إرهـــاصــــات حــــرب جـــديـــدة تلـــوح فـــي الأفـــق

thumb.php.jpg
حجم الخط

يشعر الجمهور في إسرائيل في هذه الاثناء بأنه محصّن أكثر من أي وقت مضى؛ لأن صاروخ الحيتس نفّذ عملاً ناجحاً؛ حيث أسقط صاروخاً مضاداً للطائرات فوق الأراضي الإسرائيلية، أطلق من سورية، ويعمل سلاح الجو بنجاعة من أجل منع وصول ارساليات السلاح المتقدم الى «حزب الله». أما السلاح المتقدم لدى الجيش الاسرائيلي فهو يزداد تقدما مع الإعلان عن دخول «مقلاع داود»، الذي يقوم بإسقاط الصواريخ متوسطة المدى، إلى حيز التنفيذ، في 2 نيسان القادم.
«مقلاع داود» و»القبة الحديدية» و»حيتس» هي الثالوث المقدس الجديد، وهي تنتشر فوق رؤوس اليهود في إسرائيل. مظلة دفاعية سحرية. عريش إلهية تقدر على كل شيء. تنضم الى الدفاع الذي قدمه الله أصلا لشعبه المختار. هناك هدوء غير مسبوق في الحدود اللبنانية، وهدوء في غزة، وتم ردع «حزب الله» و»حماس»، وتلاشت انتفاضة الافراد، وتلتزم ايران بالاتفاق النووي الذي يمنعها الآن من انتاج القنبلة النووية. عشية عيد الفصح 2017 سيكون الوضع عندنا أفضل من أي وقت مضى، إنه رائع ببساطة، نحن محصنون. ومثلما هي العادة سيفاجأ الاسرائيليون بنشوب الحرب القادمة، التي ستنشب قريباً. رغم أن جميع المعطيات التي تشير الى اقترابها توجد أمام وجوههم غير المبالية.
ما زالت اسرائيل هي المسؤولة عن قطاع غزة، إلا أنها تنفي ذلك، مثلما تنفي كل ما هو غير مريح بالنسبة لها. ولكن الوضع الانساني في القطاع هو من الأصعب في العالم. لذلك ليس من المفاجئ أن يعلن رئيس «الشاباك»، نداف ارغمان، أن «الهدوء النسبي الذي نشاهده هو هدوء مضلل وكاذب». وهذا الامر لا يسمعه الاسرائيليون. فهم ثملون من الاكاذيب التي يقولونها لأنفسهم.
حسب أقوال ارغمان فإن «حماس» تخطط لعملية في عيد الصفح. وفي العام 2016 أحبط «الشاباك» 344 عملية. وعلى الأغلب ستنجح «حماس» قريبا في تنفيذ عملية لن يستطيع «الشاباك» أن يمنعها، وهي قد تكون في عيد الفصح أو بعده، التوقيت غير معروف، أما الأمر المؤكد فهو أن هذا سيحدث قريباً. ويضيف ارغمان «إن «حماس» مستعدة الآن لمواجهة اخرى». واسرائيل مستعدة دائما بالطبع. وها هو أمر آخر مؤكد، وهو أن هذا سيحدث قريبا، هذه المواجهة ستحدث قريبا. فالكارثة الانسانية المستمرة ستؤدي الى عملية حقيقية تتسبب برد شديد لاسرائيل، فتندفع المواجهة. هذه معادلة بسيطة، لكن الجمهور في اسرائيل فشل في امتحان الرياضيات هذا المرة تلو الاخرى.
في المنطقة الشمالية تنضج المواجهة ايضا. فقد حدث تحول في سورية، حيث استقر نظام الاسد. ونتيجة ذلك أن مقاتلي «حزب الله» وحرس الثورة الإيراني يتسللون رويداً رويداً إلى هضبة الجولان. وتصمم إسرائيل على منع ذلك، مثلما تصمم على منع وصول السلاح الى «حزب الله»، وهي لن تتراجع عن المواجهة. إن استقرار نظام الاسد يُمكن «حزب الله» من مهاجمة اسرائيل. فهل سيتراجع «حزب الله» عن المواجهة؟ الاسد سيتشدد في رده على القصف الاسرائيلي، وعلى طلب اسرائيل الاعتراف بضم هضبة الجولان من الأميركيين. حكومة اسرائيل، التي خاب أملها من ادارة ترامب فيما يتعلق بأطماعها الامبريالية في «يهودا» و»السامرة»، يحتمل أن تقوم بنقل شعلة الضم الى الجولان.
إن الرغبة الطبيعية في عرض قدرة «مقلاع داود» ستنضم الى هذه الاعتبارات، لمن يريد أن يشتري. سيستيقظ الجمهور الاسرائيلي في الصباح وهو على قناعة بأن كل شيء جيد. لكن القناعة بأن هذا سيستمر هي هستيريا جماعية. فالسماء ستسقط علينا.

عن «هآرتس»