عندما لا نقوم بما يجب أن نقوم به، يصبح عدم الفعل خيانة. وعندما يُدافع عن كرامتنا ونحن غير مكترثين نصبح أمواتاً على شكل مومياء. لهذا هناك فرق كبير بين من يصنع بإضرابه عن الطعام أفقاً وكرامة، وبين من يضرب عن فعل مساند لهؤلاء الأسرى بحجج فارغة وواهية.
البعض ينساق مع رواية المحتل في مواجهة الأسرى، والبعض الآخر ينساق مع فكر البرجوازية ضمن معادلة الربح والخسارة، وهناك من ينساق بمفهوم الأرستقراطية كأن الموضوع يختص بطبقة معينة!! والأخطر من كل ذلك ما أقرؤه خلف سطور البعض عندما يكتب: إن إضراب الأسرى يضعف القيادة الفلسطينية في مواجهة التحديات القادمة!!
الشعوب تتوحد في مواجهة الأزمات، وللأسف نحن منذ الكارثة الأولى وربما قبل العام 1948 ونحن منقسمون على ذاتنا، ما يجعلنا منكسرين في مواجهة التحديات، وما يقوم به الأسرى في هذا الوقت بالتحديد إعادة بناء الحصن الأخير لكرامة القضية الفلسطينية، لأن من يعتقد بأن الموضوع فقط هو مطالب أسرى يعاني من قصر النظر وضيق الأفق.
لهذا، علينا كشعب فلسطيني، كلٌ حسب موقعه ومكانه وإمكانياته، الوقوف بما لدينا من طاقات مع مطالب الأسرى، والابتعاد عن حالة التيه التي نعيشها منذ زمن، وكأننا فقدنا الإيمان بأي فعل موحد في مواجهة الاحتلال، ما جعلنا فاقدين البوصلة، أو بمعنى أدق هناك من يريدنا أن نتبع البوصلة الخاصة به، وكأنهم لم يقرؤوا قصيدة "الأساطيل" للشاعر العراقي مظفر النواب، حين قال: "بوصلة لا تشير إلى القدس مشبوهة".
المطلوب الآن هو أن نتوحد خلف الأسرى، وعدم زجهم بخلافات هم بعيدون كل البعد عنها، ومن زاوية أخرى عدم التعامل مع الإضراب كونه نشاطاً فئوياً بقدر ما هو فعل مقاوم، إن انهزموا انهزمنا، وإن انتصروا وجدنا طريقاً فقدناها منذ زمن، علينا الاسترشاد بها للوصول إلى خطوات عملية في كافة المجالات لتصب في هدفنا الإستراتيجي.
وهنا تولد العديد من الأسئلة التي علينا أن نجيبها بوضوح وصراحة: هل المجتمع مستعد لدعم إضراب الأسرى؟ وهل القيادة الفلسطينية بمختلف ألوانها مستعدة لقيادة المعركة التي يجب أن تفتح آفاق مستقبلية لمعالجة قضايانا المختلفة الداخلية والخارجية ومواجهة الاحتلال الكولونيالي ومن يقف خلفه؟ وماذا ستقدم القطاعات: الحكومية، الأهلية والقطاع الخاص من استحقاقات لتعزيز جبهة الأسرى؟ وهل سيعد كل قطاع خطة تكاملية مع القطاعات الأخرى؟
وعلى الصعيد الفردي، علينا جميعاً أن نعمل بما يستطيع كل فرد عمله، فكل عمل يساند الآخر بالتالي يساند الفعل الأساس المساند لأمعاء الأسرى بالصمود في مواجهة السجّان. وألا نكتفي بتعداد أيام الإضراب على مواقع الإعلام المجتمعي بقدر ما هو مطلوب إرسال رسائل خارجية لكل من هو غير فلسطيني عن هذا الإضراب بكافة اللغات العالمية فهذا أقل الواجب.