إسرائيل المصابة بالقلق!

20170803084835
حجم الخط

عندما لا يكون الجمهور الاسرائيلي في قلق وجودي ما، يكون الحكم في قلق، وبالعكس. وعليه، فان القيادة تحرص على أن تنقط للجمهور كل الوقت حقنا من القلق كي تبقيه مدمنا على المخاوف. فالخوف يضمن تعلق الجمهور بقياداته. واذا كان الخوف من ناحية الجيش يخدم كتغطية أو حاجة لابقاء التوتر الامني لاغراض الميزانية، فمن ناحية الزعيم السياسي، هذا تلاعب تهكمي بالحقائق، بل نوع من غسل الدماغ.
لم ننتعش بعد من قلق الانفاق الذي أثاره فينا من جديد مراقب الدولة واذا به يسقط علينا قلق جديد: الايرانيون جربوا صواريخ S-300، سلاح الجو لم يعد يستطيع العمل بحرية في سماء ايران. لم يقم بعد الزعيم الذي يشرح بانه رغم ان هذا سلاح متطور، ولكنه بات سلاحا أقل اهمية بالنسبة لميدان القتال الجوي المستقبلي. ناهيك عن ان الايرانيين تلقوا الطراز الخاص بالتصدير، الاقل تطورا.
لا يبدو أن صواريخ S-300 غريبة على سلاح الجو وعلى «الناتو». فقد كشفت منشورات اجنبية عن أنه في 2015 تدربت طائرات سلاح الجو الاسرائيلي في اليونان أمام هذا الصاروخ. اليونان، العضو في «الناتو»، تلقت S-300 من قبرص منذ العام 2000، وينبغي الافتراض بان الاميركيين درسوا الصاروخ وهم بشكل عام يتعاونون مع اسرائيل في المجال التكنولوجي.
اضافة الى ذلك، فان سلاح الجو يتزود بالطائرات المتملصة. في العالم توجد أسلحة تطلق من الجو، من الارض، ومن البحر لمسافات تتجاوز منطقة التدمير لصواريخ S-300. وفي أسلحة الجو في العالم يستخدمون اليوم طائرات غير مأهولة تهاجم أهدافا دون أن تعرض الطيارين للخطر، بما في ذلك طائرات غير مأهولة مع قدرات تملصية.
لسنوات تعيش اسرائيل في ظل الصاروخ الباليستي المضاد للطائرات SA-5 الذي نصب في سورية، وكان يفترض فيه في يوم الامر أن يسقط من فوق البحر المتوسط كل طائرة اسرائيلية. هذا لم يحصل. في الثمانينيات وفي التسعينيات حين اراد سلاح البحرية الدفع الى الامام بشراء سفن صواريخ جديدة، كان يشرع في حملة اعلامية واسعة تحذر من أن كل أساطيل العرب – من تونس حتى مصر – تقف مستعدة لاطلاق مئات صواريخ بحر – بحر من عشرات سفن الصواريخ وصواريخ شاطئ بحر بحيث اذا ما نشبت حرب فانه لن يصل أي كيس طحين واحد الى اسرائيل عبر البحر. في سلاح البحرية استمتعوا جدا بابداعهم، وواصلوا وصف كيف تقف تلك السفن الصاروخية أمام شواطئ اسرائيل لتمحو كل مواقعها الاستراتيجية. وهذا بالطبع لم يحصل، لأنه لم تكن له احتمالية. ولكن الجمهور تلقى حقنة التخويف. وسلاح الجو؟ تلقى الإصبع الوسطى.
يعد لبنان اليوم ساحة تخويف مركزية. إذ لن يكون للجمهور – وعن حق، في أي مرة المعلومات الاستخبارية العميقة الصحيحة عن هذه الساحة، ولمن يمثله في الحكومة، المطلعين على المعلومات، لا توجد مصلحة في تخفيض مستوى القلق. ولهذا فان صواريخ يايخنت، التي حسب التقديرات توجد لدى «حزب الله» تعتبر تهديدا ملموسا بوسعه أن يشل كل موانئ اسرائيل. وبقدر ما يمكن التقدير، فان «حزب الله» ليس هناك بعد. ولكن الامكانية الكامنة اصبحت منذ الآن حقيقة ملموسة تبقي على حالة مستوى القلق. وهكذا ايضا بالنسبة للصواريخ الدقيقة التي لدى «حزب الله». في الخيال الجماهيري فان الكريا (وزارة الدفاع) في تل ابيب شطبت منذ الآن. وتحدث منتخبو الجمهور في الماضي ويتحدثون اليوم ايضا عن آلاف القتلى في الجبهة الداخلية، فيعززون الارتياب الذي من حيث الحقيقة ليس له ما يستند اليه.
ذروة الفزع هي غزة. «حماس» استكملت الوسائل القتالية التي فقدتها في حملة «الجرف الصامد». مرة اخرى راحت علينا. كميا قد يكون هذا صحيحا، ولكن في ضوء الحصار المصري – الاسرائيلي فان غزة لا يمكنها ان تنتج صواريخ بنوعية الصناعة العسكرية الايرانية أو السورية، كتلك التي كانت تهرب في حينه من سيناء. على الزعماء ان يرووا للشعب الحقيقة، ان يبثوا فيه الامان، والا يرهبوه فقط من أجل الحفاظ على كراسيهم.