"بنو قريظة" الفضائيون يطالبون بيثرب ومراهقة صهيونية حرّرت أرض الميعاد!

التقاط.PNG
حجم الخط

 

ما أمتع السّاونا الفضائية، التي يدخلها الوطن العربي على الطريقة التلمودية: «افرح يا مغبوط»، وهو يُجري القُرعة السياحية على الغزاة، بعد كل صحوة موت، غير مدرك «أن الحمقى وحدهم من يرثون الهَوان»!
لا تصدق الإسرائيليين عندما ينصحونك بشراء حليفك ما دام الأعداء مجانيين إلى هذا الحد، لأنك في نهاية المطاف لست سوى «خشخوشة» في يد حلفائك، ولهذا لن تنعم بخصوم يليقون بك، طالما أنك تهز حجرك العظمي انتشاء بالتخويث الإعلامي لـ»روسيا اليوم»، التي توزع تقارير أشبه بالتعويذات والأحجبة، تبرهن لك أنك وحدك، وليتك اكتفيت بأعدائك وحدهم!

ثقافة التخلي عند الروس

لماذا صرح الأسد للإعلام بعدم مقدرة سوريا الرد على ضربة «المراهق الأمريكي العجوز»؟ هل هي خدعة حرب؟ أم حنحنة قلوب؟ أم أنه يقين تام بثقافة التخلي عند الروس؟ ثم إن كان «الوجود الروسي» ليس حماية، ولا هو احتلال فلماذا وُجِد من أصله؟ هل يكفي الفيتو الروسي لوقف رعونة أمريكا في اعتداءاتها السافرة على الشعوب العربية؟ أم أنه مجرد «نغنشة» تدغدغ مشاعر العبيد دون أن تثق بهم، لأنها تؤمن بالمثل الروسي: «لا تحكم على السيد من ثناء خادمه عليه»؟! ثم هل حقا سيتمسك بوتن بالأسد حتى اللحظة الأخيرة؟ ألن يطيح به حين يعرقل مصالحه مع أمريكا؟ وإن لم يكن لدينا تاريخ استعماري مع الروس، فهل هذا يعني أن امبراطورية القياصرة ليست كيانا استعماريا؟ ألا تتعلق المسألة بالذهنية الاستعمارية والإجراءات السياسية والاستثمارية، التي تحكم قبضتها على مستعمراتها دون الحاجة لعسكرتها؟ هل نسينا كيف خان الروس عبد الناصر بصفقات الأسلحة الفاسدة؟ وكيف خانوا صدام في اللحظة الأخيرة تاركين للأمريكان والإيرانيين «الجمل بما حمل»! 
أيها المشاهد، انتهت القُرعة الآن، ولم تعد مضطرا للاختيار بين الغزاة، فالاختيار شأن لا يخصك، أنت مجرد ألعوبة، والدمى لا إرادة لها، ولا يمكن أن يكون العبد حليفا لأسياده، بل قد لا ينطبق عليه سوى المثل الروسي، الذي سيُذكره سيده به بعد انتهاء تايخ خدمته: «أجمل ما في الديون، هو لحظة سدادها»، حينها لن تكون سوريا قد ارتاحت من أحمالها، ولا من أعدائها، ولن تحتفل بحلفائها، بل ستضطر لخوض أقذر معارك التاريخ: «دفع الثمن»!
من جلب الأمريكان ليسقط صدام لا يختلف عمن جلب الروس ليُبقي على الأسد، هما وجهان لعملة واحدة: العبودية! التي يقران بها ولا ينكرانها، بل ويصران عليها ما دام لا خيار لهما سواها، وهذه هي الروح المنسحقة، التي تجفف العظم كما رآها التلمود!

«كتكوت» بوتن ينقذ الجريمة في حمام تركي

لم يعد أمام محطة «آر تي» الروسية سوى الأرجحة بين صرختين: «اربطوا الحزام، وفكوا الحزام»، كلما هرعت إليها قناة «الميادين» طالبة النجدة: «إلحقونا»، بين مجزرتي «خان شيخون» و»كفريا والفوعة»، لتغيب الجريمة عن المشهد، من أجل التركيز على المجرم، وهذه بحد ذاتها فبركة، تنتج مجازر إعلامية، إما لتنقذ القاتل أو تضيف إلى رصيده المزيد من الضحايا، ولأن ثقة المشاهد العربي بإعلامه معدومة، هرع لاستيراد تحليلات مجانية من الفضائيات الغربية لشخصيات سياسية مرموقة عن الوضع في سوريا، أحدها لرولاند دوما، وزير الخارجية الفرنسي الأسبق، يقر بمؤامرة بريطانية -أمريكية على الشام بسبب موقفها المعادي لاسرائيل، يؤكدها تصريح لأحد المحللين الألمان عن حرب دولية تخاض بالوكالة في الشام بين الغرب وروسيا وإيران، وعن نتائج التحقيقات البريطانية الأمريكية، التي أكدت عدم امتلاك الأسد لغاز السارين، مرجحا إمداد تركيا للفصائل الجهادية بهذا الغاز، بما يخدم الشحذ الألماني ضد «الباشاوات» الجدد، فمن تصدق: الذين يخبرونك بالحقيقة أم بما وراءها؟ ثم إلى أي مدى ستحتاج إلى الحقائق حين تكون الكلمة العليا للخديعة؟ أم أن نصف الحقيقة يكفي للوصول إلى كذبة كاملة؟ أم أن الحقيقة أصلا لم تعد مهمة بما يكفي لإنقاذ الجريمة أو لتطهير الكتكوت الروسي من آثامه بحمام تركي منعش، ما دامت النهاية واحدة، ويسلم بها الأسديون قبل معارضيهم: تدمير الشام!
أما «آر تي»، فقد فاقت التوقعات كلها، وهي تصف المجندة الأمريكية «أندريا سلاو»، التي أمطرت مطار الشعيرات بالصواريخ، بـ»ساحرة الليل»، واعتبرتها نذير شؤم، لأن الروس يَتَطَيّرون من مشاركة المرأة في الخدمة الحربية على متن الأساطيل البحرية، فهل هذا يعني أن روسيا تفضل ديكا يليق بدبها لكي يضغط على الزر فتتفاءل به؟ 
يا إلهي! ماهذا؟ هل بوتين سقراطي في عداوته مع الرجال وحذره من النساء؟ خاصة أن الحرب تفسدهن أكثر من الحب! أم أنه نسي أن يخاف من ضعف المرأة حين تحب عدوها أكثر من التي تكرهه؟ ولكم في المجندة الإسرائيلية «جيل روزنبرغ»، التي تقاتل مع القوات الكردية، عبرة، وللمراهقة الصهيونية دورثي، التي سآتي عليها لاحقا!

منصور في أخطر ملفات العصر

لقاء أحمد منصور في برنامجه «بلا حدود» على قناة «الجزيرة» مع الحاخام ديفيد وايس هو الأخطر على الإطلاق، وقد أثار قضيتين، الأولى تتعلق باستغلال المهرطقين الصهاينة لأكذوبة «أرض الميعاد» للترويج لوطن قومي للطائفة اليهودية الكريمة، قائلا: بن غوريون وتنسكي وهرتزل لا يؤمنون بالتوراة، بل إن هرتزل لم يقم حتى بختان ابنه، وهم يعلمون تحريم الكتاب المقدس – بعد دمار الهيكل ورحلة التيه – للعودة الجماعية من الشتات إلى أرض الميعاد، وسرقتها لإقامة دولة محرمة!
حسنا إذن، نحن أمام جريمتين، الأمم المتحدة شريكة بهما: الأولى عقائدية تزيف التعاليم التوراتية، والثانية قانونية تستند إلى ادعاء ديني مزيف بأرض ميعاد محرمة؟ 
الأمر الآخر، الذي أثاره منصور، هو مطالبة الصهاينة بأملاك أجدادهم من «بني النضير» و«بني قريظة» و«بني قينقاع» في المدينة المنورة، وهو ما أكد الحاخام حرمته، ولكنه في واقع الأمر يفضح خديعة التطبيع، التي تخفي اسرائيل وراءها مآرب أخرى، ومن يعود إلى علامات القيامة الكبرى في الأحاديث الشريفة والكتب السماوية المقدسة يقرأ عن دمار الميدنة المنورة في آخر الزمان، وعن هجرة يهود أصفهان إلى القدس، في عملية تبادل أعداء، بين أرضي الإسراء والمعراج… أفلا تعقلون!

مراهقة صهيونية حررت أرض الميعاد

دانييل توب، سفير إسرائيلي سابق، التقى الثري الاسرائيلي جاكوب روتشايلد، في قلعة «وودستون مانر» في باكنغهام شير البريطانية، وفيها الوثيقة الأصلية لوعد بلفور المشؤوم، التي تسلمها جده الصهيوني اللورد والتر، ليسأله عن شعوره بهذا الإرث، الذي غير وجه التاريخ، وهما يقفان إلى جانبه، حيث تحفظ الوصية داخل لوح زجاجي مستطيل فوق طاولة للعرض… ليجيب «يعقوب»: أشعر بالفخر لتحقيق ما انتظره الشعب اليهودي لثلاثة آلاف عام»، فإن عدت للقاء منصور مع الحاخام «وايس» في الفقرة السابقة، ترى كيف يفضح الحاخام سعي الصهاينة وتطلعاتهم إلى أوغندا وباتاغونيا، قبل أن تخطر فلسطين ببالهم! 
الطامة ليست هنا، بل في الشخصية الحقيقية التي كشف «يعقوب» عن دورها التاريخي بتحرير أرض الميعاد! إنها ابنة عمه المراهقة، الصهيونية «دورثي»، التي كانت توجه القادة الصهيونيين، ولها اليد الطولى في المؤتمر الصهيوني، ودعوة وايزمان لترسيخ وجوده في بريطانيا، قبل أن تطفئ شمعتها العشرين عند صدور وعد بلفور المشؤوم! ورسائلها السرية لم تزل حتى اليوم محفوظة في قصر العائلة!
حسنا إذن، لم يتبق سوى أن نبارك للنائمين بالعسل بهذا «المساج التاريخي» الناعم بعد جولة تفتيح المسام في الحمام التركي، ونعيما يا عرب!

عن القدس العربي