ترامب: المسألة الفلسطينية الاسرائيلية "مشكلة القرن"

thumbgen (24).jpg
حجم الخط

 

استُقبل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في الولايات المتحدة الأميركية، من قبل الرئيس الجديد دونالد ترامب بحفاوة بالغة، والمديح، وهو ما لم تنله دول كبرى حليفة مثل ألمانيا ومستشارتها أنغيلا ميركل، التي قابلها ترامب بفتور شديد في زيارتها له مؤخرا. ولعل جزءا من هذه الحفاوة يعود إلى التعاون "الاستباقي" المصري مع هذه الإدارة في المسألة الفلسطينية، لكن اللافت أنّ ترامب كان مهتما ومبادراً في بحث الشأن الفلسطيني- الإسرائيلي، وكان متحمسا لتناول هذا الملف. 
وبحسب "جيروزالم بوست" فإنّ الرئيس الأميركي خاطب نظيره المصري بالقول "ستجدني داعماً لك بقوة وجديةٍ كبيرتين في (السعي إلى) العثور على حل لمشكلة القرن"، في إشارة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.  
يعد جزءا من العلاقة الإيجابية الأميركية مع الرئيس المصري، أنّ الأخير تجاوب مبكراً مع الطروحات الأميركية، عندما جرت اتصالات مع فريقه قبل توليه المنصب، نهاية العام الفائت (2016)، بهدف إقناع المصريين عدم تقديم مشروع قرار مجلس الأمن 2332، الخاص بالمستوطنات، بعد أن رفضت إدارة باراك أوباما حتى الرد على اتصالات فريق ترامب. وبالفعل قبل المصريون التراجع، وفق حسابات يتعلق جزء منها بالشق الثنائي المصري – الأميركي، وجزء آخر يتعلق بوعد من الإدارة الجديدة بتطوير مقاربة شاملة تهتم بالشأن الفلسطيني. ويومها توجه الفلسطينيون وحصلوا على القرار بتقديم القرار من دول صديقة أخرى. 
كان الرئيس السيسي أول رئيس عربي يتصل مهنئاً ترامب بعد فوزه بالانتخابات، ثم جاءت قصة تنسيق 2332، ولكن رغم موضوع هذا القرار والاختلاف في وجهة النظر مع الفلسطينيين، ورغم اختلاف فلسطيني مصري، بشأن ملفات مثل دعم القاهرة لمحمد دحلان، والموقف الحالي من حركة "حماس" في غزة، ورغم قصة منع نائب أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" جبريل الرجوب من دخول مصر، فإنّه على مستوى التنسيق بشأن مستقبل العملية السياسية، ما تزال الخطوط مفتوحة بين القاهرة والرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي زار مصر قبيل انعقاد القمة العربية، وعقد لقاءات تنسيق أثناء القمة، أحدها قمة ثلاثية جمعته مع الملك عبدالله الثاني والسيسي، وكان ذلك تمهيداً لزيارات الملك عبدالله الثاني والسيسي المقررة لواشنطن ولقاء ترامب. 
بالنظر لتفاصيل زيارات ولقاءات مبعوث ترامب لعملية السلام جيسون غرينبلات، إلى المنطقة، خصوصاً لقاءاته الفلسطينية والإسرائيلية، وطبيعة النقاش الأميركي الإسرائيلي الدائر حول ضرورة التوصل لتصور حول مستقبل البناء في المستوطنات، وبعد بيان القمة العربية، في البحر الميت، الذي أكد على مبادرة السلام العربية كما هي، بما يفرض حل القضية الفلسطينية مقدمة لأي تطبيع، وبالنظر للموقف الفلسطيني الرسمي الذي يشترط حلحلة مواضيع الأسرى ووقف الاستيطان كمقدمة لأي تفاوض، وإلا سيجري البحث عن إطار دولي لعملية السلام، وهو ما يرفضه الأميركيون والإسرائيليون، يمكن توقع سيناريوهين قادمين، وخطة محتملة تعمل عليها إدارة ترامب. 
سينقل الملك عبدالله الثاني الموقف العربي الواضح من أولوية الشأن الفلسطيني على أي إطار عمل إقليمي، يضم الإسرائيليين، وأنّ مقدمة أي شيء هي المسألة الفلسطينية، وستعمل إدارة ترامب على فرض قيود على الاستيطان، تمهيدا لإطلاق مفاوضات إسرائيلية  - فلسطينية. 
السيناريو الثاني، هو السعي الأميركي، أيضاً مع قيود على الاستيطان، لإطلاق إطار عمل إقليمي، على شكل مفاوضات متعددة الأطراف، سيكون الجزء الفلسطيني هو الأساس فيها. 
يبقى السؤال، إلى أي مدى يمكن أن يفرض أو يتوصل الأميركيون لصيغة مرضية للفلسطينيين في موضوع الاستيطان، والأسرى؟!
لعل الموقف المصري- الأردني- الفلسطيني والنجاح في فرض المسألة الفلسطينية على الأجندة الأميركية في عهد ترامب، مبكرا، ووقف مغامرات من نوع نقل السفارة الأميركية للقدس، يأتي جزئياً أيضاً لأنّ ترامب يرى في الملف الفلسطيني الاسرائيلي، فرصة إنجاز تاريخي فشل غيره بتحقيقه، ومن هنا يسميه "قضية القرن". ولكن أيضاً فإن هذا التحرك يؤكد قدرة الجانب العربي على التأثير في مسار الأحداث، وفرض أجندة المرحلة المقبلة بمزيد من التنسيق والعمل، وسيكون طلب وقف حقيقي للاستيطان، وتنفيذ إسرائيل للاتفاقيات التي تنصلت منها، ورفض المساس بتاتا بالقدس، ورفض أي إطار عمل إقليمي له أجندة عمل تضم إسرائيل سوى تسوية الشأن الفلسطيني، تشكل مجتمعة مقومات موقف قوي يمكن الانطلاق منه، ويمكن فرضه.

عن الغد الأردنية