في إسرائيل: ديمقراطية بدون حقوق إنسان!

441-212-600x330.jpg
حجم الخط

أقوال عضو الكنيست، ميكي زوهر، هذا الاسبوع، بأن الديمقراطية يمكن أن تشمل أيضا مواطنين بدون حق التصويت، أثارت عاصفة جماهيرية وبحق. ورغم ذلك يجب فهم السياق العام للأمور. توجد في إسرائيل في الآونة الأخيرة معركة حول مفهوم الديمقراطية. ليس فقط في الساحة السياسية، بل في الساحة الاكاديمية والاعلامية والرأي العام ايضا.
يدور الحديث عن سؤال غير سهل ومعقد ومتنوع. ورغم ذلك يمكننا أن نقسم بشكل فظ المعسكرات الى قسمين. الاول يؤمن بالديمقراطية التي يمكن تسميتها ديمقراطية جوهرية، حيث يتم فيها احترام حقوق الانسان وقيم مثل المساواة وحرية التعبير وفصل السلطات وسيادة القانون. اضافة الى مبدأ الاغلبية في اتخاذ القرارات، حيث إن هذا الشرط ضروري للديمقراطية، لكنه غير كاف.
المعسكر الثاني يؤمن بما يمكن تسميته الديمقراطية الاجرائية التي تأخذ الديمقراطية الى مبدأ حسم الاغلبية. أي الديمقراطية هي فقط طريقة يتم فيها اجراء الانتخابات. ومن هنا فان سلطة الاغلبية يمكنها فعل ما تشاء؛ لأنه تم انتخابها بشكل ديمقراطي. لذلك فان اصحاب هذا الموقف يعارضون صلاحيات محكمة العدل العليا في الرقابة على التشريع أو عمل الحكومة، ويغضبون على وسائل الاعلام التي تقوم بانتقاد الحكومة ويتهمون منظمات حقوق الانسان بالخيانة.
حسب هذا الموقف فان الانتخابات هي كل شيء، لذلك فان للسلطة المنتخبة صلاحية التقرير في المضامين الثقافية بناء على المعايير السياسية. والانتقادات التي تدعي أن بعض القوانين تضر بحقوق الانسان هي مرفوضة لأن جوهر الديمقراطية هو وجود انتخابات وحسم للاغلبية. أما الباقي فهو مجرد قيم ليبرالية ليس لها أي صلة بالديمقراطية.
على خلفية هذا الموقف ليس من الصعب معرفة مصدر اقتراح عضو الكنيست زوهر. اذا لم تكن الديمقراطية ملتزمة بقيم مثل المساواة بين المواطنين، فلماذا تلتزم بأن يكون صوت متساو لكل مواطن؟ إضافة الى ذلك، اقتصار الديمقراطية على العمليات فقط التي تشمل اتخاذ القرارات من قبل الاغلبية، التي هي مثل الاداة الفارغة التي يمكن من خلالها الاعتداء على الاقليات وتكميم الأفواه والاضرار بكرامة الانسان وسحق سلطة القانون والرقابة على السلطات – يتم طرح السؤال لماذا التوقف عند هذا الحد. من قال إن مبدأ المساواة في الانتخابات هو مبدأ مقدس؟ لكل قاعدة استثناء. وعندما تكون الديمقراطية متدنية الى درجة كونها قشرة فارغة وتلتقي مع القومية المتطرفة فان طريقة تصديق الديمقراطية تتم من خلال إعطاء حق التصويت بناء على الهوية العرقية الضيقة.
ليس بالضرورة الاهتمام بـ»المبادرة السياسية» لزوهر، لكن هناك سببا للخوف من الموقف القيمي الذي يعبر عنه تجاه الديمقراطية. هذا الموقف لا يمكن أن ينشأ بدون الارضية المسممة لتقزيم الديمقراطية بمعناها الاساسي، أي الغاء دورها كمرآة لسلطة الشعب، وليس فقط سلطة الاغلبية، ومدافعة عن الشعب في وجه القمع – ليس فقط من قبل زعيم واحد، بل من قبل سلطة منتخبة ايضا – وكمحافظة على حقوق الانسان بما في ذلك حريته. وضرورة فصل السلطات كي لا تحصل إحداها على القوة الزائدة – حتى لو كانت تمثل الاغلبية في الكنيست.
«من الخطأ القول إن الحكومة التي تعتمد على الاغلبية هي حكومة ديمقراطية. هذا الموقف هو نتيجة تطور تاريخي وصراعات في الحكومات التي تمت قيادتها من قبل الاغلبية، لكن هذه ليست ديمقراطية حقيقية. الديمقراطية تعني الحرية. والسلطة التي تعتمد على الاغلبية يمكنها مصادرة الحريات. وفي المكان الذي لا توجد فيه ضمانة لحرية الفرد لا توجد ديمقراطية» (زئيف جابوتنسكي).