من رحم المعاناة وفي أحلك الظروف، يُولد الأمل والتحدي والمُثابرة من قبل طلبة قطاع غزة، وخاصة طلبة الثانوية العامة دفعة 2024، والذين حُرموا على مدار عامين من استكمال مسيرتهم التعليمية؛ بسبب الحرب التي امتدت منذ السابع من أكتوبر 2023 إلى أن وضعت أوزارها منذ أيام قليلة، وتم تقديم الامتحانات في أصعب ظروف مر بها الطلبة، وخاصة كانت فترة نزوح أخرى عقب إقدام الاحتلال الإسرائيلي على اقتحام مدينة غزة ومحاولة إعادة احتلالها.
في لقاءٍ خاص بوكالة "خبر" الفلسطينية، اليوم الثلاثاء، مع الطالبة "ر.ن" والحاصلة على معدل 89.9% الفرع العلمي، أشارت إلى أنها قامت خلال عامين متواصلين بمتابعة المقررات الدراسية إلكترونيًا ومراجعتها أولًا بأول بانتظار تحديد موعد للامتحانات والذي تم تأجيله أكثر من مرة بسبب الحرب على القطاع، إلى أن تم تحديده شهر سبتمبر الماضي، حيث كانت تنتقل مشيًا على الأقدام من منزلها في حي الكرامة إلى مخيم الشاطئ لتوفير نقطة إنترنت مناسبة لتقديم الامتحانات.
وذكرت أنها تتمنى بعد هذا الجهد الكبير أن تتمكن من دراسة التخصص الذي ترغب به وهو ما يتعلق بالحاسوب، سواء هندسة حاسوب أو برمجة.
ومن جانبها، أفادت الطالبة "ض.س" والحاصلة على معدل 87.7%، الفرع العلمي، بأنها بعد الحرب مباشرة واجهت فترة من الاكتئاب النفسي لعدم تمكنها من تحقيق حلمها بالتفوق في الثانوية العامة واستكمال مسيرتها العلمية الجامعية، إلا أنها فيما بعد استجمعت قواها وأصرّت على استكمال المشوار رغم الظروف الصعبة، وقامت بالمتابعة لدروسها إلكترونيًا ومراجعتها أولًا بأول، ومحاولة أهلها لتوفير كافة الظروف الاجتماعية والنفسية لتقديم الامتحانات التي تم تحديدها أخيرًا.
وأوضحت أنها ترغب في استكمال مسيرتها الجامعية من خلال دراسة طب الأسنان، آملة الحصول على منحة دراسية خارج البلاد.
فيما الطالب "م.ن" الحاصل على معدل 91% الفرع الأدبي، أكد على أن الامتحانات جاءت في وقت صعب جدًا يمثل أكبر تحدي لمواصلة المسيرة العلمية، خاصة أنها جاءت في ظل نزوح من مدينة غزة، وصعوبة الحصول على إنترنت ليتمكن من تقديم الامتحانات، إلا أنه تحدى تلك الظروف الصعبة وأصرّ على الاستكمال.
وبيّن لمراسلة وكالة "خبر"، أنه يرغب في استكمال دراسته الجامعية في تخصص يناسب معدله العلمي، خارج البلاد، ويُفضل أن يكون في مجال العلوم السياسية أو الاقتصاد.
وأخيرًا، يُمكن القول، إنَّ الأمل يُمكن أن ينشأ من الظروف الصعبة والمشقّات، ومن الألم والإخفاق يُمكن أن تولد القوّة والإرادة والتصميم اللازم لتحقيق النجاح والنجاة من الشدائد، وأن أشد لحظات اليأس هي الأقرب للنصر، وأن الظلام الدامس يسبق بزوغ الفجر.