رصاص في الهواء وتصفيق واستبشار

المواطنون في غزة يبحثون عن الحياة على أعتاب نتائج اجتماعات القاهرة

احتفالات بوقف الحرب على غزة
حجم الخط

غزّة - خاص وكالة خبر - مارلين أبو عون

امتلأت الأجواء في جنوب القطاع بالفرح وإطلاق الرصاص في الهواء والتصفير والزغاريد من قبل المواطنين الذين يتعطشون لإعلان وقف إطلاق النار، وعيونهم تشخص نحو القاهرة التي فتحت أبوابها للمفاوضات برعايةٍ أمريكية وتعهد من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي وعد بإنهاء الحرب وإغلاق ملف معاناة للمواطنين الذي استمر لعامين متواصلين.

انطلقت الزغاريد والتهاليل المستبشرة بانتهاء الحرب قبل إعلان أيّ جهة فلسطينية أو عربية عن وقف لإطلاق النار وكان  ما يصدر عنهم أجواء إيجابية وقرب توقيع اتفاقية نهاية المعاناة.

وبعد ساعات أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وحركة حماس التوصل لاتفاق يقضي بإنهاء الحرب على غزة، لتعلو أصوات الفرح والاحتفال مجدداً لكن هذه المرة بعد الإعلان الرسمي عن الاتفاق.

العيون الشاخصة نحو القاهرة هي ذاتها التي قدمت وذرفت الكثير من الدموع على أحبائها الذين ارتقوا في حرب لم تترك شيئاً في غزة إلا ودمرته وأحرقته، تلك العيون التي تعبت من كثرة النزوح والجوع والفقدان والألم، ورغم ذلك فهي تبحث عن الحياة وتركض نحوها ما استطاعت إليها سبيلاً.

مراسلة وكالة "خبر" رصدت آراء المواطنين قبل تلك التهاليل والزغاريد وسألتهم عن توقعاتهم لنتائج المفاوضات في القاهرة، وماهي أهم الأشياء التي خطرت على بالهم لحظة الإعلان عن وقف إطلاق النار وماذا سيفعلون بتلك اللحظات.

يقول إسماعيل أبو حطب، وهو شاب نزح قبل ثلاثة أسابيع من مدينة غزة نحو مواصي القرارة جنوب القطاع: "أتمنى أنّ تنتهي الحرب لأنّه بصراحة لم يعد لدينا طاقة جسدية أو مالية أونفسية لتحمل مزيد من القتل والدمار والنزوح".

ويُتابع: "في كل مرة تتم فيها المفاوضات يعطينا الساسة والمفاوضون بريق أمل كاذب نستيقظ منه على فشل ذريع في المفاوضات وتعود الأمور إلى أسوأ ما توقفت عنده، لذلك لن أستبشر ولن أفرح ولن أعطي نفسي أملاً أستيقظ منه على انتكاسة اسمها الجوع أو النزوح أو القصف من جديد، ليس لدي ثقة بالجانب الإسرائيلي المراوغ الذي في كل مرة يلقي الكرة في ملعب الجانب الفلسطيني بعد فرض شروط تعجيزية تراها المقاومة مستحيلة ونحن في النهاية الذين ندفع الثمن".

"هنرجع ونصنع من المستحيل حياة"

أما عصام المبحوح والذي يقف على بسطته لبيع المنظفات فله رأي مختلف عن إسماعيل، حيث يقول: "المرة هادي بتختلف عن كل المرات السابقة لأسباب كتيرة أولها إنه ماضل شي ما دمروه ماضلش شي إلا ما قتلوه والسبب التاني أمريكا هادي المرة تدخلت وحط ترامب ثقله بالموضوع لإنهاء الحرب بالآه باللاء بدهم ينهوها وسبب تاني إنه صار عند كل طرف قناعة إنه استمرار الحرب كلفهم وهيكلفهم أضعاف لو ما انتهت الحرب وأسباب تانية كتيرة بتعطيني أمل إنه الحرب قربت تنتهي".

وبسؤاله عن أول شيء سيفعله بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار، يقول: "بدي أنام عن جد يوم كامل من غير ما أعمل شي، وبس أصحى بدي أشتري حلو وأحلي مرتي وأهلي وأولادي ،وأجهز حالي مشان أرجع لغزتي الحبيبة على مخيم الشاطئ، بدي أرجع حتى بعد ما عرفت إنه منطقتي الي بعيش فيها صارت كوم حجارة برضو بدنا نرجع ونصنع من المستحيل حياة".

"مش راجعة على غزة"

"بثينة النجار" التي فقدت جميع عائلتها باستثناء أخيها الذي تركته إصابته مقعداً حين استقرت شظية قاتلة في ظهره، تقول لمراسلة "خبر": "كل واحد بيطلع يزغرد أو يغني أو يرقص هذا إنسان ماعنده دم ولا عنده دين ولا عنده احساس كمان، على شو بيفرحوا؟ على شو؟ حدا يجاوبني، بعد ما مات ربع الشعب بعد ما خسرنا أهلنا وبيوتنا وحياتنا لشو بدنا نفرح، الحياة أعطتنا كف سبب عندنا عمى ما راح نشوف النور بعده لسنين طويلة جاية".

وتابعت: "قيادات الأخضر احنا مش ببالهم ولا احنا أصلاً من ضمن اهتماماتهم لأنه لو احنا هيك كانوا وافقوا على أول صفقة كانت قبل سنتين رفضوها في حين لو كانوا وافقوا ماكان حدا فقد بيته هيك ولاخسر أهله ولا ضاعت غزة متل ماهي ضايعة بهيك وقت، أنا لو علي مش مروحة على منطقة بيتي المدمرة في غزة، على شو بدي أرجع ع الركام؟ ولشو بدي أرجع؟ لاهيكون بنى تحتية ولا مية ولا شي، هيني موجودة مع أخوي المشلول (بركات الحرب) وقاعدين لغاية ما يلاقولنا حل ويعملولنا أدنى مقومات الحياة مع إنه احنا عارفين ومتأكدين إنه بعد الحرب ما راح نشوف الحياة ولا الراحة في ظل دمار مخيف ما سلمت منه منطقة بالقطاع".

"رواء" التي تحلم بأنّ تعود إلى الحبيبة رفح كما تسميها تبتسم عند الحديث وكأنها تنتظر منا نحن كصحفيين أنّ نقول لها خبراً يثلج صدرها كوننا الجهة التي تذيع الأخبار وتنقل معاناتهم، تقول لمراسلة "خبر": "حلم حياتي إني أرجع لرفح حبيبة الروح، وخايفة من لحظات الرجوع، لأنه ببساطة راجعين ع دمار وما راح نلاقيها متل ما تركناها، بعرف إنه هنبكي من كل قلبنا وبعرف إنه هنشوف أيام صعبة جداً بس كله يهون قدام الحرب اللعينة هاي،هي تنتهي وبإذن الله راح نعمرها ونبنيها من تاني".

توقفت لحظة عن الحديث وغرورقت عيناها بدموعٍ تحاول أنّ تحبسها وعادت لتقول: "ها هم (تقصد الاحتلال) يذبحوننا مرة أخرى بنشرهم خريطة تمنعنا من العودة لرفح في مراحل الاتفاق الأولى والثانية، ولم يعد لدينا أمل في العودة مرة أخرى".

وكالة "خبر" رصدت ردود الأفعال حول الاتفاق القادم ومدى تفاؤل المواطنين في موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك "، فكانت كالآتي:

المواطنون في غزة يبحثون عن الحياة على أعتاب نتائج اجتماعات القاهرة
المواطنون في غزة يبحثون عن الحياة على أعتاب نتائج اجتماعات القاهرة
المواطنون في غزة يبحثون عن الحياة على أعتاب نتائج اجتماعات القاهرة
المواطنون في غزة يبحثون عن الحياة على أعتاب نتائج اجتماعات القاهرة
المواطنون في غزة يبحثون عن الحياة على أعتاب نتائج اجتماعات القاهرة
المواطنون في غزة يبحثون عن الحياة على أعتاب نتائج اجتماعات القاهرة
المواطنون في غزة يبحثون عن الحياة على أعتاب نتائج اجتماعات القاهرة