«فتح» / «حماس» ولعبة القط والفأر

images.jpg
حجم الخط

 

منذ سنوات لم تُطل علينا فيها "جوقة الردح" الحمساوية، المكونة من "نواب" في "التشريعي" الثاني، المنتهية ولايته منذ سبع سنوات بترهاتها وتصريحاتها وتفوهاتها القميئة، ذلك أنها تستكين، حين تكون هناك "تهدئة" في التراشق الإعلامي بين حركتي فتح وحماس، أو بين سلطتي غزة والضفة _ وحماس تعشق التهدئات على ما يبدو _ لكن جوقة الردح العتيدة، عادت لتبوح بأسوأ المواقف وبأقبح الكلام.
أبسط رد يمكن أن يقال لهؤلاء، بأنه إذا كان لابد من إجراء محاكمات لأحد، جرّاء ما حدث في قطاع غزة خلال العشر سنوات الماضية، فإنما هو أنتم _ وبالجملة _ قيادة حماس السياسة، والعسكرية ونوابها في التشريعي، الذين أمروا ونفذوا وباركوا الانقلاب الأسود، وقتلوا المئات من أبناء شعبنا، ثم استمروا بأخذ غزة رهينة، وقامروا بها لصالح الممانعة أولا ثم لصالح حركة الأخوان وقطر وتركيا ثانياً، وتسببوا لها بثلاث حروب مدمرة، تسببت في مصرع الآلاف، وهم من جرّوا عليها حصارا مستمرا، ولعدم أهليتهم لإدارة بلدية، عجزوا طوال السنين العشر عن توفير خدمة واحدة، مهما كانت بسيطة، لا كهرباء، ولا تنمية، ولا رواتب، ولا مياه صالحة للشرب ولا مستشفيات ولا مدارس، وما زالوا يواصلون "الرقص الهستيري" والدروشة، وكأن عجلة الزمن قد توقفت عند تلك اللحظة المشؤومة، التي تحكموا فيها بنا.
بالعودة إلى آخر فصل من فصول الشد والرخي، آخر فصل من فصول التجاذب بين حركتي فتح وحماس، فيما يخص ملف المصالحة، وبعد أن تابعت حركة حماس التي تتقن استنادا إلى موروثها وثقافتها الإخوانية لعبة الانتظار، وهي تفضل العيش في المياه السياسية والاجتماعية الآسنة والراكدة، أثرت حماس عدم الرد الرسمي على خارطة طريق الرئيس لإنهاء ملف الانقسام فورا، وحين أظهرت القيادة الفلسطينية جديّتها في إنهاء هذا الملف الذي طال كثيرا أمده، بعد أن أظهرت صبر أيوب، وذلك من خلال البدء بإجراءات عملية، بعد أن ملأت الدنيا بالمقترحات والاتفاقيات، دون أن تتخذ حماس خطوة عملية فعلية على الأرض، بدأ الرد على الأرض من خلال عودة جوقة الردح للشتم والسب، والتطاول على السلطة في رام الله، بما في ذلك شخص الرئيس .
أولا، ورغم موقفنا فيما يخص الخصم من رواتب موظفي السلطة المقيمين في قطاع غزة، المكتوب والمنشور، هنا في "الأيام"، فإننا نقول، أولا وأخيرا، فان هذا الأمر يخص السلطة وموظفيها، ولا شأن لحماس لا كسلطة أمر واقع غير شرعية، في قطاع غزة، ولا كحركة تلوثت أياديها بدماء الشعب الفلسطيني كثيرا، ثم كذلك، من حق السلطة أن تذهب بعيدا في إجراءاتها، كأن تتوقف عن تقديم كل الخدمات الخاصة بالقطاع، فمن غير المعقول، أن يكون القطاع متمردا على السلطة المركزية، بعد انقلاب عسكري فرض سلطة حماس بالقوة، وان تستمر السلطة المركزية / الشرعية بالتعامل معه، كما لو أن شيئاً لم يحدث.
لقد تعاملت السلطة المركزية / الشرعية طوال عشر سنوات مضت، كما لو كانت أم الولد، بل وحتى أم الولد العاق، التي تتحمل طيشه وعقوقه، عسى أن يعود لرشده يوما، وصبرت عليه عشر سنوات عجاف، وحاولت كثيرا بالتي هي أحسن دون جدوى، حيث أصرت حركة حماس على أن تحصل على مكافأة على الانقلاب، وليس فقط أن تنجو بجلدها، من عقاب واجب ومستحق لأرواح وأهالي من سقطوا على يديها إبانه وخلال السنوات التي تلته.
لا أحد لا داخل فلسطين ولا خارجها يعترف بسلطة حماس في غزة، لذا فهي مطالبة بان تسلم القطاع للسلطة الشرعية / المركزية فورا، ودون قيد أو شرط، أو أن تتحمل تبعات رفع يد السلطة عن كل شيء، عن المعابر، وبالتالي التعامل مع مصر وإسرائيل بشكل مباشر، وهل يمكن أن تبدي إسرائيل استعداها، فضلا عن حماس نفسها، للتعامل المباشر احدهما مع الآخر.
فلتتفضل حماس بدفع فاتورة الكهرباء لإسرائيل مباشرة، وتتصل معها من اجل إدخال المواد الغذائية وما شابه، ولتتفضل حماس بتوفير احتياجات المستشفيات والمدارس وحتى جوازات السفر، التي تصرفها السلطة حتى لإسماعيل هينة، ليتمكن من السفر للدوحة ومواصلة عقد الاجتماعات الداخلية التي هي أشبه بالمؤامرة ضد السلطة وضد إنهاء الانقسام.
نحن نعتقد بأن كل إجراء من شأنه التضييق على سلطة حماس الانقلابية في غزة، إنما هو إجراء مشروع وواجب التنفيذ، بل إن اتخاذه يعتبر عملا وطنيا، كان يجب أن يتخذ منذ وقت طويل، لكن وجهة نظر السلطة المركزية / الشرعية التي رجحت خلال السنوات الماضية، كانت التريث "وطول البال"، لكنها بعد أن تبين لها أن حماس لن تأتي بالحسنى، بدأت تفكر في ممارسة الضغط عليها لتغلق ملف انقلابها.
ويستحيل على حماس، أن تسلم غزة دون ضغط وحتى دون عنف أو إكراه، وهي على استعداد أن تحرق كل ما حولها، لتبقى، لذا فان أفضل وأهم قرار لا بد من اتخاذه هو اعتبار حركة حماس نفسها، خارجة عن القانون الفلسطيني، واتخاذ قرار بحلها ومن ثم إخضاعها لقانون الأحزاب الذي لابد أن يكشف لنا مصادر تمويلها، طبيعة برنامجها السياسي، وضرورة أن لا يكون طائفياً أو " أممياً_ عقائدياً " لا وطنياً.