تل أبيب تخطط للسيطرة على جميع أنظمة الاتصال في غزة

حجم الخط

 لا تألو إسرائيل جُهدًا في إطار الحرب النفسيّة التي تخوضها بشراسةٍ ضدّ العرب والمُسلمين، وتقوم الحكومة الإسرائيليّة وجيشها والأجهزة الأمنيّة الأخرى بمُطاردة العرب أينما كانوا وبجميع الوسائل، وتبذل تل أبيب الغالي والنفيس من أجل دقّ الأسافين بين أبناء الشعب الواحد، في محاولة مفضوحة لتقسيم العرب إلى عربين، وزرع بذور الفتنة بين الناطقين بالضاد.

 

  وفي هذا السياق لا بدّ من التشديد على أنّ الوحدة 8200، التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال الإسرائيليّ تُعتبر من أكثر الوحدات تطورًا من الناحية التقنيّة والتكنولوجيّة، ولها نشاطات واسعة في حروب الإنترنيت والشبكات، وقد انضمّ إليها الآلاف من العقول الإسرائيليّة منذ إنشائها نظرا لشهرتها الواسعة حيث تعمل على ضمان التفوق النوعيّ لإسرائيل من خلال عمليات دفاعيّة أوْ هجوميّة في الفضاء الإلكترونيّ.

وبحسب موقع (Defense News) فإنّ إسرائيل قامت منذ العام 2003 بتجنيد آلاف الشباب من طلاب الثانوية في هذه الوحدة، الأمر الذي أثار الجدل حينها حول الأسباب التي تستدعي استقطاب كل هذه الأعداد وطبيعة المهام التي ستوكل إليهم، لكنّ الأمر ظلّ مُبهمًا وتعرضّ الإعلام الإسرائيليّ لضغوطات لوقف النبش بالموضوع. لكن مع نهاية العام الماضي بدأت المعلومات تتسرب بأنّ من تمّ تجنيدهم شكّلوا أكبر جيش الكترونيّ لنشر الفكر الصهيونيّ والتوغل في أعماق العالم العربيّ لتسميم بناه الثقافيّة والفكريّة وضرب قيمه الأخلاقيّة والإنسانيّة والعقائديّة، وقد أتاح له فضاء مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات والمواقع الالكترونية ميدانًا مفتوحًا للتحرّك بحريّةٍ كاملةٍ.

 

  وحسب المعلومات التي تمّ تسريبها فإنّ فرقًا من هذه الوحدة هي التي تتولى تدريب جيوش الكترونيّة لمعارضات العديد من الدول، والتي قادت الـ"ثورات العربيّة" في مواقع التواصل الاجتماعيّ وغيرها، في الوقت الذي يعمل الآلاف منهم بهدوءٍ على زرع الفتن وترويج الإشاعات واستهداف الناشطين والمثقفين وتأجيج فتن مذهبيّة ودينيّة، وبالمُقابل، يعملون على تلميع صور الجماعات المتطرّفة، وأعمال استخبارية وتجسسية مختلفة، بكلمات أخرى، فإنّ جلّ اهتمام الوحدة في هذه الأيام هو كيّ الوعي العربيّ بما يتناسب مع المصالح الإسرائيليّة.

 

  وتكمن المشكلة في أنّ هذا النشاط الإسرائيليّ الذي يعمل على تفكيك المجتمعات العربية بشكلٍ خطيرٍ جدًا ما زال يعمل بدون ردٍ، ولم يُواجه بأيّ تحرك عربيّ للحدّ من أثاره المدمرة. 

وأشار الموقع إلى أنّ الوحدة المذكورة تلعب الدور الحاسم في مجال التجسس الالكتروني، مُشيرًا إلى أنّ الجنرال المتقاعد اوري ساغي، الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكريّة اعترف بوجود مثل هذه الوحدة، التي اعتبرها من أهم الوحدات الاستخبارية في الجيش. 

كما قال ساغي إنّ أهداف (الوحدة 8200) هو المساهمة في تقديم رؤية استخبارية متكاملة مع المعلومات التي توفرها المصادر البشريّة القائمة على العملاء. 

وتعتمد الوحدة على ثلاث صور من العمل في المجال الاستخباري وهي: الرصد، والتصنت، والتصوير، والتشويش. ويتطلّب هذا النوع من المهام مجال واسع من وسائل التقنية المتقدمة. وأوضح الموقع بأنّ مُجمّع الصناعات العسكريّة الإسرائيليّة الذي تملكه الحكومة يقوم خصيصًا بتطوير أجهزة الكترونيّة بناءً على طلباتٍ خاصّةٍ من قادة الوحدة.

 

وقد نقل الموقع عن مصدر أمنيّ قوله إنّ الوحدة تستخدم الطائرات بدون طيّار ويتّم استغلال هذه التقنية بالتعاون بين (وحدة 8200)، وسلاح الجو. وكان الجنرال دان حالوتس، رئيس هيئة الأركان الأسبق وقائد سلاح الجو الإسرائيليّ الأسبق قد صرح بأنّه في جميع عمليات الاغتيال التي تمّت في الضفة الغربية وقطاع غزة فإنّه قد تمّ استخدام هذه الطائرة، التي تُستخدم في تسهيل مهمة ألوية المشاة التابعة لجيش الاحتلال قبيل وأثناء عمليات التوغل داخل الأراضي الفلسطينيّة، وتزود عناصر (الوحدة 8200) بمعلومات عن تحركّات عناصر المقاومة، وعناصر الوحدة يقومون بدورهم بتزويد قادة الجيش بهذه المعلومات بشكل تدريجي. كما تبينّ لاحقًا أنّ جيش الاحتلال الإسرائيليّ كلفّ الوحدة مؤخرًا بالقيام بالترتيبات اللازمة التي تضمن لإسرائيل مواصلة معرفة ما يدور في قطاع غزة.

 

  ولفت الموقع إلى أنه حسب تقرير ورد في مجلة (فورين ريبورت)، فإنّ شعبة الاستخبارات العسكريّة قامت بزرع أحدث أجهزة التجسس الرقمية (ديجيتال) في القطاع قبل رحيل الجيش عنه، وذلك من أجل وضع الفصائل الفلسطينية، أو بالأحرى نشطائها، تحت الرقابة الإسرائيليّة الدائمة، ونقل أي معلومات مباشرة إلى مقر (امان) في تل أبيب.

 

وتابع التقرير في المجلة الغربية قائلاً إنّ إسرائيل تُخطط للسيطرة على جميع خطوط الهاتف وأنظمة الاتصال في القطاع بشكل يُمكّن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من رصد تحركات واتصالات النشطاء. ولكن بالمُقابل تنظيم حزب الله هو مثال للنجاح في مجال الحرب النفسّية التي حدثت في لبنان على الرغم من أنّه تنظيم صغير يضم عددًا صغيرًا نسبيًا من المقاتلين، حيث استطاع أنْ يفرض إرادته على دولة تعتبر الأقوى عسكريًا في المنطقة، دون الاستناد إلى سلاح المشاة أوْ سلاح الجو أوْ وجود أسطول بحريّ، حيث كانت الفئة الأولى المستهدفة في الإعلام من قبلهم هم سكان جنوب لبنان، حيث أثبت حزب الله لهم أنّ بقاء إسرائيل في المنطقة هو قصير وأنّ حزب الله قائم ومستقر أكثر.

 

  كما أنّ الوعي الثقافيّ لحزب الله من قبل رجاله في المنطقة ساعده كثيرًا على نقل الرسالة بصورة ايجابية في الإعلام ومن خلال العلاقات الاجتماعية التي أنشئوها إضافة إلى وسائل الاتصال المتعددة. أمّا الرسائل الموجهة إلى إسرائيل فتعلقت بالتصميم على مواصلة الكفاح والاستعداد اللانهائي للتضحية بالنفس والممتلكات.

 

  كما أنّ إستراتيجيّة حزب الله هي ممارسة الضغوطات على أصحاب القرار من جانب المواطنين في إسرائيل ووقف عملية (عناقيد الغضب) قبل موعدها هو مثال للعمل العسكريّ الذي توقف نتيجة بث صور التعرض للمواطنين المدنيين، والتي نشرت في جميع أنحاء العالم، وهذا الأسلوب الحديث في إدارة المعركة أعطى حزب الله أداة قوية للمواجهة بأشكالها.