حذار من التفاؤل المفرط.. حذار من التشاؤم!

سميح شبيب.jpg
حجم الخط

كانت زيارة الرئيس محمود عباس (أبو مازن) إلى واشنطن ولقاؤه مع الرئيس ترامب، لقاءً ناجحاً بكل المقاييس، وخلقت أجواء إيجابية، وتصريحات تبشر بخير قادم، على صعيد مفاوضات فلسطينية ـ إسرائيلية قادمة.
ما قاله الرئيس محمود عباس، إبان مؤتمره الصحافي، مفهوم ومقبول من الرئيس ترامب.
خلقت نتائج هذه الزيارة، تفاؤلاً فلسطينياً بما هو قادم، وكان بعضها تفاؤلاً مفرطاً للغاية.
ما هو مخزون في الذاكرة الفلسطينية، فيما يتعلق بالدور الأميركي، في مسار العلاقات الفلسطينية ـ الإسرائيلية، من شأنه أن يدعو للتشاؤم، وضرورة تجنب التفاؤل، خاصة المفرط منه... عند انتخاب أوباما، تفاءلنا خيراً، وكان بعضه تفاؤلا مفرطا، وسمعنا منه كلاماً مشجعاً ومبشراً بخير قادم، خاصة، فيما يتعلق بالاستيطان والجدار.. لكن ما جرى بعد ذلك، جعل هذا التفاؤل المفرط، أمراً لا معنى له... الولايات المتحدة الأميركية، ليست وسيطاً، بل طرفاً وشريكاً في حقيقة الأمر، وهذا الطرف مرتبط بتحالف استراتيجي مع إسرائيل، لكنه بالوقت ذاته، هو طرف قادر، على ثني إسرائيل، بل وإرغامها على اتخاذ سياسات، تتوافق مع المصالح الأميركية، إن هي أرادت ذلك.
هنالك ثلاثة وقائع، تؤكد ذلك، أولها، عند مشاركة إسرائيل في العدوان الثلاثي على مصر، عندما دخلت إسرائيل الحرب كشريك لفرنسا وبريطانيا، طلبت الولايات المتحدة من إسرائيل سحب قواتها، وعلى جناح السرعة، محذرة إياها من عقوبات متعددة، عندها استجابت إسرائيل وبسرعة.
وثانيها، عندما قام الرئيس العراقي صدام حسين بقصف تل أبيب بالصواريخ، وطلبت الولايات المتحدة من إسرائيل عدم الرد، وترك الأمور للولايات المتحدة، دون سواها، واستجابت إسرائيل.
وثالثها، عند مشاركة وفد فلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام، طلبت الولايات المتحدة من إسرائيل السماح للوفد الفلسطيني، بالسفر دون معوقات، استجابت إسرائيل.
الولايات المتحدة الأميركية قادرة على الضغط على إسرائيل، إن هي أرادت ذلك.
ما هو قائم الآن، هو بروز مستجدات شرق أوسطية وترامب تحديداً، يريد تأمين المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، وإعادة الدور الأميركي وتمكينه من الحد من السيطرة الروسية ـ الإيرانية، ضمن إحكام التحالفات مع السعودية ودول الخليج العربي، في مناخ يسمح بذلك، على صعيد الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي.
ما يقوم به ترامب من جهود راهنة، على هذا الصعيد واضح وبارز، ومن الصعب تخيل وجود تطابق أميركي ـ إسرائيلي، تحت سقف الليكود، وسياسات الحكومة الإسرائيلية الراهنة.
لا يمكن تسوية القضية الفلسطينية، على ضوء تواصل الاستيطان، وتجزيء الضفة الغربية، على النحو القائم الآن، وما تخطط له حكومة نتنياهو، دون تسوية عادلة وشاملة، يستحيل تسوية هذه القضية، ودون رضاء عربي، خاصة سعوديا ـ مصريا ـ أردنيا، لا يمكن فرض حل لا يقبله الفلسطينيون.
أصبح لدى ترامب، رؤية أولية لما هو قائم فلسطينياً وإسرائيلياً على حد سواء، ولعلّ ما قام به خلال فترة حكمه القصيرة، يؤكد عزم ترامب، وطموحه، للتوصل إلى تسوية للقضية الفلسطينية، ولعل ما استمع إليه من الرئيس محمود عباس، كان مقبولاً ومشجعاً للرئيس ترامب.
سيزور ترامب المملكة العربية السعودية، كأول دولة يزورها في عهد ولايته، وسيكون للسعودية، رؤيتها لحل القضية الفلسطينية، وهي رؤية واضحة تستند للمبادرة العربية.
سيطلب ترامب، من نتنياهو، تحديد رؤيته للحل، وفي حال عدم التحديد، سيساعده في طرح حل مقبول وقابل للتنفيذ، فلسطينياً وعربياً.
وقد تكون فترة الإمهال لنتنياهو، محدودة زمنياً، لكنها غير قابلة للإهمال، والقبول بفترة غير محددة، قد يؤدي إلى إضعاف الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، بل وإضاعة دورها، وهو ما يتناقض مع مصالح الولايات المتحدة، أولاً وقبل أي شيء آخر.