عن مفرمة اللحم - في السنة الجديدة نحتاج أفكار جديدة ولا نحتاج لأيام تعيسة جديدة

تنزيل (5).jpg
حجم الخط

بقلم د. ناصر اللحام

 

اذا ذهبت لمشاهدة فلم سينما لأكثر من مرة فهذا لا يعني انك قليل الاستيعاب بل يمكن انك تستمتع برؤية زاويا أخرى والتأكد منها اكثر من مرة . ولكن اذا توقعت نتيجة مختلفة للفلم عن المرات السابقة التي شاهدتها تكون قد اصبت بالغباء ووقعت في خانة التبلد .

نواجه حرب صعبة ودموية وقتل جماعي وابادة . نواجه مصيبة أكبر منا وأكبر من تنظيماتنا وأكبر من قنواتنا الفضائية وأكبر من سلطتنا واكبر من رئيسنا واكبر من معارضتنا ، لدرجة صار كثيرون يتابعون ما يقوله المنجمون عن أنفسنا .
وحين يلجأ البشر الى الغيبيات يكون السبب فقدانهم اليقين وبحثهم عن أي خشبة يتشبثون بها تلاشيا للغرق .
بعد الحرب العالمية الأولى تفشّت في العالم فكرة الأحزاب القومية ، ومن شدة الذبح والقتل والجثث صارت الشعوب تبحث عن حدود تجمعهم بدلا من كنيسة تفرقهم . وبعد الحرب العالمية الثانية انتشر الالحاد والعبثية والحشيش والعيش في الطرقات ، واعتقد البشر ان ملحدا يفقدهم عقولهم افضل من رجل دين يأخذ ارواحهم ويقتلهم بغبائه .
بالنسبة لفلسطين والفلسطينيين . لم تكن تهمنا الحرب العالمية الأولى بشكل مباشر ،ولم نشهد منها سوى اندحار احتلال واستبداله باحتلال اخر . وفي الحرب العالمية الثانية كانت البلدان العربية ملاذا للبؤساء الهاربين من جحيم أوروبا وعلى رأسهم اليهود . ولكن ما يحدث لنا ولأولادنا ولبيوتنا منذ سنتين فهو حرب عالمية مفصلة خصيصا لأهل فلسطين ومن ساندهم ووقف معهم ، ان الوصف الادق لما يحدث هو ( مقتلة ) او ( مفرمة لحم ) وقعنا فيها على الهواء المباشر .

العاجز . هو من فقد القدرة على القرار او الفرار او التوجيه او الاختيار ، ويمكن ان يكون الضحية عاجزا ، لكن يمنع منعا باتا ان يكون المسؤول والقائد عاجزا ، وان يتوقف دوره في البحث المتواصل عن نوافذ الامل والخروج من الازمات .

في السنة الجديدة 2025 نحتاج الى أفكار جديدة ، والأهم الى قيادات جديدة وأدوات جديدة لضمان تحقيق هذه الأهداف بعيدا الشعارات المفرغة من المضامين :
- وقف مفرمة اللحم
- العودة الى البيوت وما تبقى من منازل
- الترميم واعادة مقومات الحياة الى قطاع غزة
- استعادة الحلم تحت شعار واقعي جامع يأوي الجميع تحته.

- تترك لنا الحرب جيوشا من الايتام ، عشرات الاف من الأطفال خسروا كل شيء في حياتهم الصغيرة .. من دون امل سوف يتحول هؤلاء الى جيش من الغاضبين على العالم ويقلبون كل الموازين .واذا لا نوفر لهم الامل والحياة الكريمة سوف يدفع العالم كله ثمن غضبهم .
- بعد الحرب العالمية الأولى وبعد اتفاقية فرساي الظالمة ، جاء رجل يدعى ادولف هتلر وجمع هؤلاء الأطفال في كشافة النازية ، ودربهم عقليا وجسديا بأن العالم ظالم وقاهر ومحتال .. وبعد عشرين عاما قام هؤلاء الأطفال واحتلوا العالم كله .