التهويل الإسرائيلي وأسباب العدوان القائمة

thumbgen (35)
حجم الخط
 

تناول كبار المحللون العسكريون الإسرائيليون في الصحافية الإسرائيلية أمس الجمعة والذين يحصلون على معلوماتهم وتقييماتهم من الأجهزة الأمنية الإسرائيلية إحتمال شن إسرائيل عدوان جديد على قطاع غزة في الربيع القادم وأخذت التحليلات طابع التهويل والتحريض وفي الوقت ذاته ربما تفهم على انها تحذير.

 ويبدو أن المحللين العسكريين برغم التهويل الكبير يحذروا أيضا من ان التصعيد قد يؤدي إلى تدهور الأوضاع ومن نية بعض المسؤولين الإسرائيليين إستغلال التصعيد بشن عدوان جديد على الرغم من أن تقرير مراقب الدولة، يوسيف شابيرا، بشأن العدوان على قطاع غزة، في العام 2014 والذي وجه إنتقادات للقيادة السياسية للإستفادة من عبر عدوان 2014 وتفادي مواجهة مقبلة، لم يؤثر في تغيير سياساتها العدوانية ووحشيتها تجاه القطاع.

فقد نشر موقع “واللا” الألكتروني تقرير قال فيه إن التقديرات الحالية في الجيش الإسرائيلي هي أنه في الحرب المقبلة ستحاول حماس مفاجأة قوات الجيش الإسرائيلي عند الشريط الحدودي بين إسرائيل وقطاع غزة، بواسطة استخدام مقاتلي حماس للأنفاق الهجومية.

وقال كبير المحللين في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، ناحوم بارنيع، عن مصادر سياسية وصفها بأنّها رفيعة المُستوى قولها، إنّه في حال اندلاع مواجهة عسكرية جديدة بين إسرائيل وحماس، وباقي الفصائل الفلسطينية، فإنّ حماس قادرة اليوم، أكثر من أيّ وقتٍ مضى على دك العمق الإسرائيلي بالصواريخ، بما في ذلك مطار بن غوريون الدوليّ وشلّه تمامًا عن الحركة.

وقال بارنيع أنّ ما كان في عملية “الجرف الصامد” هو ما سيكون في المواجهة القادمة في حال اندلاعها، أيْ أن إسرائيل لن تتمكّن من حسم المعركة وإسقاط حكم حماس، كما كان يطالب وزير الأمن الحالي، أفيغدور ليبرمان، عندما كان في المعارضة.

بينما أشار المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، إلى أن الكثير من المزيج القابل للانفجار الذي جرّ إسرائيل وحماس إلى الحرب في أشهر صيف العام 2014، والذي تم استعراضه بالتفصيل في تقرير مراقب الدولة حول عملية الجرف الصامد العسكرية، عادت لتحوم في الأجواء مع اقتراب ربيع 2017.

وتابع هرئيل أن إسرائيل تأمل بمنع حرب جديدة لسببين، الأول هو التخوف في غزة من حرب كهذه بسبب الدمار الهائل وعدد القتلى الكبير الذين سقطوا في الحرب عام 2014، والسبب الثاني هو ما وصفه المحلل بتغيير سياسة مصر تجاه القطاع، في إشارة إلى حدوث تقارب بين مصر وحماس. غير أن هرئيل إدعى بأن هناك تطورات تزيد من مخاطر الحرب، وأهمها نابع من فوز يحيى السنوار، رئيس الذراع العسكري، بمنصب زعيم حماس في غزة وأنه “صارم ومتطرف جداً”. وبناء على ذلك، فإنه “في ظل أزمة “في القطاع” قد يحاول قيادة حركته إلى مواجهة عسكرية أخرى من أجل اختراق الحصار على غزة وإرغام إسرائيل بواسطة ضغوط دولية على الموافقة على سيطرة حماس على المعابر.

ويضيف أن محاولات إسرائيل لتدمير الأنفاق قد تدفع حماس إلى المبادرة لحرب من أجل استغلال الأنفاق الهجومية قبل أن تكتشفها إسرائيل وتدمرها، وأن نشاط التنظيمات السلفية المتطرفة في القطاع قد يؤثر باتجاه اندلاع حرب أخرى، وأنه في حال سقط قتلى في إسرائيل جراء إطلاق هذه التنظيمات صواريخ، فإن إسرائيل قد تشن هجمات شديدة تؤدي إلى تفجر الوضع.

ويرى المحللون العسكريون الإسرائيليون الذين أجمعوا أن هذا التصعيد يأتي في أعقاب التدهور الاقتصادي والأزمة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة، بسبب الحصار الإسرائيلي الخانق، وهذا ما أكده رئيس شعبة الإستخبارات العسكرية الإسرائيلية، هرتسي هليفي، خلال اجتماع للجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، الأربعاء الماضي، إن قطاع غزة يرزح تحت أزمة اقتصادية خطيرة.

تقرير مراقب الدولة الذي نشر قبل أيام ركز على 8 نقاط أساسية، كان أهمها الفشل العسكري والفشل الإستخباري، وعدم دراسة البدائل السياسية لمنع الحرب حيث لم يقم نتنياهو، ووزير الأمن موشي يعالون، ووزراء المجلس الوزاري المصغر بفحص البدائل السياسية إزاء قطاع غزة، قبل عام من الحرب، في محاولة لمنع التصعيد. ولم تعقد أية جلسة مداولات سياسية جدية في المجلس الوزاري السياسي الأمني بشأن قطاع غزة، وذلك على خلفية تراكم معلومات بشأن تفاقم الوضع الإنساني، والتدهور الاقتصادي، وانهيار البنى الحيوية في القطاع.

تقرير مراقب الدولة وتقارير المحللين العسكريين تؤكد الطبيعة الإجرامية لدولة الإحتلال ووحشيتها وأنها شنت العدوان بطريقة ثأرية وإنتقامية، وها هي تعيد التفكير مرة أخرى بشن عدوان، وهذا يؤكد مسؤولية الإحتلال عن الجرائم وفرضها الحصار وتشديده. وأن البدائل السياسية التي ذكرها التقرير هي للبحث في التخفيف عن الفلسطينيين والأزمة الإنسانية في القطاع لمصلحة دولة الإحتلال الأمنية.

وليس من خلال مصلحة الفلسطينيين والمسؤولية القانونية والأخلاقية التي تقع على عاتق دولة الإحتلال، وأنها المسؤولة عن فرض الحصار وأنها جريمة حرب كما أكد ذلك تقرير غولدستون، وكذلك تقرير مجلس حقوق الإنسان بعد العدوان الاسرائيلي على القطاع، فالتقرير وثيقة إضافية لإدانة إسرائيل.

غير أن القيادة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية لم تقوم بإتخاذ خطوات سياسة لفضح الإحتلال وملاحقة المسؤولين الإسرائيليين وتجنب عدوان جديد، وإسرائيل تهول وتضخم من قرات وإمكانات المقاومة ، فالأسباب لا تزال قائمة وإسرائيل تخنق غزة بوسائل متعمدة وتستغل الأوضاع الدولية والعربية للإستمرار في عدوانها.