مغزى إنتخابات بيرزيت

thumbgen (23).jpg
حجم الخط

 

تقدمت مرة اخرة الكتلة الإسلامية التابعة لحركة حماس في جامعة بيرزيت على منظمة الشبيبة التابعة لحركة فتح بفارق بسيط 25 مقعدا مقابل 22، لكنه في كل الأحوال إنتصار في الجامعة الأهم في محافظات الشمال. وهو الفوز الوحيد، الذي حصدته حماس، في حين فازت الشبيبة الفتحاوية في الجامعات الست الأخرى: النجاح، بيت لحم، الخليل، القدس المفتوحة، القدس ابو ديس والجامعة الأميركية العربية بالإضافة لخضوري . وما نجم عن الإنتخابات يعكس اجمالا المزاج العام في الشارع الفلسطيني. 

غير ان الأهمية الأساسية لإجراء الأنتخابات في الجامعات والمجالس المحلية والقروية والبلدية (التي ستجري اليوم السبت)، تتمثل في اولا ترسيخ الخيار الديمقراطي في اوساط الشعب الفلسطيني؛ ثانيا إسقاط الفيتو، الذي تمثله حركة حماس برفضها إجراء الأنتخابات في قطاع غزة؛ ثالثا عدم الخشية من تبعات إجرائها في الضفة دون غزة على التمسك بالوحدة الوطنية؛ رابعا الحد من اي مظاهر تسيء للخيار الديمقراطي؛ خامسا التداول السلمي بين القوى داخل المؤسسات والهيئات الرسمية والأهلية؛ سادسا انزاهة والشفافية، التي ميزت انتخابات المجالس الطلابية وبالضرورة المجالس المحلية والبلدية. 

إذا فوز الكتلة الإسلامية في جامعة بيرزيت، أعطت مصداقية عالية للنزاهة والشفافية، التي تتمتع بها مؤسسات السلطة الوطنية. وقطعت الطريق على القوى المتناقضة والمعادية للسلطة وخاصة حركة حماس، التي ما فتئت تمارس عملية تحريض منهجية ومعدة ضد القيادةالفلسطينية عموما وشخص الرئيس ابو مازن خصوصا. لإنها فتحت المجال واسعا أمام الحركة الطلابية في إختيار ممثليها في مجالسها دون

قيد او شرط، ودون إملاء او فرض هيئات بالبرشوت، وبالتالي أكدت باليقين القاطع لحركة حماس، ان مناداة القيادة بإجراء إنتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني حرة ونزيهة، كما حصل عام2006، ليست مناداة شكلية او تضليلية، انما هي دعوة حقيقية وصادقة، وتعكس الإرادة والرغبة في تعميق العملية الديمقراطية في اوساط الشعب والمؤسسات على حد سواء.

لكن هل حركة حماس، التي تغنى رئيسها المنتخب مؤخرا، إسماعيل هنية بنتائج جامعة بيرزيت، والذي أكدعلى "التداول السلمي للسلطة والمؤسسات" عبر "صناديق الإقتراع" معنية فعلا بتكريس الخيار الديمقراطي عموما والإنتخابات خصوصا؟ هل لديها الجاهزية لإجراء الإنتخابات في اي مؤسسة تعليمية او نقابية او وطنية؟ وهل يؤمن ابو العبد هنية وأقرانه في قيادة حماس بالإنتخابات الديمقراطية؟ واذا كان

الأمر كذلك، لماذا لم تسمح بإجراء الإنتخابات في الجامعات الفلسطينية في المحافظات الجنوبية؟ ولماذا رفضت المشاركة في انتخابات المجالس المحلية والبلدية؟ ولماذا ترفض إجراء الإنتخابات الرئاسية والتشريعية والوطني؟ رغم ان الوثيقة السياسية الجديدة لحركة حماس أكدت على ما ورد أعلاه، وهي المفترض ان تشكل الناظم لسياسات وتوجهات حركة حماس. 

مرة أخرى تؤكد حركة حماس باليقين القاطع وعبر الممارسة العملية، أنها لا تؤمن بخيار الإنتخابات. ولا تؤمن بالشركة ولا التداول السلمي للسلطة والقيادة في اي مؤسسة جامعية ام بلدية او وطنية. لإنها تخشى ذلك، وتعلم علم اليقين، أن ما حصل للمرة الثالثة في بيرزيت للأسف الشديد، ليس نتيجة فهلوة وشطارة ممثلي حركة حماس، ولا لقناعة ممثلي الحركة الطلابية بصوابية خيار ما تمثله حماس، إنما لعدم قدرة

ممثلي فتح من إقناع الطلبة برؤيتهم وبرنامجهم، وعدم دفاعهم القوي عن سياسات قياداتهم، وتهاونهم في المتابعة اليومية لنبض الحركة الطلابية. وإلآ لماذا تنجح وتفوز في الجامعات الأخرى وتفشل في الجامعة الأهم بيرزيت؟ هناك مشكلة، على ممثلي حركة فتح ومعها القطب الديمقراطي وباقي ممثلي القوى البحث عنها، وإستخلاص الدرس والعبرة وتجاوزها في الأعوام القادمة، وإعادة الإعتبار للناطقين الحقيقيين عن روح وشكل ومضمون المشروع الوطني، رواد الوحدة والحرية والإستقلال والعودة وتقرير المصير.