المشهد في إسرائيل يقول لنا بصوت مرتفع وصورة واضحة: لقد هزمتمونا شر هزيمة، أوقعتمونا في شر أعمالنا، أعدتمونا ثمانين سنة الى الوراء، جعلتمونا نشك في شرعيتنا وشريعتنا، حولتمونا إلى الوجه الآخر من عملة ألمانيا الهتلرية وإيطاليا الموسولينية وهيروشيما الترومانية، جردتمونا من إنسانيتنا وآدميتنا كدولة إبادة وتطهير وتجويع، جعلتم أعز أصدقائنا، حكومات وشعوبا، يتخلون عنا كما لوكنا شياها جرباء لا أحد يرغب في الاقتراب منها، أو داء معديا يحظر معاشرته، عزلتمونا في جيتو كبير اسمه إسرائيل، وقبيلة متناحرة، وضعتمونا في حالة من التيه الجديد أشد وطأة من التيه في البيد المديد، أربكتمونا حتى ونحن على أبواب اطلاق سراح أسرانا من جحيم غزة، نفتح بيوت الفرح لاستقبالهم أم بيوت العزاء لاستقبال عشرات الجثامين.
يشبه الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي في جريدة "هآرتس" غزة بهيروشيما، "لكن غزة بقيت صامدة وأعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة الاهتمام الدول". ويحذر أن السياسات الإسرائيلية في الضفة الغربية تنذر بتكرار تجربة غزة.
وليفي هذا معروف انه كاتب يساري في جريدة يسارية، لكن الكاتب آري شافيت في جريدة يديعوت أحرنوت قال شيئا أبلغ وأوضح : "فإذا انتهت الحرب الآن، فسوف تنتهي بانتصار كامل لقطر، وهزيمة سياسية كاملة لنتنياهو، لأنه بعد أن وضع ترامب خطته، بصقت حماس في وجهه، وكان رده ماكرا وكاذبا، لكن رئيس القوة العظمى انحنى أمام الحركة، ومسح البصاق عن وجهه".
أما الإعلامي الأميركي الشهير "تاكر كارلسون" فقد أثار عاصفة من الجدل في أمريكا قبل إسرائيل حين طعن في المسلمات "لا يوجد شيء اسمه شعب الله المختار... هذه هرطقة، إن الله لا يختار شعباً يقتل النساء والأطفال"، وأضاف متسائلاً: "كل ما تقوم به إسرائيل هو ضد الإنجيل وضد تعاليم يسوع، فكيف نوافق على شيء كهذا؟". كارلسون عُرف عنه انحيازه الواضح لإسرائيل وتبنيه خطاباً معادياً للمسلمين والمهاجرين.
هذا هو الواقع الدامغ لحقيقة الأمر ونحن على أبواب العام الثالث من الحرب الإبادية، المختلف عليها بين الساسة المختلفين؛ هل انتصرت إسرائيل نتنياهو؟ هل انهزمت حماس المقاومة؟.
مطلوب من حماس لكي تكمل انتصارها ان تنتصر على ذاتها، فالهرطقة اليهودية المسيحية التي تحدث عنها الإعلامي "كارلسون" أعلاه، يمكن ببساطة سحبها على أدعياء الإسلام من أمثال داعش وأخواتها وبناتها، ضاربين عرض الحائط بقوله تعالى: “يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم” . لم يقل الله يا أيها المسلمون اوحتى المؤمنون، قال: يا أيها الناس، الذين في غالبيتهم العظمى انتصروا لحماس. لم يقل خلقناكم ذكورا فقط، بل من ذكر وأنثى، التي أثبتت قدرة هائلة على الصبر ورجولة أكثر من الرجال. وقال: جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، لا لتحتربوا وتقتتلوا، أما الأكرمون عنده فهم ليسوا المسلمين اوالمسيحيين اواليهود، بل الاتقياء.