سبعة عقود مضت _ حتى الآن _ على وقوع نكبة العام 1948، وما زال الفلسطينيون بملايينهم التي تتجاوز العشرة، مشتتين وموزعين على غير مكان، وتحت حكم أكثر من دولة وأكثر من سلطة، ورغم أن إنهاء بريطانيا العظمى، لانتدابها على فلسطين، يوم الخامس عشر من أيار 1948، قد تم بالتزامن مع إصدار قرارات للأمم المتحدة، منها ما هو خاص بإقامة دولتين : فلسطينية وإسرائيلية، وأخرى خاصة بحق عودة اللاجئين، النازحين والمهجرين، بسبب الحرب التي جرت، إلا أن أياً من تلك القرارات لم يجد طريقه إلى التنفيذ العملي، أو إلى التحقق في الواقع.
في محاولة البحث عن الأسباب التي حالت حتى اللحظة دون ذلك، نجد أنها قد تعددت وتنوعت، فالأمم المتحدة التي أصدرت قراراتها بالخصوص، ورغم أنها أصدرت اكبر عدد من قراراتها حول فلسطين بالمقارنة مع أية قضية صراع أو خلاف أممي أخرى، إلا أن أيا من تلك القرارات لم يصدر تحت البند السابع الملزم بقوة المنظمة الدولية، وحتى أن المنظمة ذاتها، لم تفكر حتى في أوج الصراع والحروب بين العرب والإسرائيليين، في أعوام 1948، 1956، 1967، 1973، في إرسال قواتها لمنع الحرب أو لفرض الحل الذي قالت به قراراتها المتتالية، ولم نر قوات حفظ السلام على جانبي الحدود، إلا بعد عقد اتفاقات الهدنة، بين الجانبين، وبموافقتها !
وأقصى ما فعلته المنظمة الدولية هو غوث اللاجئين الفلسطينيين، للحفاظ على حياتهم في مناطق وأماكن لجوئهم المختلفة، خاصة في دول الجوار : قطاع غزة، الضفة الغربية، الأردن، لبنان وسورية، فيما كانت مواقف الدول، العظمى خاصة، أقل اهتماما، فحيث أن النكبة الفلسطينية قد وقعت أبان الحرب الباردة، وحيث أن الغرب أو حلف شمال الأطلسي المتشكل من أميركا والغرب الأوروبي قد تبنى إسرائيل واعتبرها حليفها الإقليمي، مقابل الدعم الشرقي من قبل الاتحاد السوفيتي السابق ودول المعسكر الاشتراكي للثورة الفلسطينية، فان حل المسألة الفلسطينية بشقيها : الدولة والعودة، وقع ضحية هذه الحرب الباردة، فلا المعسكر الشرقي كان بمقدوره فرض الحقوق الفلسطينية على الطاولة الدولية، ولا الغرب استطاع أن يفرض النفي النهائي للقضية، أو فرض الاعتراف بإسرائيل على الفلسطينيين ودول المنطقة العربية والإسلامية.
أما على الجانب الفلسطيني، فانه يمكن اختصار الموقف بأنه كان موقفا انتظاريا، أي أن الشعب الفلسطيني، قد انتظر عدالة السماء أن تتحقق على ارض قاحلة، ثم انه انتظر أن يتحقق الحل دفعة أو رزمة واحدة، فلم يكن بمقدور الشعب الذي كان في معظمه من الفلاحين الفقراء، الذين خرجوا لتوهم من استعمار عثماني متخلف، واصل احتلاله عبر نظام إقطاعي، وقف سدا في وجه التعليم والتحديث، طوال أربعة قرون، ما كان بمقدور الشعب الفلسطيني أن يتجاوز شرطه وظرفه الاجتماعي / التاريخي، وهكذا، وحيث انه صدم بإعلان إقامة دولة إسرائيل وعجز الجيوش العربية عن منع إقامتها، بات يتطلع إلى منقذ ليحرر له وطنه.
وظل هكذا في انتظار الجيوش العربية مجددا، طوال نحو عشرين عاما، إلى أن تحرك بنفسه، وأطلق ثورته التحررية عام 1965 _ 1967، والتي استندت إلى برنامج م ت ف، وعبر تحولات سياسية متتالية، حققت المنظمة إنجازات سياسية، لكنها لم تكن حاسمة، وأقصى ما وصلت إليه بعد نحو ثلاثة عقود من تأسيسها، وعبر رافعة انتفاضة العام 1987، هو تأسيس سلطة الحكم الذاتي في قطاع غزة ومدن الضفة الغربية !
وشيئا فشيئا، انحصر الكفاح الوطني في حدود برنامج دولة الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية (أي حدود العام 1967)، ورغم أن الضغط الشعبي، فرض على المفاوض الفلسطيني ضم حق العودة، ضمن أي حل تاريخي، إلا أن المطالبة بهذا الحق تكاد تكون مطلبا أكثر منها هدفا، وهذا يعني أن تحقق حق العودة يتراوح بين أن يكون مطلبا تكتيكيا، تضمن المطالبة به تحقيق مطلب أو هدف الدولة المستقلة، وبين أن يأتي وفق تصور على أساس القرار 194 ولكن وفق صيغة متفق عليها!
ما هي هذه الصيغة، حتى الآن فإن التداول أشار إلى الحديث عن عودة رمزية لآلاف أو بضع عشرات الآلاف من اللاجئين (أبناء اللاجئين بالطبع) أو عن عودة كاملة ولكن للدولة الفلسطينية (هنا حتى الأميركيون مقتنعون بعودة الفلسطينيين لدولتهم وليس لدولة إسرائيل)، ولمن لا يرغب منح الجنسية المزدوجة الفلسطينية وجنسية دولة اللجوء، مع تعويض أو مستحقات توطين وما إلى ذلك.
من الواضح أن عدم القيام بإسناد شعبي للمطالبة بحق العودة، يعني صعوبة في تحقيقه، ذلك أن الجانب السياسي منه يظل خاضعا لمفاوضات سياسية، لا بد أن تقبل بحل وسط في نهاية الأمر وبالأخذ بعين الاعتبار بأمر واقع متحقق، لكن الجانب الإنساني والشخصي، يبقى مرهوناً بمطالبة أصحابه به، وهنا لابد من التساؤل، لم لا تتشكل المجموعات والجماعات الفلسطينية المختلفة ولو على نطاق مجالس أو جماعات القرى والمدن، العشائر والعائلات، لتطالب بجمع الشمل وبالحقوق الشخصية في المنازل والأراضي والأملاك الشخصية، وأعداد المرافعات القضائية بذلك وطرق أبواب منظمات حقوق الإنسان وغيرها، كل هذا ومن يطالب بحق العودة يعي أن بانتظاره «العودة» كمقيم في دولة أجنبية إن لم تكن دولة عدوة، وهذا يعني بان استعداده للكفاح لن يتوقف عند حد.
في محاولة البحث عن الأسباب التي حالت حتى اللحظة دون ذلك، نجد أنها قد تعددت وتنوعت، فالأمم المتحدة التي أصدرت قراراتها بالخصوص، ورغم أنها أصدرت اكبر عدد من قراراتها حول فلسطين بالمقارنة مع أية قضية صراع أو خلاف أممي أخرى، إلا أن أيا من تلك القرارات لم يصدر تحت البند السابع الملزم بقوة المنظمة الدولية، وحتى أن المنظمة ذاتها، لم تفكر حتى في أوج الصراع والحروب بين العرب والإسرائيليين، في أعوام 1948، 1956، 1967، 1973، في إرسال قواتها لمنع الحرب أو لفرض الحل الذي قالت به قراراتها المتتالية، ولم نر قوات حفظ السلام على جانبي الحدود، إلا بعد عقد اتفاقات الهدنة، بين الجانبين، وبموافقتها !
وأقصى ما فعلته المنظمة الدولية هو غوث اللاجئين الفلسطينيين، للحفاظ على حياتهم في مناطق وأماكن لجوئهم المختلفة، خاصة في دول الجوار : قطاع غزة، الضفة الغربية، الأردن، لبنان وسورية، فيما كانت مواقف الدول، العظمى خاصة، أقل اهتماما، فحيث أن النكبة الفلسطينية قد وقعت أبان الحرب الباردة، وحيث أن الغرب أو حلف شمال الأطلسي المتشكل من أميركا والغرب الأوروبي قد تبنى إسرائيل واعتبرها حليفها الإقليمي، مقابل الدعم الشرقي من قبل الاتحاد السوفيتي السابق ودول المعسكر الاشتراكي للثورة الفلسطينية، فان حل المسألة الفلسطينية بشقيها : الدولة والعودة، وقع ضحية هذه الحرب الباردة، فلا المعسكر الشرقي كان بمقدوره فرض الحقوق الفلسطينية على الطاولة الدولية، ولا الغرب استطاع أن يفرض النفي النهائي للقضية، أو فرض الاعتراف بإسرائيل على الفلسطينيين ودول المنطقة العربية والإسلامية.
أما على الجانب الفلسطيني، فانه يمكن اختصار الموقف بأنه كان موقفا انتظاريا، أي أن الشعب الفلسطيني، قد انتظر عدالة السماء أن تتحقق على ارض قاحلة، ثم انه انتظر أن يتحقق الحل دفعة أو رزمة واحدة، فلم يكن بمقدور الشعب الذي كان في معظمه من الفلاحين الفقراء، الذين خرجوا لتوهم من استعمار عثماني متخلف، واصل احتلاله عبر نظام إقطاعي، وقف سدا في وجه التعليم والتحديث، طوال أربعة قرون، ما كان بمقدور الشعب الفلسطيني أن يتجاوز شرطه وظرفه الاجتماعي / التاريخي، وهكذا، وحيث انه صدم بإعلان إقامة دولة إسرائيل وعجز الجيوش العربية عن منع إقامتها، بات يتطلع إلى منقذ ليحرر له وطنه.
وظل هكذا في انتظار الجيوش العربية مجددا، طوال نحو عشرين عاما، إلى أن تحرك بنفسه، وأطلق ثورته التحررية عام 1965 _ 1967، والتي استندت إلى برنامج م ت ف، وعبر تحولات سياسية متتالية، حققت المنظمة إنجازات سياسية، لكنها لم تكن حاسمة، وأقصى ما وصلت إليه بعد نحو ثلاثة عقود من تأسيسها، وعبر رافعة انتفاضة العام 1987، هو تأسيس سلطة الحكم الذاتي في قطاع غزة ومدن الضفة الغربية !
وشيئا فشيئا، انحصر الكفاح الوطني في حدود برنامج دولة الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية (أي حدود العام 1967)، ورغم أن الضغط الشعبي، فرض على المفاوض الفلسطيني ضم حق العودة، ضمن أي حل تاريخي، إلا أن المطالبة بهذا الحق تكاد تكون مطلبا أكثر منها هدفا، وهذا يعني أن تحقق حق العودة يتراوح بين أن يكون مطلبا تكتيكيا، تضمن المطالبة به تحقيق مطلب أو هدف الدولة المستقلة، وبين أن يأتي وفق تصور على أساس القرار 194 ولكن وفق صيغة متفق عليها!
ما هي هذه الصيغة، حتى الآن فإن التداول أشار إلى الحديث عن عودة رمزية لآلاف أو بضع عشرات الآلاف من اللاجئين (أبناء اللاجئين بالطبع) أو عن عودة كاملة ولكن للدولة الفلسطينية (هنا حتى الأميركيون مقتنعون بعودة الفلسطينيين لدولتهم وليس لدولة إسرائيل)، ولمن لا يرغب منح الجنسية المزدوجة الفلسطينية وجنسية دولة اللجوء، مع تعويض أو مستحقات توطين وما إلى ذلك.
من الواضح أن عدم القيام بإسناد شعبي للمطالبة بحق العودة، يعني صعوبة في تحقيقه، ذلك أن الجانب السياسي منه يظل خاضعا لمفاوضات سياسية، لا بد أن تقبل بحل وسط في نهاية الأمر وبالأخذ بعين الاعتبار بأمر واقع متحقق، لكن الجانب الإنساني والشخصي، يبقى مرهوناً بمطالبة أصحابه به، وهنا لابد من التساؤل، لم لا تتشكل المجموعات والجماعات الفلسطينية المختلفة ولو على نطاق مجالس أو جماعات القرى والمدن، العشائر والعائلات، لتطالب بجمع الشمل وبالحقوق الشخصية في المنازل والأراضي والأملاك الشخصية، وأعداد المرافعات القضائية بذلك وطرق أبواب منظمات حقوق الإنسان وغيرها، كل هذا ومن يطالب بحق العودة يعي أن بانتظاره «العودة» كمقيم في دولة أجنبية إن لم تكن دولة عدوة، وهذا يعني بان استعداده للكفاح لن يتوقف عند حد.