آلاف الشباب في إسرائيل يعيشون في الشوارع بلا مأوى !

572.jpg
حجم الخط

منذ أكثر من عقد وأنا أتجول في الشوارع وألتقي مع مئات الشباب والشابات الذين يقضون حياتهم هناك. شباب وشابات يبحثون عن المقعد والزاوية والبيت المهجور كي يضعوا رأسهم ولو لفترة قصيرة. هذا مؤلم ومقلق ولا يمكن تحمله. الشباب الذين التقيت معهم تحدثوا عن اشخاص يتوجهون اليهم في الشارع ويقولون «أنتم شباب، اذهبوا الى العمل» أو «لماذا تركتم البيت، أين آباؤكم؟». الشارع ليس مكانا يتم اختياره. كل شاب وشابة التقيت معهم في الشارع تحدثوا عن قصة حياة معقدة وصعبة. وفي الخلفية تحرشات جنسية، في العادة من شخص مقرب، أو العنف العائلي والإهمال الشديد.
تم تسليم تقرير «عيلام» للعام 2016، أول من أمس، لرئيس الدولة، رؤوبين ريفلين. واستنتاجاته الأساسية تُظهر صورة صعبة: حوالي خُمس الفتيان الذين التقى معهم نشطاء «عيلام» هم بدون مأوى، أو يعيشون في أطر خارج البيت. من بينهم أكثر من 20 في المئة ينامون في الشارع والحدائق العامة في الليل، و6 في المئة ينامون في أماكن خطرة.
الحاجة الى البقاء في الشارع تضيف مشاكل كثيرة منها تعاطي المخدرات والسرقة والبغاء. عندما ألتقي مع فتيان بدون مأوى اسألهم عن الشيء الأكثر صعوبة في الشارع. قبل الحاجة الى السقف الآمن والغذاء يتحدثون عن الوحدة. الشعور بأنهم وحيدون في العالم، وأن الجميع تخلوا عنهم، وأن لا أحدا يثق بهم، هذا هو الأمر الاكثر صعوبة، وهذا هو الشعور الذي يرافقهم لسنوات طويلة، وهو موجود قبل الشارع.
متطوعو «عيلام» في الميدان يحاولون ايجاد علاقة مستمرة مع هؤلاء الفتيان كي يشعروا بأن هناك من يهتم بهم، إلا أنهم ليسوا شفافين أمامهم. المساعدة التي يحظى بها الشباب تتراوح بين وجبة ساخنة وبين الحديث والعلاج النفسي للتغلب على صدمة الطفولة والمرافقة في المفترقات المهمة في الحياة.
يجب علينا تذكر أن الشباب والشابات الذين يعانون من ضائقة يواجهون ايضا الصعوبات والمفارقات التي يواجهها الشباب العاديون. وقد شاهدت طواقم تقوم بمرافقة الشباب الى التجنيد، أو الى اليوم الاول في العمل أو في الزفاف وحتى في غرفة الولادة.
المراحل التي نمر بها في معظمنا هي مراحل مفروغ منها تقريبا – الجيش والتعلم والعمل والزواج واقامة عائلة – هي تحديات بالنسبة للشباب الذين يعانون ضائقة. النجاح في كل مرحلة يحتاج الى نفسية قوية وعمل صعب، سواء من قبل الشباب أو من قبل الطواقم الداعمة. المكافأة الاساسية لمن يعمل في ذلك هي رؤية شاب أو فتاة قمنا بمرافقته وهو يحقق ذاته، واحيانا ينضمون هم أنفسهم الى طواقم التطوع في «عيلام».
يعيش في اسرائيل الآن آلاف الشباب والشابات الذين لا مأوى لهم، هذه حقيقة. جمعية «عيلام» وحدها ساعدت في العام الماضي 900 شخص بلا مأوى، ينامون كل ليلة خارج البيت، وكثيرون غيرهم ممن ينامون في اماكن خطرة لدى شخص قد يقوم بالاعتداء عليهم، أو لدى شخص غريب مقابل خدمة جنسية. من وراء هذه الارقام هناك أناس لهم أسماء وقصة حياة وأمل بمستقبل أفضل.
حتى الآن، يحصل الشباب الذين لا مأوى لهم في اسرائيل على حلول مؤقتة، ليلة هنا وليلة هناك. والحل هو وجود مركز يعمل 24 ساعة في اليوم ويقوم بتقديم الوجبات الساخنة ومكان آمن للنوم والمساعدة النفسية وخطط العمل والمرافقة من اجل الخروج الى الحياة المستقلة. ولكن قبل كل شيء الحماية. الحماية من الشارع وأخطاره.
لا يوجد الآن في اسرائيل حل جذري لضائقة الشباب بلا مأوى، أو مكان يمكنهم البقاء فيه 24 ساعة في اليوم. نحن نعمل بشكل متواصل مع السلطات المحلية والجهات الحكومية، وهناك أعضاء كنيست يتجندون لمساعدتنا، ايضا توجد ميزانية وخطط، إلا أن اغلبية الشباب الذين لا مأوى لهم ما زالوا يستجدون الحلول. تعالوا لايجاد حل لهم.

 عن «إسرائيل اليوم»