات تعكس حالة مطلقيها ونفسيتهم لا أكثر.
٨-منبر صلاح الدين الأيوبي في المسجد الأقصى المبارك وغيره من منابر المساجد ليست مكانا للإساءة لنساء فلسطين ونضالاتهن فعلى من يقف على هذه المنابر أن يحترم ويقدر ويشيد بنساء فلسطين. وما ذكره الخطيب المذكور في اليوم المشار إليه يجب أن لا يتكرر وان يقدم اعتذارا لكل الماجدات الفلسطينيات ويوضح ما جاء في خطبته تلك.
٩- أما سبب الهزائم المتتالية فهي في الجهل وتفشي ظاهرة الفكر الضال المتشدد، الداعشي، وعدم الأخذ بناصية العلم والتوقف عن الخزعبلات وبث سموم التخلف في صفوف شعب فلسطين، والتساوق مع سياسة الولايات المتحدة الأميركية صديقة وممولة الاحتلال الإسرائيلي وسياسة التفريق بين المسلمين والعرب على أساس مذهبي وطائفي ووضع كل أموال العرب في البنوك الربوية الغربية وخاصة الأميركية منها، وصداقة الأنظمة العربية والإسلامية للاحتلال الإسرائيلي، ووقف المساعدات بأنواعها عن شعب فلسطين واعتراف الكثير من الدول الإسلامية عدا إيران وباكستان وماليزيا بإسرائيل ،بل أن بعضها يقيم أحلافا معها للتآمر على الدول العربية والإسلامية.
هذه هي أهم أسباب الهزائم وليست «الكاسيات العاريات المتمايلات». وعلى بعض الخطباء أن يتقوا الله في كل ما يقولونه ويخشون يوم الحساب.