نداء يونس : حرب مصطلحات بالاعلام الإسرائيلي لقولبة صورة المراة الفلسطينية

نداء يونس : حرب مصطلحات بالاعلام الإسرائيلي لقولبة صورة المراة الفلسطينية
حجم الخط

وجدت دراسة بحثية اعدتها الاعلامية الفلسطينية أ.نداء يونس حول صورة المرأة الفلسطينية في الاعلام الاسرائيلي، بعنوان "الفكر الكولونيالي في الإعلام الإسرائيلي بهوية استشراقية: توظيف الإعلام الإسرائيلي للصور النمطية السلبية للمرأة العربية في الإعلام الغربي لقولبة وتنميط صورة المرأة الفلسطينية" ان هناك حربا تدور في الاعلام الاسرائيلي بمصطلحات جنسانية تنمطية stereotypical gender-based war تهدف الى اقصاء المرأة الفلسطينية ثقافيا واجتماعيا وسياسيا وانسانيا، فالتنميط ليس مسألة اجتماعية أو دينية بالمطلق، بل سياسية كولونيالية، كما خلصت الدراسة.

 

وجدت الدراسة أن ثقافة الكره القائمة على تنميط وقولبة صور المرأة الفلسطينية أصبحت جزءا من المعجم اللغوي للإعلام الإسرائيلي الذي تبين من خلال هذه الدراسة انه أوسع وأكبر من المعجم اللغوي للتنميط السلبي للمرأة العربية والمسلمة في الإعلام الغربي، حيث تأثر الإعلام الإسرائيلي بالاستشراق بحكم تشكل المجتمع الاعلامي الإسرائيلي الجديد في غالبه من مهاجرين من الغرب، لا يجيدون فقط فهم عقلية هذه المجتمعات وكيفية مخاطبتها، بل يتقنون ايضا أدوات هذا الخطاب، ما حدا بهم الى استغلال موجة الكره العالمية والخوف من الإرهاب لربط الفلسطينيات به في محاولة لإخراجهن من دائرة التعاطف واثارة الكره والتحريض تجاههن وخلق حالة رفض وكراهية لهن في إطار سياق اجتماعي كامل قائم على فكر الإقصاء والإلغاء وفي اطار توظيف سياسي قائم على تعزيز الهيمنة الثقافية والسياسية والاقتصادية والاحتلالية باستخدام المرأة ذاتها من خلال اللغة ودلالاتها لرسم صورة نمطية تخدم أهدافا عنصرية وكولونيالية.

 

وفيما يغيب مفهوم التعددية الثقافية عن الإعلام الإسرائيلي فان الخطاب الاعلامي الاسرائيلي يتجه الى المزيد من اقصاء المرأة الفلسطينية على قاعدة:"نحن" و"هم" والتدخل في حيوات الاخرين وتنميطها سلبا لخلق حالات من الكره والإقصاء والرفض.

 

تستخدم وسائل الاعلام الاسرائيلية التنميطات السائدة في الغرب حول المرأة العربية، ضمن تقسيمات أخرى أوسع وأشمل، لتحقيق اهداف كولونيالية واستعمارية وكأداة من أدوات ادارة الصراع الاسرائيلي الفلسطيني. وجدت الدراسة من خلال تحليل العينة البحثية ان الاعلام الاسرائيلي يتجه الى تقسيم المرأة الفلسطينية في فلسطين التاريخية الى اربعة نماذج تخلق ثلاثة منها صورا نمطية فيما يوظف الرابع لتعظيم الفروقات لصالح تأكيد الصور النمطية السلبية، وعلى النحو التالي:

 

- الفلسطينيات في بيئاتهن المحلية: ويقدمن كنساء منزوعات الحقوق، يفتقدن الى حرية التعبير والتصويت ويرغمن على الزواج المبكر وارتداء الحجاب، ويتعرضن للعنف والاضطهاد والتهديد والعنف المنزلي ويقتلن على خلفية ما يسمى "جرائم الشرف"، للتأكيد على ما يروجونه من وصم سلبي للمجتمع الفلسطيني بأنه متخلف، وعلى حاجة المراة الفلسطينية الى من ينقذها ويحررها من سيطرة البطريكية الابوية وشوفينية الرجل والاسلام الذي يربي التخلف والارهاب كما يزعمون. يميل هذا النوع من المواد الاخبارية الى تقديم الرواية الاسرائيلية فقط، وتستخدم صور لنساء محجبات.

 

- المناضلات السياسات: واللواتي يقدمن كنساء لا يشعرن بالامتنان ومشاغبات وشرسات، ما يؤدي الى رفضهن واثارة المشاعر السلبية والشعور بالكرة والتقزز والرفض لهن. في هذه الاوصاف نزع للانوثة، وميل الى الغائية حيث تركز المواد الاخبارية على ردة الفعل ولا تركز على اسبابها. تقدَم الصور المستخدمة في المواد الاعلامية التي تتناول هذه الفئة من زوايا غير جمالية، مليئة بالحركات التي تعبر عن الرفض والثورة والشراسة وعدم الانوثة والاستعداد للقتال ومهاجمة الاخرين. تتميز التعليقات على هذه المواد بالعنصرية والكره والتحريض وتميل الى نزع الانسانية تتجنب هذه المواد استخدام هذه الفئة من النساء كمصادر اخبارية، وتميل الى اقتباس مصادر اسرائيلية رافضة لهن. تتساوق التعليقات على هذه المواد مع الروح السلبية لها، وتميل الى التحريض واظهار الكره والعنف الكلامي.

 

- المناضلات الفلسطينيات ضد الاحتلال في الاراضي المحتلة وفي فلسطين عام 1948: ويقدمن على انهن انتحارياتٌ وإرهابياتٌ خطيرات مسلحات، تعرضن لغسيل دماغ من قبل المسلمين المتطرفين ويتعرضن للإساءة والاستغلال والتحرش الجنسي والختان، يقدمن على أنهن نساء طالبان ومعتديات ومتواجدات في "إسرائيل" بشكل غير قانوني، كما يوصفن بحثالة الإرهابيين، وبأنهن في مرتبة ثانية وفاشلات كنساء وكإرهابيات وغير مرغوبات للزواج، يولجأن للإرهاب ليغطين على جرائم زنا أو للتغطية على وجود عميل في العائلة، الخ ويمارسن الإرهاب من أجل فتيان وسيمين في الجنة واللقاء بإرهابيين آخرين... ما ينزع عنهن الانسانية ويصنفهن بشكل سلبي ويثير المشاعر السلبية اتجاههن ويعطي الانطباع الدائم بوجود استعدادية لديهن للعنف والسلبية ويساهم في الغائهن ورفضهن. تميل هذه المواد الاخبارية الى الاصرار على رواية معينة وهي رواية الارهاب، ودون التطرق الى الحق الفلسطيني في النضال والوجود ومقاومة الاحتلال، وذلك لاثارة المشاعر السلبية تجاه المرأة الفلسطينية وتبرير العنف ضدها. تجنبت الصور المستخدمة في عناصر العينة استخدام صور النساء الفلسطينيات موضع الاتهام، وذلك كجزء من التعميم، حيت تصبح كل فلسطينية موضع اشتباه، وتتميز التعليقات على هذه المواد بالسلبية المطلقة. تغيب روايتهن كمصادر للاخبار عن هذه المواد، تتميز التعليقات بالسلبية المطلقة والتحريض ونزع الانسانية.

 

- المرأة المؤيدة لدولة الاحتلال: تقدم كليبرالية علمانية حاصلة على كافة الحقوق المدنية والسياسية خلافا للمرأة الفلسطينية في الضفة وغزة وفي الدول العربية، عرضت مواد اخبارية تتعلق بهن بنسبة واحد الى خمسة من مجموع العينة البحثية ليبدو الامر كظاهرة. وتم التركيز على تعظيم الفروقات بين ما يقدم كامرأة إسرائيلية لديها كل شئ والمرأة الفلسطينية والعربية التي تفتقر الى كافة الحقوق. تبدو اللغة المستخدمة في هذا النوع من المواد الاعلامية حميمية جدا في وصفهن وتستخدم في هذه المواد الاخبارية صور لنساء غير محجبات، ومن زوايا جمالية مختلفة، ويقدمن كنساء هادئات، تعكس صورهن الثبات والثقة، تميل هذه المواد الاخبارية الى اقتباس هذا النوع من النساء فقط، وفتح المساحة الكاملة لهن للتعبير عن آرائهن ووجهة نظرهن دون مقاطعة،. 99 % من التعليقات على هذه المواد الاخبارية هي من اسرائيليين يرحبون بهذه النماذج المؤسرلة ويصفونهن بالشجاعة.

 

 

عند توظيف التنميطات السلبية تجاه المراة الفلسطينية مثل ارهابية او منتهكة اجتماعيا ودينيا او شرسة، يميل الاعلام الاسرائيلي الى تأكيد الصفة الوطنية الفلسطينية لتلك النساء، فيصفهن بالفلسطينيات، تبدو اللغة الوصفية والاخبارية التي تتناولهن عنيفة ورفضية، وتغيب اللغة الحميمية والمؤنسنة تماما، كما تتجنب المواد الاعلامية التركيز عليهن كمصادر في الخبر لطرح روايتهن بل تقتبس الاخرين الرافضين لهن، فيما تميل الصور المستخدمة الى التركيز على استخدام صور لنساء محجبات عند الحديث عن تنميطات اجتماعية سائدة، وتجنب استخدام صورة الفلسطينية التي تتهم بالارهاب وذلك بغرض التعميم، حيت تصبح كل فلسطينية موضع اشتباه واتهام. اما في سياقات أخرى كالنموذج الرابع، فيميل الاعلام الاسرائيلي الى نزع الصفة الوطنية الفلسطينية عن تلك النسوة ووصفهن بالعربيات و/أو الاسرائيليات العربيات وتبدو اللغة المستخدمة لوصفهن حميمية جدا. وتبني هذه المواد على ذات الخطاب الغربي المتعلق بنحن وهم، ويتم استخدام الكثير من الضمائر التي تخدم هذا السياقات وتعمق الفجوة بين الطرفين. تستخدم في هذه المواد الاخبارية النساء الغير محجبات، من زوايا جمالية مختلفة، ويقدمن كنساء هادئات، تعكس صورهن الثبات والثقة. تميل المواد الاخبارية الى استخدامهن وحدهن كمصادر اخبارية، وتفتح المساحة الكاملة لهن للتعبير عن آرائهن ووجهة نظرهن دون مقاطعة، لتقديم رواية مؤسرلة ومختلفة عن السياق الفلسطيني.

 

 

نلاحظ ارتفاع نسبة تحقق كافة المؤشرات التنميطية التي اعتمدتها الدراسة في العينة البحثية، كما يتضح في الرسم االبياني التالي:

 

 

النسب المئوية لتحقق مؤشرات قياس الصورة النمطية في العينة البحثية

 

 

وجدت الدراسة ان ترتيب العينة حسب تحقق مؤشرات التنميط الاربعة عشر لعناصر العينة البحثية العشرة التي اعتمدتها الدراسة جاء على النحو التالي:

 

 

ترتيب العينة حسب تحقق مؤشرات التنميط الاربعة عشر بنسبة 100% والنسبة المئوية للتنميط في كل عنصر بحثي على حدى

 

على انه ينبغي الاعتراف بأن هذا الخطاب التنميطي تجاه المرأة الفلسطينية وما يبنى عليه من توظيف اعلامي اسرائيلي لأهداف كولونيالية وما ينتجه من إقصاء ثقافي واجتماعي، كان ولا يزال يستند إلى جملة من المحفزات والأسس الفعلية التي تطبق في اغلب الدول العربية والإسلامية مع تفاوت النسبة والمقدار الا هذا التوظيف مرفوض بالكامل.

 

وفيما يلي، رابط لفلم خاص اعد حول هذه الدراسة:

 

https://www.youtube.com/watch?v=2irMP6vV3AY&feature=youtu.be