لـمـاذا لـم تـرد «حـمـاس» عـلـى الـغـارات الإسـرائـيـلـيـة ؟

22.jpg
حجم الخط

تهاجم إسرائيل قطاع غزة، وحسب منشورات أجنبية تهاجم سورية أيضاً، فلماذا، إذاً، لا تهاجم لبنان؟ في تقارير مختلفة منسوبة لها زعم أن اسرائيل تفعّل القوة وتستخدم الفرص السياسية والعملياتية كي تقضم من قوة "حزب الله" على الأراضي السورية والمس بتعاظم "حماس" في غزة، أما حيال لبنان – حيث توجد النواة الصلبة للتهديد – فينسب لها ضبط النفس.
فضلاً عن ذلك، نُشر، هذا الاسبوع، أن "حزب الله" أقام مصانع تحت الأرض لإنتاج السلاح الدقيق من أجل تجاوز التهديد الإسرائيلي لقوافل السلاح القادمة من سورية الى لبنان.
ولما كان الحديث لا يدور على ما يبدو عن مسيرة بدأت أمس، فان هذه الصناعة كان ينبغي لها ظاهراً أن تشكل هدفا عسكريا بكل معنى الكلمة قبل أسابيع أو أشهر.
يفترض العقل انك تهاجم في المكان الذي يمكنك فيه ان تقوض مسيرة تعاظم العدو دون أن يؤدي الهجوم إلى مواجهة شاملة في توقيت ليس مريحا لك. لا تستبعد إمكانية أن يكونوا في اسرائيل يقدرون على ما يبدو بأن الهجوم في عمق لبنان كرد على خرق ما للوضع الراهن سيؤدي، في احتمال عال، الى حرب.
من المعقول أنه اذا ما وعندما تقرر اسرائيل مهاجمة اهداف لـ "حزب الله" في لبنان فان هذا سيتم فقط عندما تكون ناضجة سياسيا للمواجهة. من ناحية عسكرية، بالمناسبة، هي ناضجة منذ الآن.
سورية ضعيفة ومشغولة بنفسها. في العصر الحالي كل ضربة إسرائيلية للسيادة السورية هي واحدة من ضربات عديدة تقع عليها. في غزة، بالمقابل، القصة أكثر تعقيداً بكثير. هناك تسير اسرائيل على حبل دقيق، بوساطة غير واضحة بين تآكل القوة العسكرية لـ "حماس" مقابل زيادة دافعيتها للرد بقوة والمخاطرة بمواجهة شاملة. فمن جهة تبعد إسرائيل المواجهة من خلال تآكل قدرات "حماس"، ومن جهة اخرى تقرب المواجهة، إذ إن المس بـ "حماس" يزيد دافعيتها للرد.
وعلى هذه الرياضيات يجلس حكماء الجيل في جهاز الأمن. أُطلق، أول من أمس، صاروخ نحو المجلس الاقليمي سدوت هنيغف. ومرة اخرى كانت اسرائيل مطالبة بان تسير على الحبل الدقيق بين الرد غير المتوازن وبين تحطيم القواعد.
المنشورات، الاسبوع الماضي، عن التغييرات والاضافات في ميثاق "حماس" والتي تشير، ظاهراً، الى اعتدال سياسي والى امكانية ادراج المنظمة في مسيرة سياسية اقليمية ما كانت مبكرة.
فهذه التعديلات، التي لم تلقَ مفعولاً رسمياً بعد، تنطلق من المعسكر الذي يعمل على انتخاب اسماعيل هنية رئيساً للمكتب السياسي لـ"حماس" بدلا من خالد مشعل، الذي يريد هنية خليفةً له كي يتمكن من مواصلة ادارة الذراع السياسية من خلاله.
يحيى السنوار، الذي انتخب لقيادة "حماس" في غزة، خصم ايديولوجي مرير ونقيض لمشعل.
فاذا كان مشعل يرى في السيطرة على م.ت.ف وعلى القيادة الفلسطينية هدفاً مركزياً، فان هذا عند السنوار هو "غزة أولاً". من ناحية السنوار – تلميذ عبدالله عزام الذي أصبح لاحقا المعلم الروحاني لـ "القاعدة" – فان الاستراتيجية التي تقررها القيادة السياسية لـ"حماس" المستقرة في دول الخليج تلزمها طالما تنسجم مع احتياجاتها التكتيكية.
لم ترد "حماس" على هجمات سلاح الجو الاخيرة ليس بسبب الاعتدال السياسي أو الرغبة في الانخراط، حتى ولو مؤقتاً، في حل إقليمي، بل لأنها لم تكمل بعد استعداداتها لجولة عسكرية اخرى.
ولكن الهدوء النسبي من شأنه ان يتحطم في اللحظة التي تهاجم فيها اسرائيل وتشعر "حماس" بانه لا يمكنها أن تحتمل الإهانة، او إذا ألحق الهجوم الإسرائيلي إصابات كثيرة.
لم ترد "حماس" بعد هجوم سلاح الجو في غزة قبل نحو اسبوعين، على ما يبدو لأن إسرائيل أكلت في حينه الكبد بعد تقرير المراقب على الانفاق، ما وفر لها، دون أن تجتهد، ذخيرة لاغراض الدعاية الداخلية.
ولكن هذا ليس مضمونا دوما، الا اذا كانت اسرائيل قررت انه حان الموعد للتخلص من المنظمة حتى قبل أن يستكمل العائق التحت أرضي حول القطاع.

عن "يديعوت"