كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في مؤتمر صحفي عقده في مكتبه الإقليمي بمدينة غزة اليوم الأربعاء عن عدة مؤشرات صادمة، خلال تقرير شامل أعده حول تداعيات الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة المستمر منذ 9 سنوات.
وقالت الناطقة باسم المرصد مها الحسيني في كلمة لها إن العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة صيف 2014، فاقم من أزمات القطاع المختلفة، وأدى إلى تردي الأوضاع الاقتصادية بشكل خطير.
وبحسب ما يوضح تقرير المرصد الحقوقي فإن الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة كان له أثر كبير على تدهور الحالة الإنسانية للاجئين في القطاع، والذين يشكلون العدد الأكبر من سكانه وبلغ عددهم 1.2 مليون لاجئ من أصل 1.8 مليون نسمة، حيث تسبب الحصار ونتيجة لصعوبة توفير الأمن الغذائي والحاجات الأساسية في ارتفاع عدد اللاجئين المحتاجين إلى 800.000 لاجئ خلال السنوات القليلة الماضية.
وقال المرصد الحقوقي الدولي في تقريره إن الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ تسع سنوات يتنافى مع التزامات سلطات الاحتلال الإسرائيلي بموجب القوانين والاتفاقيات الدولية، حيث تحمّلت اتفاقية جنيف الرابعة (1949)، والتي وقّعتها إسرائيل، مسؤولية أمن ورفاهية المواطنين الذين يعيشون في الأراضي التي تقع تحت احتلالها.
وأضافت " يوجد70% من سكان قطاع غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي جراء اعتمادهم على المساعدات الغذائية قبل الهجوم الإسرائيلي الأخير على غزة صيف 2014"، موضحةً أن هذه المساعدات انعدمت بعد الهجوم ليصبح معظمهم عاجزين عن توفير الاحتياجات الأساسية.
وأوضحت أنه نتيجة للهجوم الأخير سيعاني نحو ثلث الأطفال الجرحى من إعاقات طويلة الأمد، فيما لا يزال هناك حوالي 10.000 نازح يعيشون حالياً في مدارس تابعة لأونروا.
وبحسب المركز، فإن معدل الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر في قطاع غزة أكثر بمرتين منه في الضفة الغربية، حيث فقد أكثر من 80.000 شخص يعيلون حوالي نصف مليون فرد أعمالهم منذ عام 2007.
وعلى صعيد معبر رفح لفت المرصد إلى أن السلطات المصرية أغلقت المعبر لفترة تقدر بحوالي 70% منذ فرض الحصار الإسرائيلي على القطاع، فيما بقي المعبر في عام 2014، مغلقاً لحوالي 66% من الوقت.
وأشار التقرير الحقوقي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع بعد عزله عن العالم الخارجي إثر إغلاق معبر رفح على الحدود مع مصر لفترات طويلة خلال الأعوام القليلة الماضية، ولا يقتصر تأثير الإغلاق على حركة الأفراد من وإلى القطاع فحسب، بل يمتد إلى جوانب الحياة اليومية، إلى جانب ذلك فإن الإغلاق المستمر لمعابر القطاع يتسبب في إعاقة دخول مواد البناء الأساسية اللازمة لإعادة إعمار غزة.
ويعاني سكان قطاع غزة من قيود مشددة على دخول الوقود وارتفاع أسعاره بشكل كبير، في الوقت الذي تعمل فيه محطة الكهرباء الوحيدة في غزة بنسبة 46% من طاقتها التشغيلية الكاملة بسبب أزمة الوقود.
وقال الأورومتوسطي في تقريره إنه ونتيجة للقيود التي تفرضها "إسرائيل" على قطاع الصيد، فقد انخفض متوسط الثروة السمكية من 3.650 طن متري إلى 1.938 طن متري، وهو ما يعني أن القيود الإسرائيلية تتسبب في خسارة نحو 47% من الثروة السمكية سنوياً، إلى جانب أنها أدت إلى انخفاض عدد الصيادين المسجلين في قطاع غزة من 10.000 إلى 3.500 صياد حتى العام 2013.
ونتيجة لفرض "إسرائيل" منطقة عازلة تمتد بعمق ثلاثة كيلو مترات داخل أراضي قطاع غزة، مقتطعةً نحو 35% من الأراضي الزراعية لدوافع أمنية، أعيق عمل المزارعين، حيث أصبح الاستثمار في تلك المناطق شبه مستحيل في ظل منع إسرائيل وصولهم لها. ونتيجة لذلك فإن نحو 89% من العائلات في غزة تواجه صعوبات في توفير احتياجاتها الأساسية.
وفيما تكبد القطاع الزراعي خسائر تقدر بـ 60 مليون دولار خلال عام 2014؛ نتيجة القيود الإسرائيلية التي تفرضها على القطاع وعلى حركة المزارعين.
وفيما يتعلق بالقطاع الصحي أوضح تقرير الأورومتوسطي أن غالبية المرضى لا يتلقون العلاج المناسب بسبب الحصار وقلة الإمكانيات، حيث ومع نهاية شهر يوليو/تموز 2013، كان نحو 27% (128 نوع) من الأدوية انعدمت تماماً في مستشفيات قطاع غزة.
ولفت تقرير المرصد الأورومتوسطي إلى أن حوالي 95% من المياه في غزة لا تطابق معايير منظمة الصحة الدولية للمياه الصالحة للاستخدام، ويضطر نحو من 80% من السكان لشراء مياه الشرب، فيما تعجز العائلات الفقيرة جداً عن توفير مياه صالحة للشرب لتغطية كافة احتياجاتها اليومية.
ولفت تقرير الأورومتوسطي إلى الهبوط الحاد الذي شهده الاقتصاد في غزة خلال العقد الأخير والذي تسبب في اعتماد حوالي 80% من سكان القطاع على المساعدات الدولية. إلى جانب ذلك، فقد تراجع النمو الاقتصادي عقب الهجوم الأخير على القطاع لحوالي سبع سنوات إلى الوراء.
ونتيجة للحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة وصل معدل البطالة إلى حوالي 42.8% في الربع الأخير من عام 2014، وتسببت القيود الإسرائيلية بتوقف حوالي 90% من المشاريع في القطاع، فيما تسبب الهجوم الإسرائيلي الأخير على غزة بالتدمير الكلي أو الجزئي لـ 936 منشأة.
يذكر أنه تم تقديم نحو 17% فقط من المبلغ الذي تعهد بتقديمه في مؤتمر إعادة الإعمار الذي عقده المجتمع الدولي في القاهرة، حيث تعهدت الدول المشاركة بتقديم 5.4 مليار دولار. فيما قد تطلب عملية إعادة إعمار قطاع غزة نحو 23 عاماً إن استمرت الأوضاع في القطاع على ما هي عليه الآن.
ودعا الأورومتوسطي في نهاية تقريره دول الاتحاد الأوروبي للعمل الجاد على إنهاء الحصار الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة وعدم التساوق معه.
وأوصى الأورومتوسطي السلطة الفلسطينية بضرورة تضمين ملف حصار قطاع غزة ضمن الملفات المقدمة إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية على اعتبار أن الحصار جريمة حرب ولا بد من معاقبة المتسببين فيه.
وطالب بالعمل على محاسبة ومحاكمة المسؤولين عن استمرار حصار قطاع غزة وممارسة العقاب الجماعي وتجویع السكان المدنیین وتدمیر الأعيان المدنية فيه، باعتبار هذه الأفعال تمثل جريمة حرب.