داخل حجرته الصغيرة، على كرسي بلاستيكي صغير يجلس بين آلاف الكتب التي تم اقتناؤها، وأخرى خطها قلمه في مختلف العلوم؛ وما يزال عطاؤه مستمرًا في قراءة وتأليف الكُتب، التي زادت عن "57 كتابًا" لم تحظَ بالنشر والاهتمام في فلسطين.
حياةٌ تزخر بالعلم والمعرفة الواسعة، وعقودٌ لم تُثنيه عن مواصلة شق طريقه نحو التأليف والكتابة، رغم عدم احتضان مؤلفاته، وعلى الرغم من قفزه حاجز العقد السادس من عمره، إلا أن عطاءه ما يزال يتدفق من داخل منزله الصغير وسط مخيم يبنا، بمحافظة رفح، جنوبي قطاع غزة.
حسني محمد العطار صاحب الـ"61عامًا", تربى على حب القراءة والكتابة بين أحضان مكتبة أعمامه فوزي وسليمان العطار، بدأ بتدشين مكتبته الخاصة في الثانية عشر من عمره، بتجميع الكُتب التي يشتريها على الأرفف وداخل الأدراج, حتى تدفق حبر قلمه على الأوراق، لينطلق في مسيرة التأليف مع بداية العقد الثالث من عمره، حتى يومنا هذا.
مسيرة حافلة
تلقى العطار تعليمه الابتدائي والإعدادي في مدارس وكالة الغوث الدولية، ومرحلة الثانوية في مدرسة الأقصى الشرعية بمدينة القدس، وهو ما اعتبرها "النقلة النوعية" في حياته، من خلال تعرفه على شريحة كبيرة من سكان القدس والزائرين لها من الخارج.
ويقول خلال حديثه لمراسل "وكالة خبر"، "غادرت إلى مصر العربية لإكمال دراستي في الفلسفة بالأزهر الشريف منتصف السبعينيات؛ ثم عدت إلى قطاع غزة مطلع ثمانينيات القرن الماضي لإكمال دراسة البكالوريوس تخصص "حديث شريف" في الجامعة الإسلامية، ثم غادرت لليبيا من أجل العمل في سلك التعليم هناك".
وتابع, "تعرضت للاعتقال، ودفع غرامات مالية، ومصادرة الكتب والمؤلفات من داخل المكتبة، بزعم أنها كُتب يحظر تداولها أو اقتناؤها أو دراستها؛ وبعد عقد ونصف من الزمان مضت في تدريس اللغة العربية والتربية الإسلامية في ليبيا، عدت إلى غزة لإكمال مسيرتي في تدريس التربية الإسلامية، كما أكملت دراستي العليا بغزة وحصلت على الماجستير في تخصص المذاهب المعاصرة عام 2014م".
وأمضى العطار 36عامًا في سلك التعليم، تميزت حياته قبل الثلاثين من عمره بنشاطه الدعوي ودروس العلم وتحفيظ القرآن في المساجد القريبة من منزله بمخيم يبنا، إلى أن باشر في التأليف في موضوعات فكرية ودينية وثقافية وتاريخية ووطنية.
كنز أدبي
وتحتوي المكتبة التي لا تزيد مساحتها عن ثلاثة أمتار، على أكثر من "4500" كتاباً و"30" مُجلدًا، قرأ أغلبها، بل ويعرف مكان كل كتاب وعنوانه وما يحتويه بحكم القراءة المستمرة، كما أنه يأتي بكتب أخرى كلما أتيحت له الإمكانيات المادية.
وتمكن العطار من تأليف حوالي "57كتاباً" خلال حياته، من بينها "6كُتب" عن القضية الفلسطينية، وأكثر من "25كتاباً" عن الثقافة الإسلامية، و "8كُتب" عن الحديث الشريف والتفسير، وأخرى عن الثقافة والتاريخ, ونشر 4 مؤلفات بجمهورية مصر العربية منها كتاب "القضية الفلسطينية رؤية إسلامية", مشيراً إلى أن مؤلفاته مُحكَّمة تحكيم أكاديمي من قبل المراكز العلمية والأدبية والمعاهد العليا.
وأوضح أن المكتبة ملك خالص له، لكنه يمنح الباحثين في أي مجال حق زيارتها واقتناء الكتب، خاصة الذين يدرسون الماجستير والدكتوراه، في تخصص الحديث والتفسير والعلوم الإنسانية والأدبية واللُغوية.
وتمنى العطار الذي هو عضو رابطة الكُتاب والأدباء الفلسطينيين، أن يجد من يساعده في نشر ما يمتلك من مؤلفات حتى لا تضيع ثروته العلمية وتبقى حبيسة الأدراج؛ وتعم الفائدة على الجميع.