كلما مرت الأيام يتضح كم كان حكيما قرار رئيس "البيت اليهودي"، نفتالي بينيت، تقديم موعد الانتخابات التمهيدية للحزب وإجراؤها في خطوة عاجلة في نحو الشهرين فقط.
بيان العقيد احتياط يونتان برنسكي، هذا الاسبوع، عن انضمامه الى السباق، وحقيقة أن عدد المتنافسين امام بينيت يصل الى ثلاثة، تدل بقدر كبير على عدم الارتياح المتراكم في الاجنحة المختلفة في الحزب لزعامته.
لا تخطئوا – أي من المتنافسين، بمن فيهم برنسكي، الذي قد يكون الاكثر جدية بينهم- لا يهدد في نقطة الزمن الحالية زعامة بينيت في الحزب. فكرسي بينيت مستقر جدا، ولا يبدو انه يوجد أي مرشح محتمل آخر يمكنه حقا ان يشكك بزعامته. ولكن رغم ذلك فثمة لبينيت أسباب وجيهة ليكون قلقاً.
كي نفهم الشرك الذي علق فيه بينيت ينبغي أن نعود خمس سنوات تقريبا الى الوراء. ففي نيسان 2012 أعلن ثلاث شخصيات معروفة عن اقامة حركة يمينية جديدة تسمى "إسرائيليين".
الاول من بين المؤسسين كان نفتالي بينيت، الذي كان حتى زمن قريب من ذلك مدير عام مجلس "يشع"، ويعتبر من حمل المجلس الى وعي الجمهور الاسرائيلي. اما الثانية فكانت آييلت شكيد، التي كانت حتى ذلك الحين نشيطة في منظمة يمينية اقامتها تسمى "اسرائيل خاصتي"، التي عملت بالتعاون مع مجلس "يشع" ووضعت اليمين على الخريطة في الشبكات الاجتماعية – وهي الساحة التي كانت تعتبر في حينه حديثة ومخترقة للطريق.
اما الثالث فكان الحاخام افيحاي رودنسكي، الذي تسرح قبل وقت قصير من ذلك من الجيش الاسرائيلي في نهاية ولاية عاصفة كالحاخام العسكري الرئيس وكان محبوبا جدا في الوسط الديني القومي. ومع اقامة الحركة أوضح الثلاثة بأنهم يتطلعون الى الاعلى، اعلى ما يكون.
اما الالتفاتة في الحبكة فوقعت حين كان يخيل ان ها هي الانتخابات ستأتي مبكرا، ما تبين في نهاية الامر كتوقع مغلوط. النائب في حينه، الراحل اوري اورباخ، اقنع الثلاثة بالانضمام الى "البيت اليهودي" بحجة مزدوجة: الأولى هي أنهم معا سيتمكنون من الاستيلاء على الحزب، والثانية هي أن الحزب في صورته الجديدة سيتمكن من أن يكون منصة لقيادة الدولة. القسم الاول من توقع اورباخ تحقق كما هو معروف. المشكلة ظهرت في القسم الثاني. كلما مر الوقت تأكدت الحقيقة البسيطة بأن حزب "البيت اليهودي" في جيناته الاساس ليس منصة محتملة لقيادة الدولة.
الوضعية الحالية، حيث انعدام احتمال أن يقف امام بينيت عدة مرشحين بعضهم على الاقل ليسوا مهرجين هاذين، تعبر جيدا عن المشكلة. فما هو مصدر قوة اولئك المتنافسين؟ الاحساس بالاستياء من سلوك بينيت والذي يوجد ويعتمل في الحزب من تحت السطح.
بينيت، كرئيس لـ "البيت اليهودي" يبتعد جدا عن الانشغال بشؤون الوسط. فهو نشيط جدا في الحزب ولكنه لا يحصي الوسط بمفهومه الواسع. اما نشطاء الحزب بالمقابل فهم الميدانيون، وبقدر كبير رجال الوسط، وسلوك بينيت هذا لا يطيب لهم. قسم آخر من النشطاء، ولا سيما الجناح الاكثر يمينية سواء من ناحية سياسية أم من ناحية دينية، يخشى من أن يكون تطلع بينيت الى خارج الوسط معناه ايضا التطلع الى الخارج من حيث الايديولوجيا المتصلبة والاستعداد للحلول الوسط الايديولوجية.
هذا الائتلاف من المتفرغين السياسيين في الحزب، من اليمين الايديولوجي المتصلب، ورجال الجناح الاصولي يخلق لبينيت مشكلة عسيرة. من اجل الحفاظ على قيادة الحزب فانه ملزم بان يرضي هذا الجناح. من جهة اخرى، من اجل الاقتحام الى الخارج فانه ملزم بان يضع كل هذا الجناح جانبا. والنتيجة هي أنه سرعان ما سيكون بينيت ملزما بان يختار بين الحزب وبين تطلعه غير الخفي لقيادة الدولة. اذا قرر السير بل القوة نحو قيادة الدولة، فسيكون ملزما بان يجد السبيل لتغيير المنصة السياسية التي يعلوها.
عن "يديعوت"