تزايدت في الأسبوعين الماضيين، المقالات والآراء والاجتهادات، شأن مستقبل غزة! خاصة، بعد قرار مجلس الوزراء اجراء الانتخابات المحلية، في الضفة الغربية، وتأجيلها في غزة، بعدما تعذر اجراء تلك الانتخابات.
الحديث عن انفصال غزة، بعد الانقلاب العسكري الذي قامت به حماس، وتأسيس كيان سياسي - اقتصادي، خاص بها، هو حديث قديم - جديد.
سبق ان برزت دراسات وكتب، حول قيام ما يشبه الدولة في غزة، وبمساعدة اقليمية، وفتح مطار وميناء بها، وتأمين حدودها مع الاسرائيليين والمصريين، كما سبق وان اكدت اوساط اخرى، أن الانقلاب العسكري الحمساوي في غزة، ما هو الا مقدمة لتأسيس امارة اسلامية فيها.
بعض الدراسات الدولية، المتعلقة بمستقبل غزة، رأت أن توسيع حدود القطاع، ليشمل جزءا من العريش، وفتح ميناء ومطار فيها، سيكفل قيام كيان سياسي مستقل.
عادت هذه الآراء للظهور مجدداً، خاصة ان عجلة الانتخابات المحلية قد دارت وبات من الممكن، بعدها، التفكير جديا باجراء الانتخابات التشريعية، المواطن في غزة، بات يدرك أن ثمة متغيرات جدية جرت في القطاع، خلال السنوات الخوالي، من حكم حماس، الفعلي للقطاع.
الاقتصاد قد تغير والسياسات تغيرت، والنخب تشكلت على نحو جديد .. كل شيء قد تغير، وأن جولات ما يسمى رأب الصدع وتجاوز الانشقاق باءت بالفشل الذريع، فما بالكم في حال اجراء انتخابات محلية وتشريعية خاصة في غزة! هنالك حالة من اليأس والاحباط تسود الشارع الفلسطيني في غزة، في وقت اخذت فيه الجهود والدعوات لرأب الصدع، وتجاوز الانشقاق الجيو- سياسي تتضاءل وتتراجع.. هنالك مصالح متشابكة ومعقدة، ما بين القطاع والجارة اسرائيل والجارة مصر، وهنالك اعتبارات اقليمية ودولية باتت تحيط بأزمة القطاع وبات بعضها مرهوناً، بالمتغيرات الحاصلة في الشرق الاوسط، مما لا شك فيه، ان حماس، تطمح للاستيلاء على مقاليد السلطة والحكم، في الضفة والقطاع في آن معاً، لكن ذلك لا يعني في نظرها، انهاء الانشقاق، بقدر الحفاظ عليه، مع العمل على التمدد والسيطرة على الضفة الغربية. اسرائيل من جهتها، لها مصلحة حيوية، في الحفاظ على الخلاف الفلسطيني - الفلسطيني، واستخدام هذا الخلاف وهذا الانشقاق في مسار اضعاف السلطة الفلسطينية و م.ت.ف، ومحاولة اضعاف جهدها الدولي، تجاه مؤسسات العمل الدولي.
مصر من جهتها، تتعامل مع وقائع قائمة كما ترى في مصلحتها الامنية، خاصة في سيناء، امراً تقتضيه مصالحها العليا.
الامور، جد معقدة، ومتشابكة، والسلطة الوطنية الفلسطينية، و م.ت.ف، لا تستطيع الصبر، اكثر من ذلك، وترك الامور خاصة الانتخابات منها، مرهونة لارادة حماس، وما تراه من اجتهادات.
السؤال هنا، وفي حالة تبلور كيانين، احدهما في الضفة الغربية والآخر في غزة، هل يستطيع الكيان الجديد في غزة، الاستمرار وحيداً، وعلى انفراد؟!
آفاق الكيان السياسي الجديد في غزة، مرهونة بمدى التعاون الاقليمي والدولي معه.
الجارة اسرائيل، هي اكثر المعنيين به، وببقائه واستمراره، اضعافاً للموقف الفلسطيني العام، وحقه في تقرير مصيره بنفسه... هناك رزم من التسهيلات، القادرة اسرائيل على القيام بها، وفي المقدم منها، المطار والميناء، والعمل في اسرائيل.
هنالك توجه تركي وقطري، لدعم الاقتصاد في غزة، تحت يافطات انسانية، وهي في حقيقة الامر سياسية، ترتبط برؤية اسرائيلية - اميركية، متقاطعة مع مصالحهما.
في حالة فتح غزة، اقليمياً ودولياً، من الممكن ان تتحول الى منطقة تجارة حرة، مزدهرة وواعدة، لكن بحدود مرسومة اقليميا ودولياً، تلعب دوراً محدوداً في الاقليم المحيط بها، دون ان تتعداه! تجاوز هذه الحالة، وهي حالة سوداوية على أي حال، لا يمكن ان تتحقق، دون متغيرات دولية واقليمية في آن، وهي مرهونة، بمستجدات على مستوى الشرق الاوسط عموماً!
لماذا يعد المشروع الإسرائيلي في القدس بلا مستقبل؟
02 أكتوبر 2023