"العليا" الإسرائيلية مع سلب الفلسطينيين أراضيهم!

00
حجم الخط

ثمة خط مباشر يربط بين سوسيا وعتير/ أم الحيران، شدد عليه، الأسبوع الماضي، قضاة محكمة العدل العليا. هذان تجمعان فلسطينيان، طردتهما دولة اليهود قبل عشرات السنين من منازلهم وارضهم، ويعيش أبناؤهم منذئذ في قرى «غير معترف بها» في ظروف مخجلة من ناحية انسانية، فرضتها عليهم الدولة: الاول في أرضه الزراعية والثاني في ارض نقلتهم إليها الدولة في عهد الحكم العسكري. هذان التجمعان الفلسطينيان تحرمهما اسرائيل من حقوق التخطيط وتطلب حشرهما في نطاق المكان الذي خصصته لهما كي نتمكن من ان نوسع وان نضيف بلدات ورفاه ومتعة لليهود.
أقر القضاة للدولة هدم التجمعين السكانيين الفلسطينيين، واللذين يفصل بينهما نحو 25 كيلومترا فقط و»خط اخضر».
في 4 ايار أقر قاضي العليا، نوعام سولبرغ، للدولة، للادارة المدنية، وللجيش الاسرائيلي أن يهدموا كما يشاؤون الخيام، اكواخ الصاج، والحظائر في سوسيا. وبلا مداولات رد سولبرغ طلب التجمع السكاني وممثليه – حاخامين لحقوق الانسان – لاصدار أمر احترازي وتجميد تنفيذ أوامر الهدم، طالما لم يبحث التماسهم ضد قرار الادارة المدنية رفض المخطط الهيكلي الذي أعدوه. وتطلب الادارة المدنية من سكان سوسيا الفلسطينية ان ينتقلوا للسكن بجوار مدينة يطا، في المنطقة «أ»، زعما من اجل رفاههم. بمعنى انها تعتزم حشرهم في بانتوستان. كالبدو والتجمعات الفلسطينية الاخرى في المنطقة «ج».
الى جانب اكواخ الصاج في سوسيا الفلسطينية اليوم (والتي طرد الجيش سكانها من قريتهم العتيقة في 1986، وجعلها موقعا أثريا لليهود المحتفلين) تزدهر باخضرارها وبوفرتها سوسيا اليهودية. وهي ملزمة بأن تنمو، وهي لا تريد أن ترى عربا في أكوخ من الصاج، يشترون الماء من ناقلة بثمن مبالغ فيه.
هل من يسمح بأن يهدم كخطوة انتقالية يمكنه أن يبحث البراءة في التماس ضد الطرد النهائي؟ وهل هو أمر ذو صلة أن يكون سولبرغ هو من سكان المستوطنة؟ وذو صلة لا تقل ولا تزيد على حقيقة ان قضاة العليا الآخرين وعائلاتهم وكل يهودي اسرائيلي آخر (بمن فيهم الموقعة ادناه) يمكنهم ويحق لهم في كل لحظة الانتقال للسكن في المستوطنات، وانهم، نحن، نسكن في الجانب الاسرائيلي من الخط الاخضر، في احياء نامية لليهود فقط، فما بالك على اراض طرد منها فلسطينيون قبل 65 سنة أو أمس.
في 5 أيار اقر قاضيان آخران، الياكيم روبنشتاين ونيل هندل، للسلطات هدم القرية غير المعترف بها عتير/ ام الحيران. وحيال اعتراض زميلتهما دفنا براك – ايرز ردا التماس المركز القانوني لحقوق الاقلية العربية في اسرائيل «عدالة» ضد قرار الدولة طردهم مرة اخرى، من المكان الذي طردتهم منه في الخمسينيات. فليذهبوا للسكن في البلدة البدوية حورا، التي اقيمت لتجمع داخلها بدوا آخرين طردتهم الدولة في الماضي. كيف نقيم في النقب مزرعة لافراد يهود وبلدات طليعية مثل حيران، اذا اعترفنا بالبدو كمواطنين ذوي حقوق، تاريخ، وتراث؟
لقد تزلفت المحكمة العليا لحزب البيت اليهودي حتى قبل أن يتبين نهائيا انه سيحرس القشدة في صورة وزير الزراعة (المسؤول عن البدو) ونائب الوزير المسؤول عن الادارة المدنية (المنفذ لطرد الفلسطينيين واسكان اليهود في الضفة): لا تقلق، ايها «البيت اليهودي»، فنحن مع حق اليهود في سلب الفلسطينيين من المنطقة «ج» ومن النقب. نحن، مثلك، مع حشر العرب في بنتوستانات.
حتى قبل أن يعرف قضاة محكمة العدل العليا من ستكون وزير العدل، قبل أن يعرفوا بأن مراقبها سيكلف مسؤولية تعليم اولادنا، ذكرونا بصرخة كبرى، بأن سمعتهم ليست كما تبدو؛ أن ليس حقا جعل منهم اليمين وحشا يسعى الى المساواة والعدل الكوني. لقد اثبتوا بأن صورتهم كحراس لحقوق الانسان، حتى اذا كان الانسان فلسطينيا او يساريا – خطأ في اساسها.
ففي 15 نيسان فقط ثبتوا بتأييدهم قانون المقاطعة، الذي في اطاره يهدد اليمين بالعقوبات المالية نشطاء اليسار الاسرائيليين ممن سيؤيدون علنا العقوبات على اسرائيل ومقاطعة مؤسساتها ومنتجات مستوطناتها، كجزء من الكفاح ضد عدم المساواة والتمييز المؤسساتي. وفي اليوم ذاته أقر القضاة قانون السطو على اراضي سكان بيت لحم، بيت ساحور، بيت جالا، ابو ديس. توجد الاراضي في نفس المكان الذي كانت فيه في 1967، عندما ضمت الى القدس. ولكن اصحابها يعيشون في الضفة الغربية، بمعنى أنهم «غائبون» عن أرضهم التي خلف السور. ورد القضاة التماسا ضد انطباق قانون «املاك الغائبين» عليهم – استمرارا لتقاليد الخمسينيات: دمرنا قرى وسلبنا الاراضي للفلسطينيين الذين عرفناهم كـ»حاضرين غائبين»، اولئك الذين لم نتمكن من طردهم.
بموافقتهم على هدم سوسيا وام الحيران اقام القضاة خطا يربط بين 1948 واليوم. فقد أقروا ما يقوله اكثر منتقدي دولة اسرائيل حدة: هذا كيان استعماري، سالب. وكالببغاوات كرروا ما تقوله الدولة: من حقي أن اسلب، من حقي أن اطرد، من حقي أن اهدم واحشر وأستهتر. هدمت وسأهدم، طردت وأطرد وسأواصل الطرد، استهترت، أستهتر وسأواصل الاستهتار.

عن «هآرتس»