يقع مخيم عين الحلوة، على تخوم مدينة صيدا، جنوب لبنان. تأسس في العام ١٩٤٨ بعد هجرة الفلسطينيين بفعل حرب ١٩٤٨ من ديارهم. يتشكل المخيم، في منطقة من قرى الجليل الأعلى. مساحة المخيم لا تتناسب مع عدد سكانه، لذا ومنذ تأسيسه، تميزت شوارعه بالضيق، بل والضيق الشديد، ولعل موقف الحكومات اللبنانية المتعاقبة، من تجنب بنائه، على أُسس تليق بشروط الصحة والأمان، جعلت من بنائه غير صحي وغير لائق، بعد حظر البناء بالأسمنت، والسماح «بالزينكو» البسيط، تجنباً للاستقرار!!! بما يتنافى مع اللجوء والمخيمات.
حُرّم على الفلسطيني العمل بنحو ٩٣ مهنة، ما أسهم في بقاء الفقر والعوز ... عاش الفلسطينيون في لبنان وحتى ١٩٧٠ تحت ضغط الأمن اللبناني والدرك، حتى اتفاق القاهرة ١٩٧٠، حيث بدأ الفلسطينيون، الانخراط في التدريب العسكري والانخراط في الفصائل الفلسطينية، على نحو عملي.
لعب مخيم عين الحلوة، دوراً أساسياً في الحياة العسكرية والسياسية، لفلسطينيي لبنان، وكان له إسهاماته البارزة في بناء القوة العسكرية الفلسطينية، في جنوب لبنان. كما لعب المخيم دوراً بارزاً في حرب 1982 واجتياح الجنوب اللبناني وحصار بيروت، وبعد مغادرة قوات م.ت.ف لبنان، تعرض المخيم لأكثر من عدوان من ذوي القربى، من فلسطينيين إبان حرب المخيمات، أو من اللبنانيين لحسابات ضيقة.
ما شكل خطراً حقيقياً على مخيم عين الحلوة، هو تسرب عناصر لبنانية، وعربية، من المطلوبين للحكومة اللبنانية، الى داخل المخيم، واستخدامه كمأوى للفارين من وجه العدالة، وكان بعض هؤلاء المطلوبين، الصادرة بحقهم مذكرات توقيف لبنانية، من ذوي الاتجاهات الاسلامية المتشددة.
ولعل أبرز ما ساعدهم على ذلك، خلو المخيم، من العناصر الأمنية اللبنانية، وغياب السلطة اللبنانية عنه، وانتشار السلاح الفلسطيني، بدلاً منه. فرض هؤلاء الفارون من وجه العدالة، بقاءهم ووجودهم داخل المخيم، بعدما استغلوا بعض الخلافات بين الفصائل الفلسطينية، ووجدوا نوعاً من الحماية المباشرة، وغير المباشرة من بعض القوى الفلسطينية، لأسباب تتعلق بالخلاف الداخلي والمناكفات، وغير ذلك.
سبب ذلك نوعاً من الخلافات بين السلطات اللبنانية، وبين الفلسطينيين، وأبرزهم حركة فتح، وبدأت السلطات اللبنانية، مطالبتها العادلة بتسليم هؤلاء المطلوبين للعدالة اللبنانية، ما شكل احراجاً، لـ «فتح»، التي تجنبت الاشتباك الداخلي، في المخيم، ورأت بأن تجنيب المخيم الاشتباكات، وما ستجره من دمار وقتل، داخل ازقة المخيم، هو الطريق الأفضل، في ظل الصمت وتجاهل وجودهم. في الآونة الأخيرة، ازدادت حدة الاشتباكات وكان بعضها مفتعلا، بل وبلغت حداً لا يمكن العيش والتعايش معه، ودخلت على الخط عناصر حاقدة وغير مسؤولة، وكان في المقدم منها، عناصر ما يسمى «بجماعة دحلان» .. وكانوا ممن يقفون إلى جانب عناصر مطلوبة للعدالة اللبنانية.
تداعت القوى والفصائل الفلسطينية داخل «عين الحلوة» وتدارست الوضع القائم، وكان الإجماع، بأن تسليم المطلوبين، للسلطات اللبنانية، ومهما كلف ذلك، من جهد عسكري، له تداعياته بالطبع، افضل وأيسر وأسهل، من التضحية بالمخيم وأهله .. فطلبت قيادة الفصائل الفلسطينية، في لبنان، من جميع المطلوبين غير الفلسطينيين الخروج من عين الحلوة، فوراً، على اعتبار ان المخيم، ليس مأوى للمطلوبين .. وجددت هذه القيادة تمسكها بالاستقرار الأمني، باعتباره عنواناً لقضية اللاجئين وحق العودة.
بعد هذا القرار الحاسم والواضح، بدأ بعض المطلوبين بالاستجابة وبعضهم وضع شروطاً لخروجه من المخيم، ولا تزال الجهود تتواصل، من أجل خروجهم، والحفاظ على الأمن والاستقرار، داخل المخيم، واعتبار الفلسطينيين في لبنان ضيوفاً يعيشون تحت القانون، انسجاماً مع الموقف الرسمي الفلسطيني.