احتفل الكثير من الاسرائيليين والفلسطينيين، هذا الاسبوع، بفوز برشلونة على باريس سان جيرمان في دوري الأبطال. تكرر مفهوم واحد وهو الانتقال من اليأس الى الأمل: معجزة. إلا أنه ليس كل المعجزات متشابهة. معجزة مثل الزيت أو الخبز والسمك للمسيح تفيد المحتاجين دون الاضرار بالآخرين، أما معجزة مثل معجزة الخروج من مصر فهي مقرونة بثمن باهظ، فرعون وجنوده، ومعهم الخيول التي غرقت في البحر دون ذنب.
حسب قانون الحفاظ على المعجزة، فان فوز برشلونة هو كارثة باريس سان جيرمان. انبعاث اسرائيل هو نكبة فلسطين. لذلك فانه في السياسة السليمة اذا لم يكن في الرياضة التنافسية، فان الحكمة كلها هي التعالي على ألعاب الطرف الفائز والطرف الخاسر والسعي الى التعادل الايجابي، الذي هو فوز مشترك. هذه هي المعجزة الحقيقية، وليس المعجزة الأحادية، العلم القومي الوحيد لجابوتنسكي، بل معجزة مزدوجة.
مع تنصيبه رئيسا بقي ترامب عالقا في ورقتين للعملة موقعتين منذ الحملة الانتخابية – التعهد بنقل سفارة أميركا الى القدس والالتزام بمكافأة ديفيد فريدمان باحترامه وتعيينه سفيرا. وبعد لحظة سيكون فريدمان مسروراً وترامب لن يكون مسرورا، لأنه إذا امتنع عن نقل السفارة سيتم المس بمصداقيته، واذا عمل على نقلها فهو سيتعرض لمشكلات إقليمية.
الادارات الأميركية على مرّ الاجيال تتمثل بأربعة كيانات منفصلة ومختلفة، بين البحر والنهر: إسرائيل، القدس، السلطة الفلسطينية وغزة. القنصلية العامة في القدس، المسؤولة عن السلطة الفلسطينية وعن المستوطنات وعن الاتصالات مع بلدية القدس، تخضع بشكل مباشر لوزارة الخارجية في واشنطن، وليس للسفارة في تل ابيب (التي تقوم ايضا بعلاج غزة ولكن عن بعد منذ سيطرة «حماس» هناك). فريدمان، الذي هو خارج سلسلة القيادة التابعة للقنصل العام في القدس دونالد بلوم، لا يمكنه منع موظفي العلاقات الخارجية في القنصلية من ارسال برقيات متعكرة حول الوضع في الساحة. وإذا تم الحفاظ على شروط المراسيم والحدود، فسيرى في المقابل المستوطنة المحببة عليه في بيت إيل، لكنه لن يصل اليها. المغزى الرمزي السلبي لوضعه في إسرائيل سيكون له في الساحة تعبير ضعيف.
إن طرح موقع السفارة الأميركية خارج القدس كلُبّ للمشكلة، هو أمر خاطئ في أساسه، اعتمادا على قرار التقسيم الصادر في كانون الثاني 1947، لذلك فان تنكر واشنطن ليس فقط لكون المدينة عاصمة اسرائيل، بل ايضا بسبب رفض أسرلتها. هذا الواقع الذي سبق حرب «الايام الستة» بعقدين ووصول الجيش الاسرائيلي الى شرقي المدينة والى الضفة الغربية لم يتغير منذ ذلك الحين، بالضبط مثلما أن ضم الشطر العربي للقدس وضم هضبة الجولان لم ولن يتم الاعتراف به.
في نهاية الثمانينيات في الدورة الثابتة للسياسة الأميركية تم الاعلان بشكل احتفالي وبمباركة الادارة الأميركية والكونغرس أن السفارة ستنتقل قريبا الى القدس. وقد طلب السفير توماس فيكرينغ نقل مبنى السفارة الى هرتسيليا قريبا من منزل السفير. وتم الحصول على ميزانية لهذا الأمر. وقد تصادمت المبادرتان وتدخلت بلدية تل ابيب وتم التوصل الى حل وسط هو تجميد الوضع وعدم الانتقال الى هرتسيليا أو الى القدس.
في الوقت الحالي، وكدبلوماسي متقاعد، يقترح فيكرينغ على ترامب طريقا للخروج من التعهد: إحداث التوازن، مقابل نقل السفارة الى القدس الغربية إقامة ممثلية لفلسطين في شرقي القدس. لكن هذا الحل ضعيف. من الافضل الجرأة واقامة مبنى شامل للممثليات الأميركية بين البحر والنهر مع لافتات ومداخل قريبة للاسرائيليين والفلسطينيين. ارمون هنتسيف أو أبراج ترامب. التعايش، معجزة مزدوجة، كمقدمة للقدس الكبرى مع بلدية مشتركة للطرفين.