يرفع الانذار الذي طرحه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على وزير الخارجية الالماني، سيغمار غابريال – الغاء لقاء الوزير مع مندوبي «بتسيلم» و «نحطم الصمت» كشرط للقاء به – إرث حكومة نتنياهو الى ذروة بشعة. فهذا الارث يقوم على اساس التحريض السلطوي، يحدد منتقدي الحكم بصفتهم هذه ومنتقدي الاحتلال بشكل خاص كخونة.
حسنا فعل الوزير الالماني الذي لم يستسلم للضغوط المرفوضة التي حاول نتنياهو ممارستها عليه. واصراره على لقاء مندوبي المنظمتين، حتى بثمن الغاء اللقاء مع رئيس الوزراء – بينما هو يشير بانه في الحالة المعاكسة، «كان هذا غير مفهوم» الغاء اللقاء مع نتنياهو لو أن الاخير كان سيلتقي بجهات تنتقد الحكومة الالمانية – يشكل درسا أساسا في الديمقراطية لحكومة إسرائيل. تلك التي تشجع بلا خجل صيد اليساريين ونشطاء حقوق الانسان بدلا من التصدي بشكل موضوعي لادعاءاتهم؛ تلك التي تتنكر للواقع في المناطق، والذي بات العالم لا يمكنه أن يواصل التسليم به كـ «وضع مؤقت» او كـ «وضع انتقالي». وبدلا من ذلك، يسعى نتنياهو ووزراؤه الى اسكات الرسل. واذا لم تكن خطوة رئيس الوزراء النكراء كافية، فان ردود الفعل الهزيلة من المعارضة ترفع مستوى المخاوف. رئيس يوجد مستقبل يائير لبيد، اختار أن ينشر رد فعل مشوش، يعكس زعامته العليلة («لا حاجة لنتنياهو أن يلغي لقاءه مع وزير الخارجية الالماني، ولكنه محق تماما!»)، أما رئيس حزب العمل اسحق هرتسوغ فقد ركز على «المس بعلاقات اسرائيل الخارجية» بينما حرص على تمييز نفسه عن المنظمتين.
بخلاف الادعاءات المتكررة من جانب حكومة اليمين المتطرف، التي لشدة الاسف تتبناها المعارضة الضعيفة، فان الضرر الحقيقي لصورة اسرائيل لا تلحقه منظمات حقوق الانسان بل اعضاء الحكومة أنفسهم، الذين يتنافسون فيما بينهم بالتزلف للقلة الاستيطانية وفي العمل على تشجيع مبادرات عنصرية ومناهضة للديمقراطية، تتميز بها الانظمة الظلامية. ففي حربهم العنيدة ضد الاحتلال الذي يتسلل الى داخل نطاق الخط الاخضر ويفسد كل قطعة اسرائيلية طيبة، فان «نحطم الصمت» و «بتسيلم» هم الذين يحافظون على جمرة الديمقراطية في إسرائيل.
ان التشويش الاخلاقي الذي نجح نتنياهو في غرسه في قلب الخطاب الاسرائيلي يجب أن يتوقف. فالصهيونية ليست حكم رعب فظ الروح الذي تروج له ميري ريغف ودافيد بيتان، حكم كم الافواه الذي يروج له افيغدور ليبرمان ويريف لفين أو الاخيلة الاستعمارية لفكر اوري اريئيل وبتسلئيل سموتريتش. الصهيونية معناها ضمان دولة يهودية ديمقراطية من خلال انهاء الاحتلال. في مواجهة نتنياهو، الذي يخونها – فان «بتسلم» و «نحطم الصمت» يؤدون فرائضها ببطولة.