لا أرى أن إضافة نوعية ستحدث عندما أكرر رفض الاعتداء على الصحافيين والمشاركين في الاحتجاج على محاكمة الشهيد أمام مجمع المحاكم في البيرة، ولا تكرار حديث الرأي العام: كيف يتم تجاوز تقدير الموقف من عدة جهات والإصرار على محاكمة الشهيد؟ ولن أطرح السؤال المطروح اليوم بقوة: أين تقف حركة الجماهير الفلسطينية، حركة "فتح"، من محاكمة الشهيد لتدارك ما وقع أمام مجمع المحاكم طالما أنها قائدة المشروع الوطني كما تحب أن تسمى؟
ودعوني أذهب صوب المسيرة الاحتجاجية ضد الاعتداء والتي انطلقت في ميدان المنارة برام الله، وكان الناس قد جاؤوا بنوايا خالصة للتعبير عن مشاعرهم ضد الاعتداء على الصحافيين والمحتجين قبلها بيوم. جاؤوا وعيونهم ترنو صوب رفع سقف حرية الرأي والتعبير والحفاظ على السقف مرتفعاً، من أجل أن يقولوا: إن استفزاز الناس بمحاكمة الشهيد دون الأخذ بعين الاعتبار كل تقدير الموقف من جهات عدة ألا تقع، جاء الناس الذين يعرفون نوايا بعضهم البعض ومواقف بعضهم البعض لأنهم شركاء في مواقف كثيرة.
وفجأة ودون سابق إنذار حاول البعض جر الأمور باتجاه الوقوع في شرك الأجندات التي استهجنوها قبل يوم، والذهاب صوب عقلية التخوين التي لا تحمد عقباها وتضع الناس في حيص بيص وتنفض ويصبح لسان حالها: "نسينا لماذا جئنا، من حجم التخوين وحجم الشعارات غير الواعية رقم قلة مطلقيها"، ويتواصل طق الحنك بعيداً بعيداً عن الانتصار لسقف الحريات وتعليمات تعاطي الأجهزة الأمنية مع المحتجين لصالح تشويش واضح.
ولا أقلل من أهمية الإشارة هنا إلى تشكيل لجنة تقصي الحقائق بأحداث مجمع المحاكم ووجود الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ونقابة المحامين ضمنها، وهذا يدلل أن المؤسسات الحقوقية شريك في كشف الحقائق وتحميل المسؤوليات، وأتمنى أن تخرج بتوصيات ملزمة لآليات تعامل الأجهزة الأمنية مع المواطنين.
ويستمر النقاش بعيداً عن صخب شعارات التخوين وبعيداً عن طريقة تعامل الأجهزة الأمنية مع المحتجين، ويتنوع الحديث "زفة عرس تغلق الطريق وتبقى تخمس وتدور حول ميدان محمود درويش في رام الله دون أن ينزعج أي كان من إغلاق الطريق"، "طريق رفيديا الرئيسة في نابلس وإغلاقها، خصوصاً مساء الخميس والجمعة، ولا معترض"، "طب بلدية البيرة شو وضعها منذ عام وهي تغلق طريق البيرة القدس ولا يوجد من يتعرض على هذا الأمر"، " شاحنات مخلفات البناء وشاحنة نضح المجاري التي تغرق جنبات الطرق الرئيسة في عديد المناطق خارج القرى والمدن لتفرغ حمولتها وتسبب أضراراً بيئية ولا معترض".
السؤال الذي يطرح بقوة اليوم: عيون الناس ترنو صوب حكم بأقصى العقوبات ضد مروجي الأغذية الفاسدة ومنتجات المستوطنات والتغول بالأسعار؟
بانتظار صدور تقرير لجنة تقصي الحقائق نرى من الضرورة بمكان أن تأخذ وزارة الداخلية زمام المبادرة وتصدر تعليمات واضحة حول آليات تعامل الأجهزة الأمنية مع قضايا الحق بالتعبير عن الرأي والتجمع السلمي والاحتجاج على الغلاء والأغذية الفاسدة.
خارج النص عن الأسعار
الأسبوع الماضي، شهد حملة احتجاج ضد ارتفاع أسعار الدواجن وربطها بالخسارة المتراكمة لمربي الدواجن دون حمايتهم، وسابقاً منذ عام يستمر الاحتجاج على ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء، ويرتبط الأمر بارتفاع أسعار الكهرباء والاتصالات وتحديد الحد الأدنى لأسعار بوليصة التأمين للمركبات والعمال، والملفت هو أن الجهات الرقابية والرسمية وجهات ضبط السوق الرسمية لا تعير الأمر الاهتمام الكافي باستثناء تقديم مبررات غالبها مكررة غير مفسرة وغير موضحة.
المزارعون ومربو الثروة الحيوانية يطالبون بالإعفاء من ضريبة الدخل التي تشكل بنظرهم مدخلاً رئيساً لخفض الأسعار بصورة ملموسة، ومطالبتهم بالاسترداد الضريبي لضريبة القيمة المضافة، هذا عدا جودة الخدمات البيطرية وضرورة تطويرها.
وكان الحديث يدور عن تنظيم هذه القطاعات كافة، وفي قلب ذلك كله هيئة تنظيم قطاع الاتصالات التي تمتلك قانوناً ينظم أعمالها التنظيمية، وبات ملحاً إطلاقها دون تعديل القانون الذي لم يختبر أصلاً لغاية اليوم.