لو كنت صانع القرار، ما أولويات الأجندة الفلسطينية؟

التقاط.JPG
حجم الخط

 

إن محاولة التحضير لصياغة الأجندة الفلسطينية معقدة وتفاصيلها كثيرة، فإذا حاولنا ترتيب أولوياتنا كفلسطينيين، نجد أن القائد أو صانع القرار في بلادنا في وضع لا يُحسد عليه وعملية ترتيب الأولويات مهمة صعبة جداً، إلا أنه حان الوقت لصياغة وتنفيذ هذه الأجندة.

سأحاول اليوم وضع هذه الأولويات أمامكم أعزائي القراء حتى نستوعب حجم المُعضلة ونحاول سوياً التركيز على نقطة الإنطلاق التي قد تخدمنا وتدعم تنفيذ كل الأولويات الأخرى. في التحضير لأي أجندة فلسطينية وطنية ستظهر عدة احتياجات منها: حاجة أبناء الأسرى وعائلاتهم لإطلاق سراحهم، فالأسرى في سجون الاحتلال أولوية، وكلنا يتابع ١٥٠٠ أسيراً فلسطينياً مضربون عن الطّعام منذ أسبوع، مطالب الأسرى لفك الإضراب تتراوح ما بين تركيب تلفون عمومي في السجون لإعادة انتظام الزّيارات والتصوير مع الاهل إلى إجراء الفحوصات الطبية وتأمين معاملة انسانية خلال تنقلاتهم بالبوسطة إلى السماح بإدخال الكتب والصحف والملابس والمواد الغذائية، ثم إنهاء سياسة العزل الانفرادي والاعتقال الإداري إضافة إلى إعادة التعليم، يرى وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد اردن أن هذه المطالَب غير معقولة وقرر بناءً عليه نقل كل اسير فلسطيني يشارك في الاضراب الى قسم آخر في السجن وسحب الامتيازات منه مثل الزيارات ومشاهدة التلفاز!

أمام صانع القرار أولوية أخرى تتمثل بتحرير جثامين الشهداء من الثلاجات الإسرائيلية، فمن حق عائلات هؤلاء الأسرى أن يجدوا من تحرير جثامين أبناءهم أولوية وطنية على صانع القرار البدء بها، أما المحافظات الجنوبية فهي أيضاً أولوية، فمن حق أهل غزة أن يجدوا الأولوية في رفع الحصار الخانق عنهم وتمتعهم بالحقوق الأساسية، ثم الحفاظ على القدس وصون المُقدسات لرجال الدين يُعتبر أولوية، والإعتراف الكامل بالدولة الفلسطينيّة وإنهاء الاحتلال وترسيم الحدود هو أولوية للدبلوماسية الفلسطينية كما أن تحقيق التنمية المستدامة والاستقلال الإقتصادي أولوية متوازية مع استقلال الدولة، وعودة اللاجئين وحقوقهم أولوية لكل فلسطيني محروم من العودة ورفع وتخفيف الحواجز أولوية وتوفير الماء والكهرباء والوقود أولوية، والصمود السلبي المُتمثل بالبقاء على هذه الأرض أيضاً كلها على سلم الأولويات.

كل ما تم طرحه أعلاه وغيره أولويات تعتبر كل منها نقطة البداية حسب الفئة التي تنادي بها. لا بد من دراستها بحذر ولا بد لصانع القرار من نقطة انطلاق حتى يتمكن من تحقيق تغيير يخدم الاولويات الأخرى. في التخطيط الاستراتيجي وكما يعلم المختصون علينا ان نبني اهدافنا إنطلاقا من الواقع فنحن نريد لهذه الأهداف ان تتحقق ولا تأخذ شكل الأحلام، اهدافنا يجب أن تكون قابلة للتطبيق، قابلة للقياس ومحددة بفترة زمنية، عملياً يجب أن نملك ما يلزم لتحقيق الأهداف بالرغم من وجود التحديات! كل المطالب المذكورة أعلاه مهمة ولا بد من دراستها حسب الأولوية ولكن علينا أن ندرك أن هذه الأولويات والحاجات الحساسة لها علاقة مباشرة مع دولة الاحتلال أي أنها لن تأتي بقرار داخلي من صانع القرار الفلسطيني بمعزل عن تدخل الطرف الإسرائيلي، إلا أن صانع القرار الفلسطيني أمامه حاجات وأولويات أخرى يستطيع البدء بها داخلياً دون الحاجة للتعامل مع اسرائيل، فالوحدة الوطنية أعزائي هي نقطة البداية التي قد تؤسس لتحقيق الأهداف الأخرى. كما أن تحسين الأداء الوظيفي وتقديم أفضل الخدمات للمواطنين أولوية قابلة للتحقيق داخلياً، نستطيع أن نرفع من ميزانية الصحة والتعليم والحكم المحلي، نستطيع إصلاح النظام الداخلي بشكل عام وتبني نظام متابعة وتقييم واضح يحاسب المُقصر ويكافىء المسؤول والمُلتزم، نستطيع أن نطبق سياسة بناء شاملة تتضمن منظومة قيم وخدمات وإستراتيجيات تجعل من فلسطين داخلياً مثالاً يُحتذى به.

ومن هنا أرى أن واجبنا كمواطنين فلسطينيين نمارس الصمود السلبي أو الصمود المقاوم أن ندعم صانع القرار في تحقيق ما هو أكبر منا جميعاً، تحقيق وحدة الْوَطَن أعزائي وتفعيل شمولية منظمة التحرير وتجهيز كل ما يلزم لإجراء انتخابات بلدية وتشريعية ورئاسية، هذه أهداف قابلة للتحقيق داخلياً وأثرها سيكون استراتيجياً حتماً في تحقيق ما تبقى من أولويات، كلي أمل أن هذه الوحدة قادمة ولطالما قلت أن الوحدة ستأتي من الداخل فلنقف جميعاً وراء صانع القرار الفلسطيني لإنجاح زيارة غزة هذا الأسبوع بتحقيق ما عجزت عنه كل المبادرات الخارجية.