حكـومـات إسـرائيـل مسؤولـة عـن وجود عدد كبير من الصواريخ لدى «حزب الله» و»حماس»

763de1217968f9cfe48e30a8.jpg
حجم الخط

هدد حسن نصر الله، مؤخراً، عدة مرات باطلاق الصواريخ على ديمونة وعلى خزان الأمونيا في حيفا وأهداف استراتيجية اخرى.
واعترف يوئيل ستريك، قائد قيادة الجبهة الداخلية المغادر، بأن لدى "حزب الله" حوالي 150 ألف صاروخ، بعضها يغطي جميع مناطق الدولة. نحن مستعدون جيدا، قال، لكن "لا يوجد رد كامل على تهديد كهذا".
يُعتبر هذا اعترافاً لائقاً، لكنه مثير للغضب. كيف حدث أن الجيش الاسرائيلي الاكبر والفظيع لم يمنع وصول عدد الصواريخ الكبير الى أيدي هذه المنظمة الإرهابية؟ عندما يقوم تنظيم باطلاق آلاف الصواريخ – أو عشرات أو مئات الآلاف فهذه الصواريخ ستنجح في اختراق الاجهزة الدفاعية وتؤدي الى قتلى ومصابين والى تدمير البنى التحتية والمباني وتشويش توفير الغذاء والمواصلات البرية والجوية والمساعدة الطبية والاقتصاد وكل شيء. مثال صغير على ذلك كان في حرب لبنان الثانية. صحيح أن سلاح الجو حيد الصواريخ بعيدة المدى، لكن للصواريخ التكتيكية ايضا كان تأثير استراتيجي: أدت الى سقوط الضحايا المدنيين والى الدمار الكبير والفوضى والهرب الجماعي والمهين للسكان، بما في ذلك رؤساء مدن.
في آب 1970، بعد سنة ونصف من حرب الاستنزاف، التي قتل فيها 400 جندي ومواطن، تم التوقيع على اتفاق وقف اطلاق النار بين اسرائيل ومصر. وفي اليوم التالي، خلافا لما تم الاتفاق عليه، بدأت مصر في نصب صواريخ مضادة للطائرات سوفييتية الصنع قرب قناة السويس. وقامت اسرائيل بالاحتجاج على ذلك، لكنها لم تمنع نصبها كونها مستنزفة وممزقة من الداخل.
في ذلك الوقت بدأت سياسة "الاستيعاب". وفي حرب "يوم الغفران" دفع سلاح الجو ثمن ذلك، بل الجيش الإسرائيلي كله، فقد كان الثمن باهظا بالأرواح والطائرات الى درجة تحطم قدرة اسرائيل القتالية. لو كان سلاح الجو الاسرائيلي قصف الصواريخ وهي في طريقها الى السويس، مثلما كتب الجنرالات في مصر في مذكراتهم، لكان من المشكوك فيه أن نستطيع في العام 1973 التقدم مع ألوية سلاح المشاة والمدرعات وعبور القناة.
الخطأ الاول الذي يمكن نصر الله من العودة والتهديد ولد بعد قرار مجلس الامن رقم 1701 لانهاء حرب لبنان الثانية. 15 ألف جندي من "اليونفل" تم وضعهم في لبنان لمنع "حزب الله" من إعادة تسلحه، ولمنع تسلله الى إسرائيل. وقد جاء في القرار بشكل واضح أنه توجد لـ "اليونفل" صلاحيات لفرض ذلك بالقوة. ولكن قبل أن تنسحب الوحدات الاسرائيلية الاخيرة من لبنان تم استئناف تهريب الصواريخ، وهذه المرة بكميات ونوعيات لم تكن لدى "حزب الله" من قبل. ولم تفعل "اليونفل" أي شيء.
كيف كرر التاريخ نفسه؟ لم يكن لدى رؤساء الدولة القوة النفسية للطلب من الجيش الاسرائيلي – الذي هو ايضا شعر بأنه مهزوم – منع تهريب الصواريخ حتى لو كان الثمن اعادة الدخول الى لبنان. لو أن اسرائيل منعت في لحظة الحقيقة اعادة التسلح لكان تم منع قتل آلاف الاسرائيليين واللبنانيين في المستقبل، عندما يقوم نصر الله بتنفيذ تهديده بعد أن تأتي الأوامر من طهران.
هذه هي عقلية "الاحتواء" التي تحولت الى نظرية تتبناها حكومات اسرائيل والجيش الاسرائيلي في العقود الاخيرة. ومن يمتدح هذه العقلية تحت غطاء "السياسة المسؤولة" فهو يتصرف عمليا بعدم مسؤولية. حكومات اسرائيل الاخيرة، التي سمحت لـ "حزب الله" و"حماس" بامتلاك عدد كبير من الصواريخ، حولت المواطنين الاسرائيليين الى أسرى في أيدي ايران. ومثلما حدث عشية حرب "يوم الغفران"، فقد عدنا لننتظر العدو بأن يوجه الضربة الاولى كثيرة الضحايا والأضرار. هذه الضربة، في اعقاب ما يحدث في ايران وسورية ولبنان وغزة، ستأتي عاجلا أم آجلا.
من الواضح أننا سننتصر، لكن ثمن الاستيعاب قد يكون باهظاً، باهظاً جداً.

عن "هآرتس"