اللعب مع الكبار

thumbgen (11).jpg
حجم الخط

 

العنوان لفيلم مصري من إنتاج وحيد حامد، وإخراج شريف عرفه وبطولة عادل إمام وحسين فهمي ومحمود الجندي وعايدة رياض عام 1991. ورغم أن قصة الفيلم تختلف عن الموضوع، الذي سأثيره. لكن العنوان يتطابق مع موضوع الدولة القطرية (وأشكر الصديق باسم، الذي لفت نظري للعنوان، ونحن نتحدث حول ازمتها) مع العربية السعودية والكويت والإمارات والبحرين (اعضاء مجلس التعاون الخليجي الأساسيين، لم يبق سوى سلطنة عُّمان) ومع الشقيقة الكبرى مصر، وسأغض النظر عن الموضوع الفلسطيني، حتى لا يبدو التعرض للموضوع وكأنه ردة فعل على ما ورد على لسان الأمير تميم بن حمد. لكن سأتوقف امام القضايا الأخرى، التي تضمنتها كلمة الحاكم القطري في حفل تخريج الدفعة الثامنة من مجندي الخدمة الوطنية يوم الثلاثاء الماضي، وأكد فيها على دعمه للجماعات التكفيرية وجماعة الإخوان المسلمين وإيران، وفي نفس الوقت هاجم الدول العربية المذكورة آنفا، أضف إلى انه غمز من قناة الرئيس دونالد ترامب، معتبرا إياه في عداد المعزول، متسلحا بجملة القضايا المثارة في الولايات المتحدة ضد الرئيس الجمهوري. وإعتبر ان حصانته مرهونة بوجود قاعدة العديد، أكبر قاعدة عسكرية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط ، وأكد على علاقاته الإستراتيجية مع إسرائيل؟!

ورغم ان وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، نفى ما تناقلته وسائل الإعلام، وأشار إلى انه تم إختراق موقع وكالة الأنباء القطرية "قنا" من قبل هاكرز. إلآ ان الوقائع، التي اوردتها فضائية "العربية" و"سكاي نيوز" وغيرها من المنابر العربية والأجنبية، تشير إلى ان النفي غير دقيق، ويجافي الحقيقة، فقالت "العربية" هناك اربعة معطيات تتناقض مع الرواية القطرية، هي: "اولا التلفزيون القطري يعرض تصريحات تميم على الشريط الإخباري قبل ساعات من إدعاءات خبر الإختراق. ثانيا الوكالة القطرية نشرت تصريحات تميم على حسابها في "إنستجرام" باللغة العربية، وحساب "إنستجرام" تابع لموقع "فيسبوك" ومربوط بمعلومات أمنية من الصعب جدا إختراقها. ثالثا الوكالة القطرية نشرت فجرا تصريحات تميم بحسابها على "إنستجرام" باللغة الأنكليزية. وقام حساب الوكالة القطرية على "إنستجرام" بالإنكليزية بنشر الخبر، بعدها تم حذف الحساب بالكامل. رابعا وكالة "قنا" نشرت تصريحات تميم بحسابها على غوغل بلس يصعب إختراقه، وتفخر شركة غوغل دائما بذلك." وبالتالي ما اشارت له فضائية "الجزيرة" القطرية وممثلي الدولة في الدوحة لا تدعمه الوقائع الدامغة. نعم صحيح هناك عمليات إختراق من قبل الهاكرز للعديد من مؤسسات ومواقع الدول، ولكن هذا شيء وما جاء في خطاب الأمير القطري شيء آخر. وهنا لا انافش المتناقضات، التي ولفها الحاكم الشاب. وانما ارصد صدقية ما ورد.

إذا فيما لو تناول  اي مراقب موضوعي ما جاء على لسان الأمير تميم، لوجد انها تنسجم تماما مع السياسة القطرية، فاولا وضعت الأمارة او الدولة نفسها في موقع المنافس للسعودية وللشقيقة الكبرى، وبنفس السياق عملت على تجاوز كل من الإمارات العربية والكويت والبحرين، ولم تحسب حساب لإي دولة عربية، لا بل كانت في موقع النقيض مع مصالح العرب. وكانت تتسلح بالدعم غير المحدود من قبل إدارة الرئيس اوباما، وتعمل وفق المخطط الأميركي الإسرائيلي؛ ثانيا علاقاتها السياسية والتجارية والأمنية مع إسرائيل واضحة ولا تحتاج لإكتشاف من جديد؛ ثالثا هي حاضنة جماعة الإخوان المسلمين الدولية بما فيها حركة حماس الفلسطينية؛ رابعا شعرت أن سياسة الرئيس الأميركي الجديد لا تتناسب مع توجهاتها او لنقل بوضوح مع تضخم دورها، وغرور سياسييها نسي الحكام أنفسهم، فأعماهم الغرور؛ خامسا المؤتمر الأميركي العربي والإسلامي، الذي عقد في السعودية بمشاركة 55 دولة ويحضور الرئيس ترامب، كان رسالة واضحة للأمير تميم، ان دور قطر يتجه نحو الإضمحلال، وفي ذات الوقت، هو إعادة الإعتبار للدول المركزية في المنطقة العربية والعالم الإسلامي، وهذا إنعكس في طريقة الإستقبال لحاكم قطر، وايضا للكيفية، التي تعامل فيها صانع السياسة الأميركية الجديد معه؛ سادسا قاعدة العديد والسيلا، ليست ضمانه ولا تعطي حصانة، وكما قال احد اعضاء الكونغرنس، ان الولايات المتحدة جاهزة فورا لنقل القاعدة من قطر، وطالب الأمير القطري بالوقوف عند حدوده، والآ يتجاوز السقف المرسوم له في المعادلة السياسية الجديدة او في العهد الترامبي.

 مما تقدم يخلص المرء إلى النتيجة التالية، ان الدول الصغيرة حتى لو كانت تملك النفط والأموال والموقع، هي في المحصلة ليست أكثر من أداة متواضعة في أجندة الكبار. وترك الحبل على الغارب لقطر في المرحلة السابقة منذ الحرب على العراق 2003 حتى وصول ترامب مع مطلع العام الحالي، كان لإعتبارات أميركية ويخدم توجهاتها السياسية والأمنية والإقتصادية. ولكن معادلات الدول الكبرى تتغير بتغير الظروف، وبالتالي ماكان ممكنا بالأمس، ليس ممكنا اليوم، ودوام الحال من المحال. وعلى الصغار ان يتنبهوا جيدا جدا لمواقعهم وادوراهم، وان لا ينسوا انفسهم عندما يلعبوا في ملاعب الكبار، لإن عجلة السياسة والتاريخ يمكن ان تقلب الأمور رأسا على عقب في رمشة عين.