تحديات تنتظر إسماعيل هنية

54d92568e5acffabac64a3542587cb80.jpg
حجم الخط

دون استطلاعات للرأي ودون تدخل روسيا كانت الانتخابات في قيادة «حماس»، والتي نشرت نتائجها، أول من أمس، الحالة النادرة التي تحققت فيها توقعات المحللين. انتخاب اسماعيل هنية رئيساً للمكتب السياسي لـ»حماس» من شأنه أن يعيد لغزة مكانتها، مقارنة مع قيادة المنظمة خارج «المناطق». ولكن حسب تقدير الاستخبارات الاسرائيلية فان انتصار هنية لن يلغي كلياً تأثير رئيس المكتب السياسي التارك، خالد مشعل، الذي قام في السنة الماضية بإعداد هنية ليكون وريثه، وقام بعقد لقاءات بينه وبين الكثيرين من قادة العالم العربي. سيكون هنية منذ الآن الوجه الرسمي لـ»حماس»، لكن يمكن القول إن عناق الدب الذي يقوم به الرئيس التارك، مشعل، سيبقى.
سيحتاج هنية الى الاستمرار في العمل بحذر ومهارة بين الدول الكثيرة التي تحاول فرض السياسة على «حماس». مشعل، على خلفية الهزة في العالم العربي، اضطر الى إبعاد المنظمة عن محور ايران – سورية من اجل الحفاظ على العلاقات مع الدول السنية الكبيرة، وعلى رأسها السعودية، والى درجة ما مصر. قيادة الذراع العسكرية في غزة، برئاسة يحيى السنوار ومحمد ضيف، لم تكن شريكة في هذه التحفظات. وفي السنتين الاخيرتين استأنفت العلاقة مع إيران رغم خطورة اعتبار أن «حماس» جزء من المحور الشيعي في المنطقة. استأنفت طهران ايضا المساعدة المالية للذراع العسكرية في غزة، لكن حجم المساعدة انخفض. ومثل جهات اخرى في العالم العربي، وعلى رأسها السلطة الفلسطينية، اضطرت «حماس» ايضا في السنوات الماضية الى الاكتفاء بالقليل، رغم أن جزءاً كبيراً من الأموال تم توجيهه لزيادة القوة العسكرية.
اختيار السنوار قائدا لـ»حماس» في غزة بدل هنية نشر قبل شهرين. ويبدو أن هنية سيضطر الى المناورة في هذا الأمر أيضا بين أقطاب التأثير المتناقضة – الذراع العسكرية في القطاع ومشعل الذي يوجد في قطر. ومن الناحية المبدئية فان الذراع العسكرية أكثر تشددا تجاه اسرائيل، وهي تسعى الى اعتبار «الارهاب» هو الأمر الاهم، ولكن اثناء الازمة أن انقلبت الموازين.
في حرب «الجرف الصامد» الأخيرة في غزة، كان رؤساء الذراع العسكرية هم الذين طلبوا وقف إطلاق النار في نهاية الحرب بسبب الضغط العسكري الكبير الذي استخدمته إسرائيل، في الوقت الذي اعتقد فيه مشعل أنه يمكن الاستمرار. هنية كواحد من سكان القطاع سيكون متعلقا أكثر بالوضع في قطاع غزة مقارنة مع مشعل الذي يعيش في قطر، وعاش قبل ذلك في دمشق، وولد في الضفة الغربية.
ستتابع إسرائيل باهتمام سؤال أين سيعيش هنية كرئيس للمكتب السياسي؟ إن تواجده الدائم في القطاع سيمنحه شرعية جماهيرية أكبر. وفي المقابل، فان هذا سيبقيه أسيرا داخل غزة ويقلص حرية عمله، في حالة حدوث ازمة اخرى بين «حماس» ومصر، حيث إن نظام الجنرالات ليس متحمسا للمنظمة الفلسطينية.
استكملت «حماس» في الاشهر الماضية عمليتين مهمتين بالنسبة لها: جولة الانتخابات للمؤسسات التنظيمية والقيادية وصياغة وثائق التنظيم الجديدة التي لم تستبدل ميثاق «حماس» القديم، لكنها ستعطيها صورة أكثر براغماتية في تعاملها مع إسرائيل.
تنتظر هنية تحديات صعبة في الفترة القريبة، حيث سيضطر الى مواجهتها مع مراعاة موقف السنوار وقادة الذراع العسكرية. مصدران للضغط على القطاع معروفان وهما خطوات السلطة الفلسطينية في تقليص رواتب موظفيها، ووقف المساعدة الاقتصادية لدعم الوقود والكهرباء، الامر الذي زاد من صعوبة البنى التحتية المدنية في القطاع.
مصدر ضغط آخر سيتم لمسه في القريب هو عند بدء اسرائيل العمل الهندسي الواسع على حدود القطاع لإقامة العائق لسد الانفاق الهجومية التي حفرتها «حماس». جميع الاستخبارات الاسرائيلية تعتقد أن توجه «حماس» ليس المواجهة العسكرية القريبة، لأنها لا تزال تعاني من ضائقة استراتيجية ولم تستيقظ بعد من اضرار «الجرف الصامد». ورغم ذلك سيبدأ هنية منصبه الجديد بظروف معقدة لها قاسم مشترك واسع نسبيا مع الظروف التي أدت الى الحرب قبل ثلاث سنوات.
عن «هآرتس»