نشأ، مؤخراً، إحساس بأن سُحب الحرب تتكثف فوقنا. فالأقوال التي صدرت، أول من أمس، عن رئيس المخابرات حول عمليات متوقعة، وتحذيرات رئيس الاستخبارات عما يجري في غزة، وتنقيط نار الصواريخ من القطاع، والأقوال الحماسية لنصر الله والهجوم الاسرائيلي الاخير في سورية.. كل هذه تشدد على هذا الإحساس. غير أنه من الاهمية بمكان التمييز بين التغييرات الحقيقية وبين الاحداث الاعتيادية، بل الأكثر من ذلك أنه من الاهمية بمكان التشديد على الامور التي يمكن التأثير عليها.
وفي هذا السياق من الصواب تناول أربع ساحات: "يهودا" و"السامرة"، غزة، لبنان، وسورية.
بالنسبة لـ"يهودا" و"السامرة" لا جديد. فالربع الاول من العام 2017 اكثر هدوءاً من الربع الاول من العام 2016. خبت "انتفاضة السكاكين"، وتتطلع السلطة الفلسطينية بأمل جديد الى واشنطن، ولا يبدو أنه توجد في الضفة كتلة حرجة من التأييد لأعمال العنف. وسيسعد "حماس" أن تصدر عمليات "ارهابية" من الضفة، ولكن ليس في هذا أي جديد. فغزة في وضع آخر.
الواقع الاقتصادي والانساني الصعب يضعف رغبة "حماس" أو قدرتها في منع نيران المنظمات "العاقة". لا يدور الحديث عن تآكل للرد الاسرائيلي الذي بني في "الجرف الصامد"، بل عن أن اسرائيل لا تعمل من أجل المصلحة المشتركة بينها وبين "حماس" – اعمار القطاع.
ففور "الجرف الصامد" سمح للقطتين السمينتين بالحفاظ على القشد: فقد كان يفترض بمصر ان تقود مؤتمراً دولياً لإعمار القطاع، بينما كان يفترض بالسلطة الفلسطينية أن تكون العنوان الذي يوجه اليه المال. والسخرية هي أن الجهتين الوحيدتين في العالم غير المعنيتين باعمال القطاع هما بالضبط هاتان الجهتان. والسبيل الى منع جولة عنف اخرى تستوجب من اسرائيل أن تشجع الاستثمارات في البنية التحتية في غزة. ولكن اسرائيل تفعل العكس. هكذا، مثلا، منذ سنتين والاتراك يطالبون بحل (مؤقت) لضائقة الكهرباء في غزة من خلال سفينة تشكل مولداً كبيرا، لكن اسرائيل تعارض.
في الساحة الثالثة، يستمد "حزب الله" في لبنان الثقة من مجرد كونه ينتمي الى "المعسكر المنتصر" في الحرب في سورية. والسبيل الى حفظ الردع يستوجب من اسرائيل ان تقول بوضوح إنه حكومة لبنان ورئيسها يتحملان المسؤولية الكاملة عن أفعال "حزب الله"، واذا ما فتحت النار من الحدود اللبنانية فانها لن تؤدي الى حرب اخرى ضد "حزب الله" مثلما في 2006، بل الى حرب رسمية ضد دولة لبنان. ولما كان لا أحد يريد تدمير لبنان، لا ايران وسورية من جهة، ولا السعودية، فرنسا، والولايات المتحدة من جهة اخرى، فهذا هو الردع الحقيقي. وقد قال رئيس الاركان، هذا الاسبوع، اقوالاً في هذا الاتجاه، ولكن ليس بالوضوح اللازم.
الانباء الحقيقية الوحيدة تأتي من سورية، وهذه بالفعل أنباء مقلقة. فمعسكر الاسد، "حزب الله"، ايران، وروسيا يلوح بأنه المعسكر المنتصر في الحرب الأهلية. في هذه المرحلة، كل واحد من الشركاء يحاول نيل نصيب أكبر من الغنيمة قدر الامكان. ايران و"حزب الله" يحاولان خلق تواجد مهدد على الحدود السورية. والسبيل الى منع ذلك يستوجب، اضافة الى الاشارات بالنار والحوار مع روسيا، امرا آخر: الايضاح للولايات المتحدة بأن هذا هو الموضوع الأهم الذي يطلب فيه الدعم الأميركي.
عُلم أن رئيس مكتب رئيس الوزراء سافر الى محادثات في واشنطن بالنسبة للبناء في المستوطنات. ومن المشكوك فيه أن تكون إدارة ترامب منصتة في هذه اللحظة لاكثر من رسالة واحدة. رسالة تتناول حظر تواجد القوات الايرانية على حدودنا مع سورية هي الأمر الأهم والأكثر إلحاحا الآن.
عن "يديعوت"