بعيداً عن رتابة طرح قضية بطالة الخرجين من حيث الكشف عن أرقامها الحقيقية، أو بحث مسبباتها الخفية، سلطت مسرحية "طالع لتحت " الضوء على معاناة خريجي الجامعات في رحلتهم عن البحث عن الذات، مروراً بخططهم وأحلامهم الحياتية التي ملأت فراغهم فراغاً أرحب أضحى بمثابة الظلام الدامس الخانق لأنفسهم في مستقبل ضبابي يسرق العمر، ويصنع العجز لقدرات عطلها واقعهم المرير.
العرض الذي احتضنه مسرح الهلال الأحمر غرب محافظة خانيونس، مساء الخميس، وأنتجه ورعاه المركز الثقافي التابع لجمعية الثقافة والفكر الحر، رصد بلغة فنية رائعة التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي أنتجتها الظروف السياسية والاقتصادية، التي أفرزها الانقسام والحصار على مدار السنوات العشر الماضية، وفي تغيير بعض القيم المجتمعية وتوجهات الشباب ونظرته للمرأة الموظفة، والعمل في بعض الأعمال الدونية، وانتشار ثقافة الفساد والمحسوبية، وما أنتجته من آثار نفسية وشعور بالظلم والقهر الاجتماعي والغربة الداخلية لدى الشباب.
بدوره، أوضح مدير المركز الثقافي جسام شحادة، أن تفاعل الجمهور مع العرض عكس مدى تمكن الممثلين الهواة من أدوات المسرح المختلفة في أول تطبيق عملي لما تعلموه خلال الدورة التدريبية "أسس التمثيل المسرحي"، الذي نظمها المركز الثقافي، بواقع 80 ساعة تدريبية وأشرف عليها المخرج علي أبو ياسين.
من جهته، قال المخرج على أبو ياسين : "إن الدورة التدريبية ركزت على أساسيات ومبادئ التمثيل المسرحي، بتدريب وتأهيل الشباب /ت على عدد من الجوانب، مثل كيفية النطق والتنفس الصحيح، والحركة الصحيحة للممثل على خشبة المسرح، وأهمية تفعيل لغة الجسد والتواصل المرئي، والإيماءات، إلى جانب الاهتمام باستخدام مفردات الجسد، وكل ما يحتويه من عناصر في العرض المسرحي، والتحرر من الجمود والقلق والخجل، بالإضافة إلى توضيح بعض المفاهيم البسيطة في هذا المجال، وغيرها من أساسيات التمثيل المسرحي".
وحول مسرح المضطهدين، أشار أبو ياسين إلى أنه أحد الفنون المسرحية المهمة التي تتيح التفاعل بين الجمهور والممثلين عبر إعادة المسرحية من جديد ومن ثم السماح لأي من المشاركين بالتدخل لأخذ دور الممثل الذي يريد ويطرح ماذا كان سيفعل لو أنه مكانه.
ولفت شحادة ، إلى أن المركز يسعى من خلال تنظيم مثل هذه الورش الفنية المتخصصة في فن المسرح، لتحفيز الطاقات الكامنة لدى الشباب، واحتضان وتشجيع المواهب المسرحية وتنميتها ودعمها، بما يسهم في تعزيز رسالة المسرح الثقافية والفكرية المهمة في التنوير والتثقيف، وزيادة الوعى بقضايا حقوق الإنسان، وتمكين الشباب من لعب دور سفراء التغيير في المجتمع.