طالب بنيامين نتنياهو، السلطة الوطنية الفلسطينية، بإثبات التزامها بالسلام، وذلك عن طريق وقف المخصصات التي تدفع للأسرى الفلسطينيين، في السجون الإسرائيلية، واعتبر دفع هذه المخصصات، بمثابة دعم للإرهاب، وتمويله.
تترافق هذه المطالبة الإسرائيلية، بحملات إعلامية إسرائيلية، غير مسبوقة، خاصة في أوروبا والولايات المتحدة.
وتشمل هذه الحملات وسائل الإعلام كافة، ومنها وسائل التواصل الاجتماعي. هنالك أجهزة إسرائيلية، متخصصة بوسائل التواصل الاجتماعي، تقوم ليل نهار، بإرسال معلومات وصور، لأسرى فلسطينيين، وتقوم بشروحات تفصيلية، عنهم، وعن العمليات التي سبق أن تمت محاكمتهم بشأنها، وإظهار ما ترتب عليها من ضحايا، أطفال ونساء... هنالك تفاصيل كثيرة، ترد في هذه الحملات، والهدف من وراء ذلك، إظهار السلطة الوطنية الفلسطينية، على أنها داعم أساسي، لما قام به هؤلاء الأسرى، ولتطالب المجتمع الأوروبي والأميركي، بعدم تمويل السلطة الوطنية الفلسطينية، مالياً ومادياً ومعنوياً.
إسرائيل تشدد من حملاتها تلك، خاصة قبل اللقاء الفلسطيني ـ الأميركي، تحسباً لمواقف أميركية، قد تدعم حل الدولتين، وتدعو لوقف الاستيطان.
قضية الأسرى، قضية قديمة ـ جديدة، إن جاز التعبير. إسرائيل من جهتها، قامت بحسمها، منذ بدايات الثورة الفلسطينية المعاصرة، في العام 1965، وقامت بإطلاق صفة مخرب، على أي مكافح فلسطيني، وتعاملت مع أي أسير فلسطيني، على أساس أنه مخرب، ليس إلاّ، نافية عنه صفة «أسير حرب»، بما يترتب على هذه الصفة من حقوق وواجبات.
هنالك حقوق للأسرى، تكفلها الاتفاقات الدولية، وأبرزها اتفاق جنيف، لكن إسرائيل لا تقوم بتطبيق القانون الدولي ـ الإنساني، على الأسرى الفلسطينيين، بعد أن جردتهم ـ وفق تعريفها ـ لهم بأنهم مخربون، ليس إلاّ.
استمرت إسرائيل في تعريفها هذا، للأسرى الفلسطينيين، وعندما تم إبراز اتفاق أوسلو، اتفاق المبادئ، تم إغفال هذه المسألة، ولم تنزع عنهم صفة المخرب، أملاً بالوصول لاتفاق شامل وعادل للقضية الفلسطينية، لكن ذلك، لم يحدث، بل تنوعت الاعتقالات الإسرائيلية للفلسطينيين، وعلى نحوٍ مخالف، لأبسط قواعد القانون الدولي ـ الإنساني، وكانت المعالجات الفلسطينية، لهذه المسألة، معالجات ترقيعية ـ إن جاز التعبير!
حدثت إضرابات عن الطعام سابقاً، وهي كثيرة ومتنوعة، وكانت هنالك معالجات إسرائيلية، وكان معظمها ترقيعياً ومؤقتاً.
ما يحدث الآن، هو أوسع إضراب عن الطعام، يشارك به الآلاف من الأسرى، والهدف من وراء ذلك، تغيير قواعد اللعبة: فلسطينياً، وإسرائيلياً على حد سواء.
إضراب الأسرى، يحمل رسائل متعددة، للإسرائيليين وللسلطة، وللمجتمع الدولي كافة، الإضراب يقول: كفى!. ما هو قائم ليس قابلاً للاستمرار على أية حال.
إسرائيل من جهتها، تعمل على استثمار، كل ما يمكن استثماره، ومنها قضية الأسرى، لتجعل منها، عاملاً لهدم السلطة، ولحرمان الفلسطينيين، من نيل حقوقهم السياسية، دون أن تقول، ما هو الحل الممكن.. بعضهم يقترح إعدام الأسرى الفلسطينيين، وكأن في ذلك يكمن الحل الممكن.
إضراب الأسرى الواسع، يمكن توظيفه واستثماره فلسطينياً، بالتحرك القانوني الواسع والجاد، لإسقاط مفهوم المخرب، وتحديد الأسرى وتوصيفهم توصيفاً قانونياً على أنهم أسرى حرب، حرب بين مغتصب للأرض، وبين حركة تحرر وطني فلسطيني، تشرعها الشرعية الدولية، ومقرراتها كافة.
التحديد القانوني للأسرى الفلسطينيين، سيرغم الإسرائيلي، على التعاطي معهم، على أسس الاتفاقات الدولية، وما تنص عليه من حقوق وواجبات، بعيداً عن الممارسات العنصرية والفاشية، التي تتبعها سلطات الاحتلال بحقهم!