طقوس نضالية قبلية فلسطينية

توفيق أبو شومر.jpg
حجم الخط

هل يجوز أن نُحوِّل النضال الفلسطيني إلى طقسٍ قبلي تراثي، يُطبِّقُه الفلسطينيون جيلاً بعد جيل، يمارسونه كتقليد محفوظ، لا يحيدون عنه؟!
أليست هناك بدائلُ نضالية عن طقس الإضراب، وشعيرة الاعتصام، وسنة المسيرات، وفرض البيانات، وكرنفالات الخطابات؟!! مَن سيتضرر حينَ يُضرب الفلسطينيون احتجاجا على المحتلين؟ إن الضرر سيصيبنا نحن، وليس المحتل لأرضنا.
هل فكرنا أن نبتدع نمطاً آخر غير الإضرابات، ونُغير المسارَ إلى نمطٍ نضالي جديد، بأن نصحوَ ساعةً قبل الثامنة صباحا، نعمل، ونُنتج، ونشترك في جهدٍ وطني تطوعي، أو أن نزيد ساعات الدوام الرسمية ساعة أخرى، وأن ننظف شوارعنا بأنفسنا؟

لماذا لا نبتدع نمطاً جديداً يلائم المناسبة؟
فحين نحتجُّ على كبتِ أسرنا، وقهرهم، نبني الخيام، ونعتصم، ونصوم، ونشغل أهلنا بنا.
لماذا لا نخصصُ أوقاتاً لزيارةِ ذويهم، أو أن نُهدي أطفالهم هدايا رمزية، تعبر عن حبنا وتقديرنا لهم؟
ألم يحن الوقت لنوقفَ قاصفات الآذان المُحرَّمة دوليا في شوارعنا، وأن نمتنع عن استخدام المتفجرات اللغوية، المحشوة بالأشعار والأغاني في المهرجانات، وأن نعقد بدلاً من ذلك ندواتٍ حوارية مع أطفالنا في صفوف مدارسهم لتوعيتهم، وحثهم على الإبداع والعمل التطوعي لأجل الوطن؟
هل سنظلُّ أسرى مايكرفونات الأحزاب والتنظيمات الداعية إلى: (المسيرات الحاشدة) المدعومة والموجهة والمقررة، المسيرات المسيَّرة حزبياً، مسيرات النكاية، ليس نكاية في أعدائنا، بقدر ما هي نكاية في منافسينا من أبناء وطننا؟
إلى متى ستنتهي مقاولات الأحزاب لتضليل القاصرين، ممن هم ليسوا في سن النضوج، لنُشركهم في خصامنا، ونُدمجهم في أحزابنا بالتضليل، وأن نُضللهم بإغراءات السندوتشات والمشروبات، مستغلين ضائقة الأسر وفقرها؟
متى سنضع ميثاق شرف وطنيٍ لحماية القاصرين والأطفال، ممن نُلبسهم ملابس الجنود، ونغريهم بحمل السلاح، ونصفق لهم إذا غنوا أغانينا، التي لقنَّاها لهم، دون أن يفهموا معانيها؟ أليس إخراجُهم من طفولتهم، إلى كهولتنا جريمةً في حقهم؟
إلى متى سنُلغي (موسم) البوسترات، ولوحات الصور والإعلانات، التي تمزقها الرياح، بعد انتهاء الرقصة؟
أليس مُجدياً أن نُغير هذا التقليد التراثي البائد، بكتبٍ مصورة، وأفلامٍ موثَّقةٍ عن أسرانا وأبطالنا، ومصابينا، وجرحانا، بكل لغات العالم، وليس بلغتنا العربية؟
متى سنتخلص من عقدة (الحساب الكمي)، الحساب العددي للمشاركين والمشاركات في المسيرات والفعاليات الثقافية والوطنية، ليصبح (الحساب الكيفي) والتأثير العملي هو المقياس؟!
ادعموا صمود أهلكم باستحداث باب التبرعات لصندوقٍ وطني لدعم البؤساء والمعوزين، ولتكن التبرعات بأثمان البوسترات، والمواصلات، والطاقيات، والبلوزات، والمشروبات، وما في حكمها.
يا سياسيينا: إن جماهيرنا الفلسطينية في الألفية الثالثة، أكثر وعيا منكم؛ لأنهم  يعيشون الأحداث، ويكتوون بنارها، ويكتشفون خيرها من شرها.
الأمم والشعوب كما الأنهار، تأسنُ مياهها وتجفُّ، ويصيبها القحطُ، إذا توقفتْ عن الجريان والتغيُّر.