جملة من الأمور الضبابية لم تتضح صورتها بعد على صعيد العلاقات بين السلطة الفلسطينية وجمهورية مصر العربية، بعد منع الأخيرة لعضو مركزية الحركة من دخول أراضيها، إثر التوتر الأخير بين الطرفين، وذلك بعد رفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس لوساطة الرباعية العربية بشأن الخلافات ما بينه وبين النائب في التشريعي محمد دحلان.
وبعد أن تمكن الرئيس عباس من تطهير الحركة بحسب خبراء من أتباع "دحلان"، إلا أن ذلك لم يمنع الأخير من مواصلة لقاءاته بالجيل الشاب في مصر، بالإضافة إلى جملة من اللقاءات مع مختلف مكونات الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة ومخيمات اللجوء والشتات.
وعقد تيار "دحلان" اجتماعات مكثفة مع أبناء حركة "فتح" والإعلاميين ورجال الأعمال والوجهاء والمخاتير في قطاع غزة، ليكون بذلك قد نفذ ما غفل عنه الرئيس عباس، بعد وصول شخصيات إلى قيادة الحركة لا تحظى بأي شعبية، بهدف ضمان عدم ولائهم لـ"دحلان"، الأمر الذي خلف غضباً شديداً في صفوف كوادر الحركة ومن المحسوبين على الرئيس أيضاً، رفضاً لنتائج المؤتمر السابع الذي تم عقده لتغييب "دحلان" عن المشهد الفتحاوي.
وفي الإطار، أكد مصدر مقرب من "دحلان"، أن اللقاءات الجارية حالياً تهدف إلى التوسع في عمل الساحات الشعبية، وذلك بعد فشل ضغوط الرباعية العربية في إنهاء الخلاف بين دحلان والرئيس، موضحاً أن رفض الرئيس لضغوط الرباعية، أدى إلى شعور "مصر والسعودية والإمارات والأردن" بالإهانة، والاستقواء بمحور "قطر وتركيا".
وأشار إلى أن القطيعة بين الرئيس والرباعية العربية، ترجمتها جمهورية مصر العربية من خلال منع "الرجوب" من دخول أراضيها، حيث أنها بذلك قد وجهت صفعة دبلوماسية للسلطة والرجوب، بعد رفضهم الاستجابة لمطالبها، بالإضافة إلى منحها جملة من الامتيازات لـ"دحلان" من أجل تقوية نفوذه، وأبرزها فتح معبر "رفح" البري.
وبالإشارة إلى خطوات "دحلان" القادمة، أوضح أن التيار الإصلاحي يعكف على تنظيم المزيد من اللقاءات مع مختلف مكونات الشعب الفلسطيني وفئاته، بغية التخفيف من الأزمات الراهنة، وتعرية "تيار الرئيس" سياسياً، وتضييق الخناق على السلطة.
وبيّن المصدر، أن القاعدة الحركية ستشهد "إعادة هيكلة"، من أجل "سحب البساط الشعبي من الرئيس، والتوسع في استقطاب جماهير الحركة"، لافتاً إلى أن بعض الأوساط الفتحاوية تشهد غضباً كبيراً بعد تغييب الأسير مروان البرغوثي عن مراكز الحركة القيادية، وتحديداً عدم توليته منصب نائب رئيس الحركة من داخل محبسه.
في موازاة ذلك، استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في مقر الرئاسة المصرية بالقاهرة، الأسبوع المنصرم، وزير الصحة الفلسطيني د. جواد عواد إلى جانب نظرائة وزراء الصحة العرب، ونقل تحياته للرئيس محمود عباس، وأمنياته بالتوفيق للقيادة والشعب الفلسطيني.
وعلى الرغم من ذلك فإن هذا لا ينفي عمق الأزمة بين القاهرة ورام الله، في ظل ارتفاع مستوى الدعم المصري لدحلان، حيث كشف المصدر عن إرسال جمهورية مصر العربية لقائمة أسماء إلى السلطة الفلسطينية تفيد بمنعهم من دخول القاهرة.
وكان الرجوب عقب على منعه من دخول القاهرة، بالقول: "علاقتي مع الشعب والنظام السياسي المصري تاريخية، وأنا مش أبو بكر البغدادي علشان يتم منعي من دخول مصر، وعلى السلطات المصرية توضيح أسباب منعي من الدخول، وأعتقد أن ما حدث خطأ استراتيجي"، مضيفاً "الرئيس الفلسطيني أبو مازن لم يهاجم مصر يوماً من الأيام، وأتمنى ألا يتم فتح هذا الموضوع مرة أخرى حفاظاً على علاقات الدولتين، لن نقبل أي بديل من مصر ودورها في القضية".