الفرنسيون صوتوا لصالح الاندماج الأوروبي

441.jpg
حجم الخط

صوّت الفرنسيون لصالح اوروبا. فالانتصار الجارف لعمانويل ماكرون يجسد حقيقة أن معظم مواطني فرنسا يريدون الاندماج في اوروبا ويعارضون حملة مارين لوبان فك الارتباط عن اوروبا.
لم أتفاجأ بمعدل التأييد العالي لماكرون. فقد قالت منذ زمن طويل إنه اذا حصلت لوبان على اكثر من 35 في المئة في الانتخابات فستكون هذه مفاجأة.
ولكن من المحظور الاستخفاف بانجازها. فقد ضاعفت التأييد لحزبها، مقارنة بما حصل عليه ابوها، جاك مارين لوبان، الذي حصل في حينه في الانتخابات مقابل جاك شيراك على 18 في المئة من الأصوات فقط.
ان تعزز اليمين المتطرف في فرنسا مقلق. ولكن هذا لا يزال تحت السيطرة. فمعظم الفرنسيون ليسوا مستعدين للتوجه نحو الاطراف؛ لا لليسار المتطرف ولا لليمين المتطرف. وفوز ماكرون يجسد هذا. لقد ملّ الفرنسيون الأحزاب التقليدية – الاشتراكي والجمهوري، واطلقوا رسالة مزدوجة: يريدون تغييرا مهماً، ولكن توجد لهم حدود وهم غير مستعدين للتطرف. تجسد نتيجة الانتخابات مرة اخرى أن الفرنسيين براغماتيون ويريدون التركيز قبل كل شيء على المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، وبالطبع على زيادة أمنهم الشخصي وان الحل ليس في الجوانب المتطرفة من السياسة.
في اسرائيل فقط يعتقدون بان لعمليات الارهاب التي ينفذها الاسلام المتطرف في اوروبا توجد اهمية بعيدة الاثر. اما الفرنسيون فيضعون هذا في توازن. يريدون أن يعززوا الامن، ولكن ليس الدخول في جنون الاضطهاد او الحماسة والدعوة الى «الموت للعرب». من الواضح ان للعمليات تأثيرا هامشيا فقط على نتائج الانتخابات.
خلافا لما حصل في بريطانيا وفي الولايات المتحدة فان ما نشر عن محاولة الروس النبش في الانتخابات في فرنسا والمس بماكرون عززته فقط؛ لان الجمهور فهم بانه ملزم بالعمل من اجل استقلال فرنسا وضد المصالح الاجنبية.
يأتي ماكرون الى الرئاسة دون أي مؤيد معلن في البرلمان. وستجرى الانتخابات للبرلمان بعد نحو شهر. ولكن من المشكوك فيه أن تكون لديه القوة التنظيمية التي تمنحه الاغلبية، وهذا ليس بسيطا لأن الانتخابات لوائية. ومع أن الفرنسيين أعربوا عن عدم ثقتهم بالاحزاب التقليدية، ولكن يخيل لي ان الاشتراكيين، الجمهوريين، والوسط سيكونون شركاء في حكومة وحدة يقيمها ماكرون.
من المعقول أن تتشكل الحكومة التي سيقيمها من الحزبين، وهذا سيكون خليطا مشوقا. ماكرون، الذي في الجولة الاولى حصل على 24 في المئة، اجترف في  الجولة الثانية 65 في المئة، وهذا الارتفاع الحاد في التأييد له جاء أساسا من مؤيدي هذين الحزبين.
ثمة معطى مشوق آخر هو أن 90 في المئة من يهود فرنسا ايدوا ماكرون، وكذا معظم المسلمين صوتوا له. وأغلب الظن سيقيد ماكرون حرية التنظيم في المساجد وسيعمق الرقابة على الأئمة. كما أنه من المتوقع أن يعمل على تصعيد النشاط الامني لاحباط عمليات الارهاب، ولا ننسى أن لفرنسا احد أجهزة الاستخبارات الافضل وكذا الادوات المواجهة محاولات تنفيذ العمليات.
وبالنسبة لاسرائيل، فان ماكرون ليس مؤيدا لاسرائيل وليس مناهضا لها. فان شاءت فرنسا، كما شاءت من قبل، استعادت مكانتها في الشرق الاوسط، الا أن الشرق الاوسط لن يكون في رأس اهتمام ماكرون. ومن شبه المؤكد انه سيركز على ثلاثة مواضيع اساس: الاقتصاد، المجتمع، ومكافحة الارهاب.

عن «معاريف»