الأمثال العامّية المصرية في طبعة جديدة

حجم الخط

صدرت طبعة جديدة من كتاب (الأمثال العامّية) للمحقق والعلاّمة الشهير أحمد تيمور باشا، عن دار الشروق في القاهرة. ونظراً لما لاقاه هذا المؤلَّف الكبير، من رواج لدى جمهور القراء والباحثين، على حد سواء، فإن إعادة طبع الكتاب تمثل تلبية لحاجة ماسّة وجوهرية عند مختلف طبقات القراء.

فالكتاب، من جهة، يرصد كافة الأمثال العامية المصرية، وفي مختلف تلويناتها التي تشير الى مصدرها الاجتماعي ومستواها الثقافي المتباين مابين مثل وآخر. وهو من جهة ثانية، يميط اللثام عن ثقافة المجتمع الحية التي تشكلت عبر تراكم الخبرات والتجارب.

فمن المعلوم، أن الثقافات الاجتماعية الحية، والجارية، والتي يشكّل المثل الشعبي، صورة من صورها الرئيسية، قد تعرضت لتغييب مقصود، تسبّب به "التعالي" الذي كانت تمارسه النخبة الأكاديمية على تلك الخبرات الاجتماعية العفوية التي لازالت تؤثر في عقلية الناس وطريقة اختيارهم في مختلف صنوف الواقع الاجتماعي.

كذلك، فإن الدراسات الإنسانية العربية، لم تتوقف كثيرا عند المثل الشعبي، ولم تدرجه كقضية ثقافية قابلة للكشف عن نسق عميق يجمع مابين التعبير الشفوي – وهو المثل المنطوق – والتجربة الاجتماعية التي أدّت الى بزوغ تلك الحكمة أو العبرة من هذا المثل أو ذاك.

وأيضا، أثّر صعود تيار القومية العربية، على تلك الأنواع من الثقافات التي تشير الى بيئة اجتماعية محددة. فالمثل الشعبي، عالمٌ خاص، له أسوار معرفية وحدود ثقافية تمنحه شخصية ثقافية مستقلة. من هنا، فإن الفكر القومي، غالبا ماكان يتعامل بنوع من الريبة، أو الاستخفاف، في عالم المثل الشعبي، كون الأخير ينتمي الى بيئة اجتماعية محددة تمتلك ملامح غير قابلة للدمج أو الإلحاق القسري. مثله مثل الشعر العامي، أو الشعر النبطي، وقد تعرض الاثنان الى الفوقية ذاتها، والى التجاهل الأكاديمي ذاته.

أحمد تيمور باشا.. المصوّر الفوتوغرافي

يعتبر أحمد تيمور علماً من أعلام التصنيف والتأليف، ليس في مصر وحدها، بل في العالمين العربي والاسلامي، فقد زوّد المكتبة العربية بكتب نادرة من مختاراته أو تأليفه كـ(ضبط الأعلام) و(الكنايات العامية) و(البرقيات للرسالة والمقالة) و(أوهام شعراء العرب في المعاني) و(أسرار العربية) و(السماع والقياس) و(الحب عن العرب) إلى جانب عدد من كتب الأدب والتصنيف المختلفة التي عرفت في كل أنحاء العالم العربي ككتابه عن الشاعر أبي العلاء المعري.

وهو الذي عاش في بيئة تحيط بها الكتب والمؤلفات والمصنفات من كل جانب. فأوّل نشأته كانت في بيت أبيه اسماعيل تيمور الذي كان رئيسا لديوان الخديوي اسماعيل. ثم في بيت أخته الشاعرة الكبيرة عائشة التيمورية. وبعد إتقانه للغة الفرنسية، وتبحّره الجم في اللغة العربية، وتنقّله في عدة وظائف حكومية، آثر أن ينفرد بنفسه الى التأليف وترك شؤون الوظائف العامة، وتكثيف الاطلاع على كتب الأدب والفلسفة والتاريخ، وتعرف الى أهم شخصيات عصره ولازمهم في ندوته التي كان يحييها في بيته، وجمعت أشهر أدباء ذلك العصر وعلمائه، كالشاعر محمود سامي البارودي واسماعيل صبري، والإمام محمد عبده. وغيرهم الكثير بطبيعة الحال.

ومن جملة الهوايات التي كان تعلق بها، التصوير الشمسي، فقد كان هذا الفن يمنحه أداة لحفظ الواقع الاجتماعي من خلال التصوير. فعندما قامت شركة "ترام القاهرة" بإنشاء خط جديد لها يستدعي إزالة بعض الآثار من القناطر، قام بحمل كاميرته وتصوير الموقع من كل جهاته وحفظ صوره في مصنفاته، قبل أن يتم الهدم والردم فينساها الناس كما لو أنها لم تكن من قبل.

"الدّهن في العتاقي"..

يجمع كتاب الأمثال، كل مادرج على ألسنة المصريين من حكم وخبرات واختصارات دالة على عبرة معينة أو نصيحة عامة. نذكر بعضا منها هنا:

الدّهن في العتاقي: ويضرب لتعظيم الشيوخ.

تحت البراقع سمّ ناقع: ويضرب لحسن الظاهر والقبح الباطن.

عادي أمير ولا تعادي غفير: والقصد بأن معاداة العظيم لا تضر "لأن له من نفسه ومظهره مايمنعه من إتيان مايعاب عليه".

البحر غربال الخايبة: ويضرب للمتساهل في عمله.

أشكي لمين وكل الناس مجاريح: ومقصده واضح.

شمعة الكدّاب ماتنوّرش..