يحل شهر الخير رمضان هذا العام، وما زال الحال باقياً كما هو من حصار مطبق، وأزمات متلاحقة، وإعمار متوقف، وخصومات كبيرة طالت رواتب الموظفين، وآلام قديمة جديدة يعايشها سكان قطاع غزة، بفعل جبروت الاحتلال وسطوته، بالإضافة إلى الانقسام الداخلي بين شطري الوطن في الضفة وغزة.
على الرغم من الظروف الحالكة التي يعيشها قطاع غزة، وحرمان سكانه من أبسط الحقوق الإنسانية، إلا أن الحياة ما زالت تنبعث، ويتجول المواطنين في أسواق غزة محتفلين بقدوم شهر الخير والبركات، حيث تجد المارة يتجولون للتبضع ببعض حاجيات الإفطار لتلبية احتياجات الأسرة ومتطلباتها، وتفتح المطاعم أبوابها لتزويد المواطنين بأكلات رمضانية يعتاد المواطن الفلسطيني على أن تكون حاضرة في مائدة الإفطار.
مراسل وكالة "خبر" تجول في أسواق مدينة غزة، لاستطلاع آراء المواطنين وأصحاب المطاعم حول الأوضاع التجارية الراهنة، ومدى إقبال المواطنين على التزود باحتياجات الشهر الكريم.
بدوره، قال صاحب أحد المطاعم ويدعى "معتز عبدو"، إن شهر رمضان يعتبر موسماً مهماً، خاصة أنه يتبعه موسم العيد وإجازة الصيف، إلا أن هذا الموسم هو الأسوأ منذ سنوات، وذلك بسبب تفاقم أزمة الكهرباء، موضحاً أن مصاريف تشغيل المطعم في اليوم الواحد تبلغ (2200) شيقل، الأمر الذي يزيد من حجم الأعباء في وجه مطعم يُعيل عدة أسر.
وأكد عبدو خلال حديثه لمراسل وكالة "خبر"، على أن إغلاق المعبر بشكل دائم أدى إلى تفاقم الأزمات بغزة، الأمر الذي عاد بالسلب على الأوضاع الاقتصادية، مشيراً إلى أن استمرار الحركة التجارية على المعبر تؤدي إلى إنعاش الحياة وضخ البضائع، وتغيير الوضع الحالي إلى الأفضل.
من جهته، قال تامر رجب وهو صاحب أحد محلات الخضار والفاكهة، "إن القدرة الشرائية للناس ضعيفة جداً، بسبب قلة الدخل وعدمه عند البعض، فبدلاً من أن يقوم المواطن بالتسوق بمبلغ100شيقل، أصبح يتسوق بمبلغ 20شيقل، لشراء اللوازم الأساسية فقط".
من جانبه، أشار صاحب مصنع حلويات "السودة" للكعك والمعمول، إلى أن الوضع الاقتصادي يعتبر الأسوأ منذ فرض الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة قبل نحو عشر سنوات، مبيّناً أن الباعة يعرضون بضائعهم في الأسواق برأس المال دون إضافة أي مكسب.
وشدد السودة، على أن الوضع الاقتصادي في غزة، لا يبشر بالخير مطلقاً، لافتاً إلى أن انتشار البطالة بين الخريجين وفرض الحصار الإسرائيلي، بالإضافة إلى الانقسام بين شقي الوطن، أدى إلى سوء الأوضاع الاقتصادية بشكل كبير لا يمكن تحمله.
لم يختلف الحال كثيراً، مع طارق حمادة وهو صاحب أحد محلات الملابس الشبابية، حيث أكد على "أن الأسواق تشهد حركة تجارية ضعيفة على الرغم من قرب حلول موسم العيد"، لافتاً إلى أن الخصومات التي طالت رواتب موظفي السلطة الفلسطينية، أثرت بشكل كبير على الحركة الشرائية في الأسواق المحلية.
ونوه حمادة، إلى أن المواطن يضع لنفسه سلم أولويات في التسوق والتزود بأي منتج، حيث بات في الوقت الحالي يقوم بشراء الطعام والشراب عوضاً عن شراء الملابس، مؤكداً على أن التجار وأصحاب محلات الملابس يتكبدون خسائر فادحة جراء الوضع الراهن.
يشار إلى أن أسواق غزة تمتلئ بالمتسوقين الراغبين بالتزود بالحاجيات الرمضانية من حلويات وقطايف وخروب ومخللات وأجبان وألبان وتمور، إلا أن الأزمات الراهنة أرقت جفون الغزّيين وأثقلت كاهلهم، خاصة أزمة استمرار انقطاع الكهرباء التي أجبرت المواطنين على تناول طعام الإفطار والسحور في حلكة الظلام.