الجيش الإسرائيلي يقدم تقارير مضخمة للحصول على ميزانيات أكبر

حجم الخط

أكدت تصريحات مسؤول عسكري إسرائيلي سابق أن الجيش الإسرائيلي يقوم تباعاً بتقديم تقارير مضخمة كي يحصل على زيادة في الميزانيات، دون أن تكون وزارة المالية قادرة على التحقق من هذه التقارير.

ويتضح أن الجيش الإسرائيلي قام بزيادة التكلفة الحقيقية للحرب العدوانية الأخيرة على لبنان، على سبيل المثال، كي يضمن لنفسه ميزانية إضافية لسنة أو سنتين قادمتين.

من المتوقع أن تكون المعركة على المليارات التي ستحول إلى وزارة الأمن في السنتين القريبتين، مع بدء مناقشة الميزانية، مختلفة في هذه المرة، بعد عشرات السنوات من مناقشات عامة بشأن ميزانية الأمن، بدون معطيات، ومع كثير من الترهيب انطلاقا من بديهية "نحن نوفر لكم الأمن، وأنتم تدفعون" و"لا أمن بدون ميزانية"، وكان ذلك ينجح دائماً، ويحصل الجيش على الزيادة في الميزانيات خلال السنة المالية سواء في حالات الحرب أم في حالات الهدوء النسبي.

المشكلة أنه من غير الممكن مناقشة المعطيات والدخول في التفاصيل، بذريعة "أمن الدولة". ولم يتحدث أحد من الأجهزة الأمنية عن غياب الشفافية، مثلاً، أو تضخيم الميزانية، أو أن الجهاز غير ناجع وغير موثوق، وأنه حان الوقت لتقليص ميزانية التقاعد.

ويأتي هذا التقرير استناداً إلى أقوال مسؤول سابق في جهاز ميزانية الجيش، لـ"ذي ماركر" الاقتصادية، يمكن اعتبارها فضيحة فساد جديدة، حيث يتحدث عن الإخفاف المتواصل في إدارة ميزانية الأمن، بما يثبت حجم الضرر الناجم عن التكتم الذي تشدد عليه الأجهزة الأمنية كسياسة.

ويقول إن مرجعية ميزانية الأمن لا تتضمن معلومات كثيرة عن القوى البشرية، وأن الميزانية تدار بمئات البنود المختلفة، وبتعريفات مختلفة في داخل الجيش، مقارنة بالوثائق التي تقدم لوزارة المالية، وأن وزارة المالية لن تكون قادرة، من خلال حاسوب الجيش، على متابعة المئات من البنود المختلفة، وأن هناك صعوبة في متابعة ما جرى تخصيص ميزانية له، وما جرى تنفيذه فعلا.

وذكر المسؤول العسكري ما كتبه ضابط سابق في قسم الميزانيات في "فيسبوك" أن "الحروب والعمليات والأحداث الخاصة هي وسيلتنا في سد فجوات الميزانية، والحفاظ على احتياطي لسنوات قادمة".

ويؤكد المسؤول العسكري أن ذلك صحيحاً، مشيراً إلى أن الحرب العدوانية الأخيرة على لبنان كانت مصدراً لميزانية سنة أو سنتين بعدها.

ويضيف المسؤول أن الجيش يقدم تقارير مضخمة من أجل الحصول على ميزانيات أكبر، وترفع تكلفة العلميات التي يقوم بها بنسبة تزيد عن 30%، في حين أن وزارة المالية غير قادرة على فحص ذلك، فالجيش يقدم تفاصيل بكل الأدوات التي استخدمها: "أيام الاحتياط وساعات الطيران وساعات عمل محركات الدبابات والذخيرة"، ولا تستطيع وزارة المالية فحص هذه الكميات.

ويشير إلى أنه خلال الحرب على لبنان، كان هناك ملفان، الأول داخلي يظهر التكلفة الحقيقية، والثاني أعد ليكون خارجيا ويظهر ما يحتاجه الجيش ولكن بتكاليف أكبر.

كما يشير إلى أن العمليات التي يقوم بها الجيش مع مكاتب الحكومة يتم وضع أسعار أعلى لها، حيث أن أسعار الرحلات الجوية لرئيس الحكومة، عندما تكون بطائرات سلاح الجو، أعلى مما هي عليه في الواقع، وكذلك إرساليات المساعدة المختلفة والوظائف الأخرى التي تطلب من الجيش، مثل حريق الكرمل والعاصفة التي ضربت القدس.

ويتابع أن هذه الطريقة استخدمت أيضا عند بناء قاعدة عسكرية جديدة، حيث تطلب مطالب كبيرة، وبعد الحصول على الميزانية ينفذ منها القليل, ويسوق على سبيل المثال أن سلاح الجو طلب ميزانيات لبناء برج مراقبة في "نباطيم" أو مسار هبوط. وبعد الحصول على الميزانية اتضح أنه لم يكن هناك أي حاجة لذلك. ويفترض المسؤول أن أمراً مماثلاً قد حصل عند إخلاء قاعدة 'صرفند' العسكرية.

ويذكر أيضا أنه لدى فحص إخلاء قاعدة لسلاح الجو قرب مطار اللد، وصل الفارق بين التقديرات الداخلية للجيش والتقديرات الخارجية إلى أكثر من 100 مليون شيكل.

ويشير إلى أن الهدف، بموجب المفاهيم الرائجة في وسط الجيش، هو تسلح أكثر وتوفير وسائل أكثر للجيش، بدافع أن ذلك أفضل من أجل 'أمن الدولة'، وأنه لا أحد يرى البديل في 'أسرّة مرضى لمستشفى، أو مكافحة الفقر'.

ويتابع أن إحدى المشاكل التي يواجهها الجيش هي تجذر هذا التوجه في داخله، فهوليس مقصورا على الجيش تجاه وزارة المالية، وإنما في مؤسسات الجيش المختلفة تجاه "شعبة التخطيط في الجيش"، وأيضا بين الوحدات.

ويتابع أن " الفولكلور العسكري مليء بقصص كثيرة عن المماطلة وسرقة العتاد وإكمال العتاد،، كثقافة تنظيمية منهجية تكلف الخزينة العامة المليارات سنوياً".

ورداً عل سؤال عن المصاريف الزائدة، يشير إلى مساكن عائلات سلاح الجو، حيث تبنى لهم فيلات جميلة مع برك سباحة، وحضانات أطفال، وتخصص لهم ميزانيات للمياه والكهرباء. كما يشير إلى أن "طيارين في سلاح الجو سكنوا في تل أبيب، وفي كل صباح ينقلون جوا إلى قواعدهم، مثل "رمات دافيد" التي تبعد مسافة سفر تصل إلى 50 دقيقة، وكل ذلك لأنهم يريدون السكن في تل أبيب". ويشير أيضاً إلى الخروج إلى التقاعد المبكر، قبل 20 عاما من سن التقاعد.

تجدر الإشارة إلى أن الميزانية الفعلية للجيش قد واصلت الارتفاع تباعاً، حيث ارتفعت تدريجياً من 55.1 مليار شيكل عاما 2007 حتى وصلت إلى 72 مليار شيكل عام 2014. وفي المقابل فإن الميزانية المصادق عليها ارتفعت من 53.3 مليار شيكل عام 2007 إلى 57.7 مليار شيكل عام 2014.