“هل يصلح العطّار ما أفسده الدهر”، ولأن “الطبع يغلب التطبّع”، قد لا يكون مستغرباً لدى الجميع أن السبب وراء نسب الطلاق الكبيرة بين الأزواج، عدم مقدرة الزوجة على تغيير سلوكيات زوجها، ما يستدعي رغم محاولاتها المتكررة في تصحيح تصرفاته، إلى طلب الطلاق إنهاءً للمشاكل الناجمة عن هذا السلوك، ولكن يبقى السؤال: هل تنجح الزوجة في تغيير طباع زوجها التي اكتسبها منذ نعومة أظفاره وحتى زواجه بها؟
عن هذا الموضوع أجاب استشاري الطب النفسي والإدمان الدكتور نائل العدوان بأن الزوجة تستطيع تغيير طباع زوجها، وقال لـ “فوشيا” إن الإنسان يكتسب سلوكياته إما الإيجابية أو السلبية من التعلم من والديْه في المرحلة الأولى، ثم من المدرسة ثم من أصدقائه في فترة المراهقة المساوين له في الجيل والعمر، ويليها مرحلة الجامعة، وبالتالي ينعكس كل الذي اكتسبه من ثقافات خلال تلك المراحل، على طريقة سلوكه وتفكيره وانفعالاته وتعامله مع الناس.
وأضاف العدوان أن هذا الشاب خلال رحلته ما بعد الجامعة، يرتبط بفتاة يفرقها بسنوات ويختلف معها بثقافتها ومجتمعها، فإذا اكتشفت الزوجة بعض التصرفات التي تكرهها منه، يمكنها تغييرها بأساليب متنوعة تتلخص بتحفيزه أو مكافأته، أو مدحه في حال تغير سلوكه، وفي حال لم يتغير هذا السلوك، وبقي مصرّاً عليه، تستطيع إبراز سلبيات تصرفاته، وإبداء تذمّرها جراء العواقب التي نتجت عن سلوكه، حينها قد يحاول التغير إيجاباً رغم صعوبة الأمر عليه، بحكم اعتياده على القيام بهذه السلوكات لفترة طويلة.
وبيّن العدوان أن على الزوجة، في بعض الأحيان، أن تتغاضى عن بعض الطباع السلبية عند زوجها، بهدف خلق حياة زوجية مستقرة وهادئة، باستخدام المدح والإطراء نتيجة إتيانه ببعض السلوكيات التي تحبها هي، فعلى سبيل المثال، إذا كان الزوج معتاداً على الكسل، وعدم قضاء مصالحه بنفسه متّكلاً على غيره في قضائها، يمكنها أن تقدم له كل الدعم والمساندة والتحفيز لقضاء مصالحه دون الاعتماد على أحد، من جهة، أو بحرمانه وعدم الإشادة به وإشعاره بعدم الرضا عندما يكرر هذا التصرف، أو لأي سلوك آخر يفعله دونما أي رادع.
وفي مثال آخر، وفق العدوان،فإن بعض الرجال الذين يتميزون بالعصبية لا يلتزمون بقواعد السير في بلدهم، بينما إذا انتقلوا للعيش في دولة تتّسم بالتنظيم، يضطرون للالتزام بالضوابط والتعليمات تحسباً من العقاب نتيجة اختراقهم للقوانين فيها، وإلا تصبح نظرة الناس إليهم سلبية، وهذه العوامل تكوّن عندهم وعند أي شخص حافزاً للإتيان بالسلوك الذي يتماشى مع البيئة التي يعيش فيها، ما ينجم عنه حدوث تشابه في سلوكياته مع سلوك الناس، بفضل المعاقبة المعنوية، وعدم الرضا عن تصرفاته التي ينكرها المجتمع أو زوجته أو أهله وأصدقاؤه.
أما في حال فشلت الزوجة في تغيير طباع زوجها رغم محاولاتها العديدة معه، أو وجدت مقاومة شديدة منه، إما لقناعته أو راحته أو انبساطه وتعوّده جراء القيام بهذا السلوك، يمكنها محاولة التخفيف منه وتهذيب بعض أنماطه أو تغيير بعض الجوانب غير المرغوب فيه، علماً بأن تصحيح أي تصرف خاطئ قد لا يكون بالمطلق، بحسب العدوان.
وأضاف قائلاً: “هذا لا يعني أنْ لا تتأقلم الزوجة أو تتعايش مع زوجها، إن كانت طباعه يصعب تغييرها، بل لا بد من تنازل أحدهما عن أخطاء الآخر، وتحديداً إذا تواجد الأطفال بينهما، في محاولة لملاءمة السلوك مع الأجواء بينهما، بهدف إكمال الحياة بشكل هادئ ومستقر”.
ورغم اتسام العديد من العائلات في المجتمعات بعدم وجود التناغم والانسجام والتفاهم بين الزوجيْن نظراً لاختلاف سلوكياتهما وتصرفاتهما وتفكيرهما، ولكن الزمن كفيل في تعويد أحدهما على سلوك الآخر.
وأشار العدوان بأن الحل الأمثل يكمن في تقديم التنازل من كلا الطرفين؛ فمن طرف الزوجة، عليها أن تتغاضى قليلاً عن بعض التصرفات التي لا تحبذها من زوجها، بينما يتنازل الزوج من طرفه عن سلوكياته الخاطئة في حال كانت بسيطة وإن كانت سلوكيات منفّرة، يمكن التخفيف منها وتهذيبها لتكملة الحياة بينهما.