يستعد الأسرى في السجون الإسرائيلية لإضراب جماعي عن الطعام يبدأ يوم 17 نيسان المقبل إذا لم تلبَّ مطالبهم حتى ذلك الوقت، التي هي في جزء كبير حقوق كانت لدى الأسرى وسحبها الاحتلال تدريجياً كإجراءات عقابية.
وبقدر ما يعد الإضراب مرحلة متقدمة للمواجهة مع الاحتلال، فإنّه في الوقت ذاته اختبار لمدى الحيوية الباقية في الحركة الوطنية الفلسطينية، ولقوى التضامن الفلسطينية، والعربية، والدولية. وستكون قمة النجاح إذا تحققت المطالب قبل الموعد المحدد، واستجاب الإسرائيليون للضغوط، وبالتالي التراجع عن الإضراب.
أبرز الداعين للإضراب، وقائده، هو مروان البرغوثي، عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، وأهمية هذا الإضراب، أنه يأتي بعد سلسلة طويلة من الإضرابات الفردية لأفراد، خصوصاً من المعتقلين الإداريين (أي دون محاكمة ووفق ملف سري يقدم للقاضي ولا يطلع عليه حتى الأسير)، وبلغ عدد حالات الإضراب الفردي في العام 2016 ما لا يقل عن عشرين حالة. ورغم البطولة الفائقة من هؤلاء الأسرى، والتضامن معهم، إلا أنّه رغم ما كان يعلن عن اتفاقات أو تفاهمات تنهي الإضرابات إلا أنّ الاحتلال كان يتراجع أو لا يعترف بوجود اتفاقيات، وما إن يفرج عن الأسير حتى يعود لاعتقاله لاحقاً، وعلى سبيل المثال يوجد في المعتقل الآن كل من سامر العيساوي ومحمد القيق، وسابقا أعيد اعتقال خضر عدنان. من هنا فإنّ الإضراب المزمع هو عودة للنمط الجماعي. كما أنّه بحسب بيان مطالب الحركة الأسيرة، ورسالة مروان البرغوثي لأسرى حركة "فتح" تم تحديد قواعد ملزمة للإضراب، مثل متى يتم أخذ المُدعّمات التي يسمح بها القانون الدولي لمن يضرب على الطعام، وتحديد مرجعية تفاوض واضحة للإضراب، هي التي تقرر بشأنه، وغير ذلك من الأمور.
في العادة، وبحسب تجارب الماضي هناك محددان أساسيان لنجاح الإضرابات عن الطعام، الأول هو مدى وسرعة تجاوب الشارع والقوى السياسية مع الإضراب، والثاني، وحدة الأسرى والتنسيق بينهم.
في الموضوع الأول، فإنّ الأسرى يختارون المواجهة من نقطة الصفر، أي من نقطة التماس المباشر مع الاحتلال. في المقابل فإنّ موقف الشارع الفلسطيني والعربي والشارع الدولي أمور حاسمة في إنجاح الإضراب. ولعل تقرير موعد 17 نيسان، بما يرتبط به من رمزية يوم الأسير، وبعد يوم من ذكرى استشهاد القائد المؤسس في حركة "فتح"، خليل الوزير، وفي ذات يوم ذكرى استشهاد القائد لمؤسس في "حماس"، عبدالعزيز الرنتيسي، يتضمن إعلان مهلة لنحو ثلاثة أسابيع لإعطاء الشارع فرصة للتحرك، وبالتالي زيادة فرص الضغط على الإسرائيليين للتوصل لاتفاق، أو على الأقل أن يجري الدخول للإضراب بزخم كبير. من هنا يصبح السؤال ما الذي سيحدث شعبياً ورسمياً حتى ذلك الوقت؟ ماذا ستفعل منظمة التحرير الفلسطينية والفصائل والقوى السياسية والمدنية وجماعات حقوق الإنسان في فلسطين وخارجها؟
في الموضوع الثاني، وهو وحدة الأسرى، فإنّ هذه الوحدة لم تتحقق تماماً حتى الآن إذ يفضل أسرى أن يجربوا وسائل أخرى، ويحاول الاحتلال تفتيت الأسرى، بالتمييز بين سجن وآخر في التعامل، أو حتى داخل السجن ذاته، وبالتالي يحاول إقناع شرائح من الأسرى بعدم جدوى الإضراب، ولكن الوحدة في السجون يمكن أن تتحقق، وفي كثير من الإضرابات السابقة، لم يكن الجميع يلتزمون بالإضراب منذ البداية، ولكنّ كثيرين ينضمون لاحقاً. ويعتمد الأمر على أداء وقرارات الفصائل وقيادات الأسرى، وكيفية تجاوب الشارع مع الإضراب، وتطور الأحداث داخل المعتقلات.
تتضمن مطالب الأسرى قضايا تتعلق بظروف الاعتقال، مثل عدد وظروف الزيارات، ومن هم المسموح لهم بزيارة السجون، والعلاج الطبي، وإقفال المستشفيات الوهمية وتقديم العلاج اللازم، وعدم الطلب من الأسير دفع تكاليف علاجه، وتأمين معاملة إنسانية أثناء نقل الأسرى للمحاكمة، أو من سجن لآخر، في العربة المسماة (البوسطة)، وإضافة قنوات فضائية مناسبة للأسرى، وتركيب تبريد في سجون تعاني حرارة شديدة، وإدخال الكتب والصحف وإعادة السماح بالتعليم الجامعي بالانتساب، وكذلك تقديم امتحانات الثانوية العامة، وتركيب هاتف عمومي يسمح للأسير بالاتصال مع عائلته، ووقف سياسات العزل الإنفرادي، وإنهاء سياسة الاعتقال الإداري.
عن " الغد " الأردنية