رضي العرب بالهم ... ولم يرض بهم

التقاط
حجم الخط

 

تنشر تباعاً وقائع الاتصالات والإجتماعات التي عقدها العرب مع إسرائيل على مستويات عدة، كان أهمها قمة العقبة التي عقدت قبل أشهر من هذا التاريخ.

ما نشر عن الاتصالات واللقاءات، يشي باستعداد عربي غير مسبوق لتحقيق تسوية عربية فلسطينية، وربما إسلامية مع إسرائيل تحت عنوان "الحل الإقليمي".

كان تقدير الخبراء السياسيين العرب، يتجه الى ان أي غمزة إيجابية من جانبهم، سيلاقيها حماس إسرائيلي الى درجة الاندلاق، للمضي قدما في تسوية سياسية شاملة، غير أن هذا التقدير بدا سطحيا ويستند إلى قلة معرفة بالإسرائيليين، وماذا يريدون وكيف يحققون ما يريدون.

هنالك إجماع على أن نتنياهو الذي وعد بدراسة الإقتراحات وشارك في اللقاءات إلى حد إعداد بيان مشترك عنها، تراجع في آخر الأمر. لم يكن التراجع بفعل عامل طارئ هبط فجأة على السيناريو، بل جاء لأن الرجل كان يبيت أمراً غير ما أظهر في فترة الإتصالات والإعداد، ما كان يبيته نتنياهو هو أن يحصل من العرب على كل ما يسعى اليه، وأن يجند العرب لإقناع الفلسطينيين بقبول الأسقف الإسرائيلية للتسوية معهم، وحين لم يستطع تحقيق ذلك قبل العقبة وأثناءها، تنصّل من كل ما قال ووعد، ولا شك في أن لديه الذرائع الكافية لتبرير هذا التنصل، فبوسعه القول أنه ينتظر رئيساً جديداً في البيت الأبيض، ولهذا القول مصداقية سياسية وواقعية، وهي ان السيد كيري الذي رتب للعقبة وما قبلها وما بعدها، كان هو ورئيسه يتأهبان لمغادرة البيت الأبيض، أو إنهما كانا يقدران فوز هيلاري مما يسمح لهما بالعمل على مبادرة سياسية، وفي كلتا الحالتين فإن نتنياهو غير جاهز للعب الجدي مع أصحاب الفكرة.

هنالك أمرٌ يستحق أن نتوقف عنده وهو... ماذا قدّم العرب لنتنياهو؟ ... حين ندقق في النصوص التي أن لم تؤكَّد عربياً فهي لم تُنف، فقد قدموا له إغراءات لم يكن أي رئيس وزراء سبقه يحلم بها، فإذا تعاون واستجاب فله التطبيع، ومع من؟ مع كل أصحاب المبادرة العربية للسلام وفوقهم عدد غير قليل من المسلمين.

لقد أدار نتنياهو ظهره لهذا العرض السخي والمفصلي، ما أثار تساؤلات عند الإسرائيليين قبل محاوريه العرب ... ماذا يريد هذا الرجل أكثر من ذلك؟

رب ضارة نافعة.. فما قدم لنتنياهو كثير لا يستحقه، وما رفضه نتنياهو يشير إلى انه يريد إخضاع العرب مقابل ما يدعيه، دعما للسنة في مواجهة الشيعة، ما عرض في غير محله ومع الرجل غير المناسب كان ضارا،ً أما النافع في الأمر كله، فهو تبديد بقايا الوهم من ان حكومة إسرائيل، يمكن ان تقدم للفلسطينيين ما يرضهم ويرضي العرب، وحين ينكشف أمر كهذا ينبغي إن يوضع على رأس جدول أعمال القمة القادمة في عمان، وان يكون موجِها للاتصالات واللقاءات سرية كانت أم علنية.

لسان حال ما حدث هو قول شعبي مأثور " رضينا بالهم ولم يرض بنا".