كثير من المراقبين والمتابعين يعتقدون أن وثيقة حماس الجديدة هي أول وثيقة تضمنت مواقف سياسية متقدمة للحركة تعطي توجها بقبول حل قيام دولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران 1967 ، وأن الحركة لا تحمل عداءا للديانة اليهودية ولكن عداءها للاحتلال على الأرض الفلسطينية ،، وهذا ليس صحيحا فإن حركة حماس وفي العام 1994 عندما كنت حينها ناطقا رسميا للحركة وردا على الادعاءات الإسرائيلية حينها بأنها تقف ضد عملية التسوية السياسية وتتحمل فشلها ،، أعلنت حركة حماس حينها وعبر مؤتمر صحفي بأنها ستحترم قيام دولة فلسطينية على أراض قطاع غزة والضفة الغربية وعاصمتها القدس الشرقية مع إخلاء كافة المستوطنات المقامة عليها وعودة كافة اللاجئين الفلسطينيين وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال اعتراف الحركة بشرعية قيام دولة الكيان على أرضنا ،،،
ما ذكرني بهذا الحدث هو صورة رد الفعل لإسحق رابين في العام 1994 ورد فعل نتنياهو على وثيقة حماس 2017 ، ومدى التشابه في صيغة الغضب والارتباك ، اسحق رابين رد على مبادرة حماس 1994 من خلال خطاب من على منصة الكنيست حيث مزق المبادرة وقال نحن لا نستقبل مبادرات أو مواقف من فصائل إرهابية ونحن لا نسمح لأنفسنا لنستمع من أصوات تنادي بإبادة دولة إسرائيل ،، ونفس الكلام ردده بالأمس نتنياهو ردا على وثيقة حماس الأخيرة ،،
وهنا يبرز التساؤل لماذا هذا الارتباك الصهيوني من الاعتدال الفلسطيني ؟ والإجابة طبعا لا تحتاج الى كثير من التفكير لأن قادة هذا الكيان رسموا صورة خاصة بهم تسكن عقولهم حول الفلسطيني واعتبار أن الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت ،، لا يرغبون لأي كان ان يتقدم لتغيير تلك الصورة أمام المجتمع الدولي لأن تاريخهم مليء بالدم والقهر والحقد على تاريخنا وأرضنا ومقدساتنا ..
ولذلك ابتكر احد قادتهم مصطلح : الإرهاب الدبلوماسي " كلما نجحت الدبلوماسية الفلسطينية في نفي مزاعمهم ورسمت صورة تفضح مواقفهم الحقيقية وتضعهم أمام تساؤلات كثيرة ،، عندما يتوحد الخطاب الفلسطيني وتتوحد الجهود لتحقيق هدف محدد تتراجع الرواية الصهيونية ،، لأن المجتمع الدولي يتغير ولم يعد قادر في الاستمرار بتحمل تفاصيل هذا الصراع ، ولم تعد جملة الأكاذيب التي يروجها إعلام عدونا مقبولة في ظل ثورة المعلومات والفضائيات ،،
وأصبح الجميع يدرك أبعاد وتفاصيل اللعبة الدولية وكيفية التعاطي مع الأحداث