«عامونا» الجديدة !

سميح شبيب.jpg
حجم الخط

قبل أن يجف حبر البيان الختامي للقمة العربية، قامت الحكومة الاسرائيلية بتوجيه صفعة قوية، لكل من راهن على توجهات هذه الحكومة، وانصياعها للارادة الدولية قبل اسابيع فقط، اخطرت الحكومة الاسرائيلية باخلاء زهاء ٤٠ مستوطنا من بؤرة «عامونا» الاستيطانية، المقامة على ارض فلسطينية، بناء على قرار المحكمة العليا الاسرائيلية، عند الاخلاء وبعده تتالت التهديدات من قادة الاحتلال، للحكومة ورئيسها، والذي سرعان ما اعلن شخصياً، عن عزمه اقامة مستوطنة جديدة، لمن تم اجلاؤهم عن «عامونا».
عاد نتنياهو من واشنطن، وعلى ذات حماسه وتصريحه، بناء المستوطنة البديلة .. وافقت الحكومة الاسرائيلية وبالاجماع، على بناء المستوطنة البديلة جنوب نابلس. اكد القرار، تسويق ٢٠٠٠ وحدة استيطانية من بين ٢٧٠٠ وحدة، اعلنت عنها سلطات الاحتلال قبل شهرين، وتسويق ٦١٢ وحدة في مستوطنة بيتار عيليت المقامة على أراضي بيت لحم و668 في مستوطنة الفيه منشيه المقامة على أراضي محافظة قلقيلية و٦٣٠ وحدة سكنية في مستوطنة «بيت ارييه» المقامة على أراضي محافظة رام الله والبيرة و٥٢ وحدة في مستوطنة «كارنيه شمرون» المقامة على اراضي نابلس.
«عامونا الجديدة» ستمثل امتداداً لخط المستوطنات جنوب نابلس وحتى شمال رام الله والبيرة.
ما حصل في الحكومة الاسرائيلية، بهذا الشأن، يمثل تحدياً صارخاً لما قررته القمة العربية، بل قولاً اسرائيلياً واضحاً بعدم التعامل مع ارادة عربية، بشأن ما تضمنته المبادرة العربية اصلاً.
كما يأتي هذا القرار، لجس نبض الحكومة الاميركية في عهد ترامب، وتعاطيها مع الاستيطان الاسرائيلي، خاصة وان هذا القرار، يأتي قبل لقاءات الرئيس ترامب، مع الرئيس المصري السيسي، والملك عبد الله الثاني، ملك المملكة الاردنية الهاشمية، والرئيس محمود عباس وهذه اللقاءات سيكون في جوهرها، الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي، وطرائق التوصل الى حل شامل وكامل.
لعل المتابع للشأن الاسرائيلي، من شأنه ان يلحظ بوضوح وجلاء، تطرف الحكومة الاسرائيلية ونزوعها لاتخاذ قرارات اكثر عنصرية وعدواناً ومخالفة لأبسط قواعد القانون الدولي.
ما جرى في الحكومة الاسرائيلية مؤخراً، فيما يتعلق بالقوانين والتشريعات خاصة ما يسمى قانون «التسويات» وهي محاولة اسرائيلية، لشرعنة الاستيطان، استجر مواقف دولية، اكثر وضوحا، وجلاء، ضد الاستيطان وما تشرعنه حكومة نتنياهو، من قوانين، تتعارض تماما مع الارادة الدولية، والقانون الدولي - الانساني.
ما نتطلع له، كفلسطينيين من الادارة الاميركية في عهد ترامب، هو موقف واضح، من القضايا الاستيطانية التي تحول دون مفاوضات مباشرة، من شأنها الوصول إلى حل شامل وعادل، لقضايانا الوطنية بما يكفل حقوقنا كشعب، يرنو للسلام والعدل، ليس على صعيد صراعنا مع اسرائيل، فقط، بل على المستويين الاقليمي والدولي على حد سواء.
هنالك فرصة، بل وفرصة ذهبية، لتمارس الولايات المتحدة دورها في مسار المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية، بناء على ما تتضمنه من الملفات التفاوضية السابقة ما بين الفلسطينيين والاسرائيليين.
ولعل ابرز ما فيها، هو ان الاستيطان لعب دور المعيق، والمعطل، بل والمدمر لرؤية حل الدولتين، بيد الولايات المتحدة مفاتيح الحل الحقيقي، وهي ان ارادت ثني الارادة الاسرائيلية، فيما يتعلق بالاستيطان والانسحاب من الاراضي المحتلة، فهي قادرة على ذلك.
المصالح الاميركية في الاساس، ماليا وسياسيا تتعارض مع التوجهات الاسرائيلية والاستيطانية خاصة.
ما ستقوم به حكومة نتنياهو من بناء مستوطنة «عامونا الجديدة» هو تحد صارخ، للارادة العربية اولا، ومحاولة فاشلة لتحدي الارادة الدولية، ومحاولة لجر الشرق الاوسط لصراعات جديدة، طال امدها، وهنالك ارادة اقليمية ودولية لانهائها، خدمة للسلام والأمن الدوليين.