لماذا يكره العرب النساء؟.. لماذا تناضل امرأة لسحق بنات جنسها وتذويبهن فى قاع كأس من الخمر لينتشى الرجال؟.. لماذا تحول «فقه النساء» إلى حبة «فياجرا» وحبة «ترامادول»؟! هذه التساؤلات تفرض نفسها دائماً حين نسمع دعاوى لتعدد الزوجات بزعم القضاء على العنوسة، أو مطالبات بعودة المرأة إلى المنزل للقضاء على البطالة، أو وأد المرأة أسفل «نقاب» لمحاربة التحرش والاغتصاب.. وحدها هى «الجريمة والحل».. وحدها «الفاعل والمفعول به».. وحدها تواجه ثقافة التغييب، وفتاوى «الفحولة ووعاء الإنجاب»، وقوانين «تأنيث العار»، والحلول العبقرية المقبلة من العاصمة الوهابية لتقضى على ما تبقى من وجودها.
مأساة المرأة المصرية أن ثقافة الصحراء تحدد مصيرها، وتضع الأطر العامة لحركتها فى الحياة، وأننا نستورد كل ما يجعلها «دمية» من الغرب أو يحولها إلى «جارية» من الشرق.. لتصبح فى النهاية خاضعة لشهوات الرجل، مطيعة لنزواته الفكرية والحسية، ملبية لطموحاته التى تتنوع بين أفلام «البورنو» و«التقوى الزائفة»! فى المملكة العربية السعودية دعت الأكاديمية السعودية السيدة «هوازن ميرزا» إلى فكرة مشروع جديد تتمثل فى تزويج شاب بثلاث نساء «أرملة، مطلقة، آنسة» خلال شهر واحد، على أن يتم تزويجه الرابعة هدية بعد 10 سنوات!
هذه ليست دعابة ولا سخرية من نمط تفكير امرأة تنتمى للجامعة وناشطة فى العمل العام، إنها حقيقة مؤلمة واجهتها الإعلامية «نادين البدير» فى برنامجها «اتجاهات»، الذى يعرض على قناة «روتانا خليجية». ولك أن تتخيل «نادين»، هذه المتمردة، التى اشتهرت بمقالها الصادم «أنا وأزواجى الأربعة»، فى مواجهة امرأة تطالب بعمل بوفيه مفتوح للرجل من أجساد النساء! وكأنك فى «مركبة زمنية افتراضية» تتنقل بين كهف أو خيمة فى الجاهلية وبين العصر الحالى بكل ما فيه من تحضر.. لتسأل نفس السؤال: هل «الزواج» مجرد علاقة جسدية ومهمة (بارت تايم) يكفيها بعض الوقت.. أم أنه شراكة عاطفية وروحية واجتماعية وفكرية ومؤسسة لتربية الأبناء ورفقة حتى آخر العمر؟ من وجهة نظر «هوازن» أن البنات اللاتى تعلمن وحصلن على مهن راقية يكفى أن يتزوجن (فرى لانسر)، وهى تسعى لتكوين «أكاديمية للتعدد» تقوم على «التبرعات» التى تسمح للزوج بالحياة مع زوجاته الثلاث فى منزل واحد.. كما تسمح بتزويجه «مجاناً» من الرابعة.. «هوازن» تعتمد على فكرة التعدد فى الإسلام، وتبرر دعوتها تلك بأن طائفة «المورمون» فى المسيحية أيضاً تعدد الزوجات.. رغم أن الطائفة حظرت تعدد الزوجات عام 1890، بل باتت تطبق الحرمان الكنسى على من يمارس ذلك. أما التعدد فى الإسلام -كما أفهمه- فهو مجرد «تحليل» وليس فرضاً، بدليل أن الرسول (عليه الصلاة والسلام) لم يتزوج على السيدة «خديجة» -حال حياتها- حتى توفيت.. كما أن الرسول (ص) منع «على بن أبى طالب» من الزواج على ابنته «فاطمة» (رضى الله عنهما).. لكن بعض الفقهاء يرون أن الأصل فى الزواج هو «التعدد» لأن الآية الكريمة تبدأ بـ«مثنى»! فى بلاد تستورد «الفياجرا» بالملايين، ومنها السعودية، لا يجوز للرجل أن يتحدث عن الفحولة وتعدد الزوجات.. فى بلاد تنفق فيها الملايين لفك «العريس المربوط»، وتُسخر البرامج النسائية للحديث عن توتر «ليلة الدخلة» يجب أن يخضع الزوج للطب النفسى. لكن البعض يصر على توفير «عشيقة شرعية» للرجل، تحت مسمى زواج (عرفى أو متعة أو فريند أو مسيار.. الخ). ورغم رفض بعض المثقفين السعوديين لمشروع «أكاديمية التعدد» فإن المرعب فى الأمر هو أننا نطبق كل ما تنتجه السعودية بغباء شديد، فلا مؤسسة دينية رسمية تعترض ولا علماء الاجتماع ينتبهون ولا الإعلام يرفض.. وهنا تكمن المأساة. فتركيبة المجتمع المصرى تتغير، وتسود فيه ثقافة «اربط المعزة»، ويطلق التيار السلفى مدفعية ثقيلة على النساء، وتدريجياً يصبح المشهد خليطاً من السعار الجنسى والاغتصاب وهتك أعراض الأطفال.. فحين تسيطر الشهوة على العقول تسقط الحضارة. القضية ليست فى الزواج بأكثر من واحدة، أو فى «العدل» بين الزوجات، القضية الأخطر هى استيراد «نمط حياة» يلبى احتياجات «مجتمع الوفرة» وتغيراته، مجتمع يعزل النساء وكان يحرمهن الحق فى التعليم والعمل وحتى الآن تطالب فيه المرأة بقيادة السيارة.. وحين قررت النساء السعوديات التمرد على هذا «القالب» وتمردن عليه أخذت نساء مصر الدخول فيه!! لقد أصبحنا شعباً بلا «مناعة» نلتقط كل الفيروسات والأمراض الاجتماعية، وبعد أن يتمكن منا التطرف والتعصب والعنصرية نسأل فى بلاهة: من أين جاءتنا هذه الأفكار؟