التزاماً بتصريحه، يبذل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مؤخراً، جهودا للتقدم في المسيرة السياسية بين اسرائيل والفلسطينيين. وضمن امور اخرى، كما هو معروف، التقى رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في البيت الأبيض، تحدث مع رئيس السلطة أبو مازن، ودعاه الى اللقاء في البيت الابيض، وفور ذلك بعث مبعوثا خاصا، جيسون غرينبلات، الذي التقى رئيس الوزراء ورئيس السلطة، بل أجرى زيارة لمخيم للاجئين الفلسطينيين. كما ان تصريحات الن درشوفيتس، المحامي المقرب من ترامب، الذي ادعى بان الرئيس «مصمم على الوصول الى صفقة بين اسرائيل والفلسطينيين»، تدل على نواياه.
ينبغي الافتراض بأن ترامب سيفحص في لقائه، هذا الشهر، مع رئيس السلطة ما هي فرص التوصل لاتفاق مع إسرائيل. ومثلما تحدث في المؤتمر الصحافي مع نتنياهو، فانه لم يلتزم بالصيغة المتعلقة بحل النزاع: دولة واحدة أو دولتان. وقد ترك القرار النهائي في ايدي الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني. كرجل عملي، لا بد أن ترامب لا يرغب في اضاعة وقته على إدارة مفاوضات عقيمة بين اسرائيل والفلسطينيين، مثلما فعل اسلافه، الرؤساء كلينتون، بوش واوباما. في العام 2000 فشل رئيس الوزراء الاسبق، ايهود باراك، في الوصول الى اتفاق مع رئيس السلطة في حينه ياسر عرفات. وفي العام 2009 فشل رئيس الوزراء السابق، ايهود اولمرت، في التوقيع على اتفاق مع ابو مازن. وفي العام 2011 فشل رئيس الوزراء نتنياهو في التوقع مع ابو مازن على اتفاق، رغم النشاط الذي لا يكل ولا يمل لوزيرة العدل في حينه تسيبي ليفني. والسبب في فشل المفاوضات في الماضي هو أن ابو مازن ليس الزعيم كلي القدرة للفلسطينيين. صحيح أنه يجلس في رام الله، في مكان مقر الحكومة الفلسطينية، ولكنه لا يتحدث باسم كل الفلسطينيين، ولا سيما ليس باسم «حماس» في قطاع غزة. وعليه فمن المهم عدم تجاهل مسألة قطاع غزة و»حماس».
خطت «حماس» على علمها حرب إبادة ضد اليهود وإسرائيل. وهي ترى في الإسلام السلفي طريقاً للسلوك السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي والقانوني. من ناحيتها، فلسطين تتضمن اسرائيل، «يهودا» و»السامرة»، وقطاع غزة، وهي جزء من الأمة الاسلامية – الحق الذي يعود للمسلمين الى يوم القيامة. «حماس»، برئاسة زعيمها الجديد يحيى السنوار، ترى في الجهاد – الحرب المقدسة والشهادة – طريقاً لتحقيق المبادئ الوطنية الفلسطينية، التي هي إنهاء الاحتلال، إقامة دولة تحت سيادة اسلامية كاملة، عاصمتها القدس، وتحقيق حق العودة للفلسطينيين. ولكن قبل كل شيء، تحرير السجناء الفلسطينيين من السجون في اسرائيل. ومع أن السنوار قال ان «حماس» مستعدة لتقديم هدنة طويلة المدى مع إسرائيل، لكن هل التهدئة التي تحدث عنها السنوار هي مصادقة للسلطة الفلسطينية للتقدم في المفاوضات مع إسرائيل؟
حتى الآن باءت محاولات الحوار مع الفلسطينيين بالفشل بسبب النشاط المباشر أو غير المباشر لـ»حماس». وهي لا بد ستعرقل ايضا كل تسوية مستقبلية مع السلطة الفلسطينية لا تكون مقبولة عليها. والحملات العسكرية «عمود السحاب»، «الرصاص المصبوب»، و»الجرف الصامد» هي تذكير بذلك. ينبغي الافتراض بان «حماس» ستصعد نشاطها «الارهابي» إذا ما جرت مفاوضات بين إسرائيل والسلطة، بلا موافقتها. وعليه فقبل أن ندخل في مفاوضات جديدة، يفترض أن تكون جوهرية، من المهم استيضاح مسألة غزة وموقف «حماس»، التي عارضت حتى الآن كل اتفاق بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية، كي لا نضيف تجربة حوار فاشلة اخرى، سيكون ضررها كبيراً.
عن «معاريف»